الفلاح ضحية قرارات الحكومة.. "البيئة" تحرر محاضر حرق قش الأرز.. و"الزراعة" لم توفر البديل المناسب

  • 88
صورة أرشيفية

مع انتهاء موسم حصاد الأرز من كل عام تبدأ معاناة الفلاح مع تلك المشكلة التي باتت معقدة ، بل وتؤرق الفلاح والدولة معا.


الحكومة من ناحيتها تُلقي باللوم على الفلاح دون أن توفر له أي مساعدة للتخلص من هذا الحمل الذي أثقل ظهره وشغل أرضه، فالفلاح بين نارين إما التخلص عن طرق الحرق أو ترك القش ليتراكم بأرضه ويأكل من مساحتها الصالحة للزراعة بما يحرمه جزءًا كبيرًا منها.


حول هذه المشكلة يرى الدكتور صلاح حافظ، رئيس جهاز حماية البيئة السابق، أن عدد المرضى يتضاعف في موسم حصاد الأرز بنسبة ملحوظة، وفي معظم الحالات تكون إلتهابات صدرية، وتكون بمثابة كارثة لمن يعاني من مشاكل وحساسية صدرية خاصة مرضى الإلتهاب الرئوي، وأغلب االمرضى في هذه الفترة يتم عمل جلسات استنشاق وتنفس صناعي.


وأضاف حافظ، أن عملية حرق قش الأرز والغازات الناتجة من عملية الحرق وأهمها غاز ثاني أكيد الكربون يؤدي إلى مزيد من تآكل في طبقة الأوزون، كما أن استمرار الحرق يؤدي إلى تغير المناخ وزيادة ثاني أكسيد الكربون في الهواء عن الأكسجين؛ مما يؤثر على الانسان.


ويقول المهندس أحمد أبو السعود، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، إن قش الأرز يحتل المركز السادس بعد القمامة في تلويث البيئة، والدخان الناتج من حرقة لونه أبيض ولا يعلق بالسحب وإنما السحب السوداء تتكون نتيجة حرق القمامة وعوادم السيارات ومصانع الطوب، لافتا إلى أن معدل تلوث البيئة الناتج عن حرق الأرز انخفض عن الأعوام السابقة، حيث تم تسجيل 600 حريق العام الماضي انخفضت إلى 52 حريقا هذا العام، وتم الكشف عنهم بالإنذار المبكر للحرائق، وتم تغريم المخالفين نتيجة إبرام برتوكولين مع وزارة البيئة لتدوير قش الأرز لتحويله إلى أسمدة عضوية أو علف للحيوانات.


وأوضح أبو السعود، أن البروتوكول الأول يستهدف المزارع الصغير لتحويل 100 ألف طن من قش الأرز بأربع محافظات "القليوبية، الشرقية، الدقهلية، الغربية" إلى كومات أسمدة وذلك عن طريق إعطاء الفلاح مستلزمات الإنتاج كالبلاستيك واليوريا ومادة "em" (مخصب بكتيري حيوي)، بالإضافة إلى إعطائه حافز إثابة يقدر بـ82 جنيها لكل طن، مع احتفاظ الفلاح بالمنتج لاستخدامه بأرضه وتسويق الفائض عن حاجته، لافتا إلى أن الفلاحين يقبلون على تحويل القش إلى أعلاف لتغذية الحيوانات لارتفاع أسعاره في الأسواق، فضلا عن احتوائه على مادة السليلوز "المادة المالئة" والتي تعد بديلا للبرسيم خلال الـ40 يوما التي لا يوجد بها مادة مالئة خضراء "البرسيم".


وأشار إلى أن البرتوكول الثاني يستهدف تدوير 200 ألف طن قش أرز بنفس المحافظات التي يطبق فيها البروتوكول الأول، وستنتفع به الجمعيات الأهلية والتعاونية والشباب، مؤكدا أن العائد من بيع الناتج من تدوير قش الأرز سواء أسمدة عضوية أو أعلاف سيكون لهذه الجمعيات، مشيرا إلى أن مبدأ الإثابة يتم تطبيقه كما يتم تطبيق مبدأ العقاب، وذلك ضمن شروط الاتحاد الأوربي الممول لهذه البروتوكولات، مشيرا إلى أن قطاع الإرشاد يقوم بجهود منفردة بعيدا عن وزارة البيئة بخمس محافظات لتدوير قش الأرز.


فيما قال الدكتور مجدي علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، إن الفلاح لا يشعر بدور وزارة الزراعة في حل مشكلة قش الأرز، وكل ما يتم الإعلان عنه من مشاريع لتدويره وتحويله إلى أسمدة أو أعلاف شو إعلامي فقط ومجرد حبر على ورق لا يشعر بأثره المزارع البسيط، مؤكدا أن الحالة الاقتصادية للفلاح تزداد سوءا باستمراره في عمليات الزراعة لغياب دور الدولة عن دعمه، مشيرا إلى أن الفلاح لا يجد بديلا موفرا أو رخيصا لحرق قش الأرز، ولذلك يحرقه لأنه لن يستطيع تحمل نفقات العمالة والنقل إلى أماكن تدويره، هذا بجانب أنه لا يوجد مندوبون عن الوزارة لرفع وعي الفلاحين بالعائد والنفع الذي سيعود عليه من تحويل هذه المخلفات إلى ناتج يمكن أن يوفر عليه الكثير إذا تم استخدامه في تغذية حيواناته أو تسميد أرضه.


ويقول الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن هناك عدة طرق يمكن اتباعها بديًلا عن حرق قش الأرز للقضاء على السحابة السوداء، حيث يمكن عمل إعادة تدوير له واستخدامه كأسمدة، كما يمكن دخوله في العديد من الصناعات.


وأضاف نور الدين، أن المشكلة الرئيسية تكمن في تكلفة جمع قش الأرز من الحقول، لافتًا إلى أنها تتكلف مبالغ باهظة، وتحتاج معدات لضغطه ونقله؛ وبالتالي فإن الفلاح يحرقه توفيرًا للجهد والمال.


وتابع : لا يمكن الاعتماد على الدولة بمفردها في حل هذه المشكلة لان اقتصاديات الحكومة محدودة؛ وبالتالي لا بد من تحفيز وتشجيع شركات القطاع الخاص على الدخول في مجال تدوير المخلفات الزراعية، مطالبا بضرورة تعديل التشريعات المطاطة، وعمل منظومة متكاملة للقضاء على مشكلة السحابة السوداء بتكاتف كافة الجهات المسؤولة كوزارتي البيئة والزراعة.