مِن ثمارهم تعرفونهم... "داعش" وإنجازاتها!

  • 219

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد دأبتْ "داعش" على تشويه الإسلام وإظهاره في صورةٍ منفـِّرة، تطرد الناس عنه طردًا مِن خلال أفعالها الإجرامية، وتصرفاتها الوحشية الشنيعة التي لا تمتْ للجهاد الشرعي بصلةٍ؛ مما لا يدع مجالًا لكل ذي عقل أن يقطع أن هؤلاء "الدواعش" لا يمثـِّلون الإسلام أو الجهاد الشرعي؛ فإنهم لم يصلحوا دينًا أو دنيا، ولا يزيدون الأمور إلا سوءًا؛ بل تزداد الهوة بينهم وبيْن مخالفيهم عمقًا، ويزداد الخرق عليهم اتساعًا.

ومِن ثمارهم تعرفونهم!

فإن معرفة حال أي جماعة أو كيان -أو شخص- يُعرف: "إما بمباشرتهم بالتعامل معهم - وإما بما يبلغ المرء عنهم مِن الأخبار المتواترة ومِن أخبار الصادقين لمَن لم يباشرهم".

- قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في جوابه عن سؤالٍ عن التتار وحكم قتالهم: "وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمَعْرِفَةُ بِحَالِهِمْ. وَالثَّانِي مَعْرِفَةُ حُكْمِ اللَّهِ فِي مَثَلِهِمْ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَكُلُّ مَنْ بَاشَرَ الْقَوْمَ يَعْلَمُ حَالَهُمْ وَمَنْ لَمْ يُبَاشِرْهُمْ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَأَخْبَارِ الصَّادِقِينَ" (مجموع الفتاوى).

- و"داعش": تحرص على أن تصور للعالم أن مرجعيتها في أفعالها "الإجرامية" مرجعية إسلامية، وأنها تنطلق مِن منطلقاتٍ شرعيةٍ سُنيَّة، وقد تستدل ببعض الكتابات لشيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ترويجًا لضلالها على العامة والشباب حدثاء الأسنان، وخديعة لمَن لا يعرفها!

وكل مَن تأمل في أفعال هؤلاء "الدواعش" وإجرامهم؛ علم يقينًا فساد منهجهم وتدليسهم، وقبح طريقتهم التي يفتخرون بها مِن التعذيب بالنار وحرق المخالفين لهم وتصوير ذلك، وزعم إقامة الحدود بصورةٍ وحشية تجعل مِن الإسلام في نظر الآخرين دينًا همجيًّا يتعطش إلى سفك دماء غير المسلمين -بل والمسلمين أنفسهم الذين يحكمون بردتهم جهلًا وعدوانًا!- وتعذيبهم، والاستمتاع بذلك!

فما "إنجازات داعش" التي تدعو إلى موافقتها ومتابعتها؟!

- إن "داعش": عملتْ على تشويه منهج أهل السُّنة والجماعة بنسبة أنفسهم لهم، والتشنيع على أهل السُّنة الحقيقيين، وتأكيد مزاعم الحانقين والحاقدين من رمي أهل السُّنة والسلفيين بأوصاف الإرهاب والتطرف وغيرها؛ مما يؤدي -بل أدى- إلى استنفار وتكالب الكثير مِن الدول والقوى لحصار أهل السُّنة ودعوتهم المعتدلة، والتضييق عليهم في كل مكان؛ باسم حرب الإرهاب!

- و"داعش": تقدِّم صورة مشوهة عن الإسلام، وأنه دين الإرهاب والعنف والوحشية، فيوهمون -بصنيعهم هذا!- صدق ما تروِّج له الدوائر المعادية للإسلام مِن أنه دين القسوة والعنف والإرهاب!

- و"داعش": تعطي المسوغات لأعداء الإسلام لمحاصرة الإسلام -الذي ينتشر في الغرب والشرق بصورة تفزع أعداء الإسلام؛ إذ إنه أسرع الأديان انتشارًا- والتضييق على المسلمين في بلادهم.

- و"داعش: تقوم بما يعجز عنه أعداء الأمة مِن قتل المسلمين في بلادهم وأوطانهم، وجنود الجيش والشرطة في بلدان أهل الإسلام؛ فهم يقومون بتلك المهام القذرة بالوكالة عن أعداء الإسلام.

- بل إن "داعش": تنفـِّر المسلمين أنفسهم مِن دينهم لما يصدرونه لعامة المسلمين مِن تصوراتٍ خاطئة عن الإسلام، ولما يتعرض له هؤلاء المستضعفون مِن إيذاءٍ شديدٍ على أيدي "داعش" باسم الإسلام -زعموا!-.

- و"داعش": دأبتْ على تعذيب مَن تحكم عليهم بالقتل والإعدام وحرقهم إحياءً، والعبث بحرمة الموتى والتمثيل بهم، وقطع رءوسهم؛ كل هذا باسم الجهاد! 

- و"داعش": دأبتْ على توعد المسلمين "بل صفوتهم مِن أهل العلم والدين" وتنفيذ أعمالهم الإجرامية في بلاد أهل الإسلام، والعدوان على دمائهم وحرماتهم، ونشر الفوضى أينما كانت، وأينما حلَّتْ! بل وصل بهم الحال وبأمثالهم إلى استباحة حرمات المساجد وقتل المصلين الساجدين كما وقع في "مسجد الروضة!".

فلصالح مَن تكون هذه الأفعال؟!

وأين هم مِن أعداء الإسلام الذين يتربصون بالإسلام وأهله في المشارق والمغارب؟!

فهم يحاربون أهل السُّنة والجماعة مِن أتباع المنهج الصافي الذي كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، ويرون أن أهل السُّنة لا يستحقون إلا القتل والإبادة! -عافانا الله مِن شرورهم وفسادهم-، ويعملون على إبادة العنصر السُّني في وتدمير مناطق السُّنة ومؤسساتهم، بل ومساجدهم، في حين أنهم لا يقتربون مِن الشيعة وغيرهم.

- و"داعش": مِن أول نشأتها تعرقل مسيرة الدعوة إلى الله، والجهاد الإسلامي ضد المحتلين والغاصبين مِن العلويين وغيرهم، ولا تحرص على قتال أعداء الإسلام، بل يتوجهون لقتال أهل الإسلام -وحصار المجاهدين منهم- لصالح أعدائهم؛ فقد صدق عليهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخوارج -كلاب أهل النار-: (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ) (متفق عليه).

- و"داعش": جمعتْ بيْن تكفير المسلمين، وبيْن استباحة دمائهم "وكلاهما مصيبة مهلكة"، لكن داعش لم تكتفِ بسفك دماء المسلمين، بل جعلت تكفير المخالف لها أصلًا، رتبتْ عليه استحلال دمه وحرمته!

ألا هم العدو فعلينا أن نحذرهم، وأن نحصِّن شبابنا وأبنائنا مِن فسادهم وسوء صنيعهم.

نسأل الله أن يعافي المسلمين مِن شرورهم، وأن يسلِّم بلادهم، وأن يرد كيد أعدائهم في نحورهم.