حدث في مثل هذا الشهر.. "بداية معركة الجمل 36 هـ"

  • 184


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

فبعد مقتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كُسر الباب وفُتحت الفتن على الأمة الإسلامية بتحريض من عبدالله بن سبأ اليهودى -الذي ادّعى الدخول في الإسلام- على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بقوله "إنه ضعيف، وأنه يولي قرابته"، فألبّ أتباعه من مصر والكوفة والبصرة؛ لحصار المدينة، حتى قتلوا عثمان -رضي الله عنه- فحدث الخلاف في الاجتهاد بين علي بن أبي طالب وأهل الكوفة في العراق في طرف، وبين عائشة -رضي الله عنها- وطلحة والزبير في طرف.

فعائشة والزبير -رضي الله عنهما- يطالبان بالثأر من قتلة سيدنا عثمان ابتداء قبل مبايعة سيدنا عليّ، ولكن سيدنا عليّ يرى المبايعة أولًا حتى يستتب له الأمر، ولأن الثوّار لهم حمية وعصبية وأتباع وقبائل ولا يعرف أعيانهم، وحتى لا تحدث فتنة أشد؛ فخرجت عائشة -رضي الله عنها- على جمل في مقدمة جيش قوامه ستة آلاف مع طلحة والزبير، وقد أنكر عليها أبو بكرة وقال لها: "لا يصلح قوم ولوا أمرهم امرأة".

وخرج سيدنا علي –رضي الله عنه- ومعه عشرة آلاف من أهل الكوفة والعراق، وقد حاولوا التواصل للتوافق في الرأي وحل الخلاف والتصالح والتفاوض، ولكن أبى الثوار والخوارج والمنافقون فقاموا بالاندساس في كلا الجيشين حتى اشتعلت الفتنة والقتال، وقد حاولوا إطفاءها ولكن بلا فائدة حتى قتل طلحة والزبير وعُقر جمل السيدة عائشة وانتصر سيدنا علي وانتهت المعركة، ورد السيدة عائشة -رضي الله عنها- معززة مكرمة إلى المدينة وقد أنكر عليه الخوارج أنه قاتل ولم يسبِ، فكيف يسبي أم المؤمنين؟ وعندما أتى برأس الزبير بن العوام بكى وبشر ابن جرموز قاتل الزبير بالنار لقول النبي --: " بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ"، والخلاف الذي حدث خلافًا في الاجتهاد، وليس صراعًا على السلطة والملك والمنصب والدنيا كما يصور الشيعة أو العلمانيون والمنافقون، فالمجتهد المصيب هو سيدنا علي والمخطىء هي السيدة عائشة -رضي الله عنها- والزبير، قال ﷺ:ذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".

فالواجب هو الإمساك عما شجر بين الصحابة وعدم الخوض في أعراضهم كما عافانا الله من الخوض في الدماء، ونحسبهم ممن قال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}، ولا يجوز الطعن في عدالة معاوية أو طلحة أو الزبير أو عائشة، والبغي لا يعني الفسق أو الاتهام أو السب أو الطعن في الديانة، وقد اعتزل سعد بن أبي وقاص وسعد ابن عبادة وعبدالله بن عمر وأسامة بن زيد القتال مع أي من الطرفين.