ثغرات قانون "الاستثمار الجديد" كارثية "تقرير"

  • 171
أرشيفية

ثغرات قانون الاستثمار الجديد "كارثية"

نائب رئيس الوزراء السابق لـ"الفتح": معيب.. ونسخة بالكربون من قانون 71

وزير الصناعة الأسبق: الاستثمارات البنَّاءة توقفت.. وحديث الحكومة عن الصناعة مضيعة للوقت

كتب- طارق بهجات

أعرب عدد من الخبراء والمسئولين عن تخوفهم إزاء قانون الاستثمار الجديد الذي تستعد الحكومة لإحالته إلى مجلس النواب ومن ثم إقراره قبل نهاية العام الجاري.

وأوضح المختصون أن القانون مليئ بالثغرات ومعيب ويعطي المنح والإعفاءات للمستثمر الأجنبي دون أن يحدد النقاط التي تسمح بالتهرب من إعطاء الدولة مستحقاتها، معتبرين إياه نسخة مكررة بـ"الكربون" من قانون 71 الذي أصدره الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

هاجم الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير التعاون الدولي السابق، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار السابق، القانون الجديد الذي تناقشه الحكومة في هذا التوقيت، لافتًا إلى أن القانون يحتوي على العديد من الثغرات والعيوب القانونية الكارثية، على حد وصفه.

وقال بهاء الدين لـ"الفتح" إن منح الإعفاء الضريبي يمنع الدولة من مواردها الأساسية ويزيد حجم الفجوة التي تحدث كل عام ما بين الحصيلة الضريبية المتوقعة والمتحصلة، والقانون المُزمع إصداره ما هو إلا  "نُسخه بالكربون" من قانون الاستثمار الذي صدر عام 1971 إبان حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات؛ كاشفًا أن البنية الهيكلية للقانون لم تتغير منذ 45عامًا، وأن التعديلات التي أتت عليه خلال السنوات الماضية لم تقدم أي جديد، بالعكس فالقائمة توضح أن الأنشطة والمزايا تأخذ نفس المزايا وبالحوافز كأننا ندور في حلقة مفرغة، متسائلًا: لماذا يعود الحديث الآن عن هذا القانون المعيب، وبالتحديد في هذا التوقيت؟

وأوضح أن الحكومة ما زالت تُصرعلى تقديم كل المنح للمستثمرين الأجانب رغم وجود إشكالية ضريبية ما بين مصر وعدد من البلدان التي لا تقبل إعفاءات إلا إذا سددت الضرائب في بلد التصنيع مثل ألمانيا وفرنسا، معتبرًا ما يحدث في مصر تنازلات غير مبررة وفي غاية الغرابة، قائلا: "نحن نتبرع لهم بالضرائب"!

وأضاف نائب رئيس الوزراء السابق أن الإعفاءات والامتيازات المقدمة لم تعد تحدث بهذه الصورة في أي بلد في العالم، وبالتالي تؤدي في النهاية إلى تقديرات عشوائية في المحصلات الضريبية، إضافة إلى شيء مهم وهو وجود بند في قانون الحوافز الاستثمارية يعفي الدولة من تحصيل الضريبة الممولة من الصندوق الاجتماعي، وهذا تشويه معيب في ثغرات القانون، مشددًا على أن التحايل والتلاعب على الفساد موجود بنصوص القانون، إذ يسمح لصاحب الشركة بالغلق أو تغيير المسمى العام لها أو التعديل؛ وبالتالي يخرج من مدة العشر سنوات المسموح بها، ثم يعيد تأسيس شركة أخرى، وهكذا يظل يمارس التلاعب بتقنين قانوني.

ولفت إلى أن البنود تعطي الحق للدولة في تعقب ماكينات التصنيع وليس الشركة، وهذا غير موجود في أي دولة في العالم، ثم ما الذي ستفعله الحكومة إذا توقفت الماكينات عن التشغيل، هل ستحجز على آلات التصنيع؟ وإذا كانت هناك تيسيرات فماذا فعلت تجاه المصنع والشركات التي توقفت عن الإنتاج؟

وأفصح بهاء الدين عن أن باب الفساد والتلاعب موجود في نصوص وبنود قانون الحوافز الاستثمارية، ومن الصعوبة بمكان تجاوزه، مشيرًا إلى أن الحكومة أبرمت عدة قوانين شديدة الخطورة من بينها رفع أسعار الطاقة 35% ثم القيمة المضافة؛ وبالتالي ليس من المعقول تمرير إعفاءات مرة أخرى للمستثمرين على حساب الطبقات الكادحة والفقيرة، مسميًا ما يحدث على الساحة بـ"الهوس الاستثماري"، مطالبًا بضرورة التوقف عن هذه التنازلات وأن نكون على قدر التحدي.

وقال المهندس محمد عبد الوهاب وزير الصناعة الأسبق، إن الدولة لم تعد تريد الحديث عن الصناعة، معتبرة إياها بالمضيعة للوقت، لافتًا إلى أن القرارات والقوانين أصبحت تؤخذ بصورة متسرعة وعشوائية دون الاهتمام بالمكاشفة أو بتحديد الأولويات على أجندة الحكومة.

وبيَّن وزير الصناعة الأسبق لـ"الفتح" أن طلعت حرب -الاقتصادي الشهير- أسس عددًا من الشركات والمصانع العملاقة من بينها مصر للطيران والغزل والنسيج للحد من هيمنة الاحتلال الإنجليزي، واشترط على الحكومة أن تتوقف عن الاقتراض من البنوك البريطانية حتى لا تضع نفسها أمام نفوذ لندن الذي كان دائم الحرص على تكبيل طموح القاهرة، لافتًا إلى أن ما يحدث على الساحة الآن ما هو إلا تدمير للصناعات وليس جذبًا للاستثمار كما يدعي البعض، مطالبًا بربط البحث العلمي بالصناعة وبمخرجات التعليم.

كان مجلس الوزراء استعرض آخرًا مشروع قانون تنظيم الاستثمار الذي يستهدف جذب الاستثمارات لتمكين الدولة من تحقيق برنامجها الاقتصادي.

وأشار شريف إسماعيل رئيس الوزراء، إلى أن القانون الجديد سيعمل على تحسين برامج الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها الحكومة خلال هذه المرحلة، فضلًا عن الإسهام في تنفيذ خطط الدولة التنموية في مختلفة القطاعات، منوهًا بأن المشروع الجديد لقانون الاستثمار يتضمن 3 محاور رئيسية تشمل تيسير إجراءات الحصول على الاستثمار وفقًا لأولويات التنمية في الدولة، وكذا الإجراءات الخاصة بحل منازعاته والترويج له، بالإضافة إلى العمل على تقوية الضمانات وإتاحة وتنويع برامج حوافز جذب الاستثمارات.

وأعلن محمد خضير الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار، أن القانون سيخرج للحوار المجتمعي ويحول للبرلمان نهاية العام الجاري.