الهوى.... سفينة الضياع

راكب هواه

  • 471
أرشيفية


في عصرنا الحالي إذا همَّ عاقلٌ بسفرٍ بعدما يفكر في وجهته ويجزم أمره، يحزم حقائبه، ويعقد النية في المُضي، بلا شك يكون قد اختار مَطية، ركوبةً تناسبه راحةً وبلاغاً، ولو جاز أن يضحي بأحدهما قطعًا ستكون الراحة، أما البلاغ فلا حيدة عنه ولا تنازل، ثمَّ إنه وارد مع ضرورة السفر أو حتميته قد نضحي بالراحة في المطية فنركب الصعب طالما سنبلغ به مع شق الأنفس، ولكن ليس هناك مَن يضحي أو حتى يقبل احتمالية أن يركب شيئًا لن تصل به لمبتغاه فكيف يقبل بذلك عاقل؟

فالذي يتخذ مطيته هواه لا يفكر إلا في الراحة الحالية أما الوصول لموطنٍ آمن يسلم فيه فلا يعنيه، لأن الهوى مضيعة وإن حلا لحظة، فأمره كمثل حال جحا في تلك الأضحوكة، حيث يحكى أن جحا استأجر حمارًا عنيدًا ما أن امتطاه حتى انطلق به مسرعًا، فلا هو توقف لينزل عنه وﻻ انقاد له ليصل به للمكان الذي يريده.

بل ظل يجري وغرّب به وشرّق.. وجحا متمسك به خشية السقوط، وقد بلغ به الإنهاك حد الهلاك وكلما التقاه أحد معارفه يسأله :إلى أين يا جحا؟ فيرد جحا :إلى حيث يريد الحمار .

 

هذا هو حال من يركب هواه، ربما مَلك اختيارًا عند الركوب لكنه لا يدري في أي مهلكة سيستقر، هذا إن لم تتداركه توبة عن هواه وهجرة له لا رجعة بعدها كيما يعود إلى درب النجاة.. عصمنا الله وإياكم من شطحات الهوى وألزمنا الرشاد.