هل نحن على أعتاب حرب في أوكرانيا؟ روسيا وأمريكا تحشدان الأسلحة وجها لوجه

التصريحات الإعلامية أسخن ما في الموقف

  • 54


تقرير- شريف ربيع

ينظر العالم بترقُّب وحذر تجاه أوكرانيا وتصاعد الخلاف بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو"؛ خوفًا من نشوب حرب على الأراضي الأوكرانية قد تجر العالم أجمع إلى حرب عالمية ثالثة تكون أوكرانيا شرارتها، لا سيما بعدما رفض "الناتو" مطالب موسكو الخاصة بكييف.

طلبت روسيا من حلف شمال الأطلسي أمرين واضحين هما: إلغاء بيانه الصادر عام 2008م بخصوص انضمام أوكرانيا وجورجيا وفنلندا له، وتعهد أمريكا وحلفائها بتقديم تأكيدات ملزمة قانونًا بعدم نشر أسلحة حول حدود روسيا، ترى موسكو أنها بمثابة تهديد صريح لها. لكن رغم ذلك تتفهم القيادة الروسية عدم وجود فرصة حقيقية للاستجابة لمطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جانب "الناتو" الخاصة بعدم الانتشار العسكري شرقًا (في جمهوريات سوفياتية سابقة انضمت للحلف بعد الحرب الباردة) أو نشر أسلحة الحلف بالقرب من روسيا، إضافة إلى أن منح الحلف موسكو أي ضمان بعدم ضم أوكرانيا له يعد تنازلًا كبيرًا للغاية لن يُقدم عليه الحلف.

في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في "الناتو" في أمسّ الحاجة إلى احتواء روسيا القوية، وخفض التصعيد معها، وتقديم تطمينات لها كما فعل الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، الذي أكد حينذاك مراعاته مصالح روسيا الجيوسياسية في المنطقة. علاوة على أهمية التوازن الدقيق بين القوة وخفض التصعيد لإقناع موسكو أن التعاون في شأن الأمن سيكون في مصلحتها الخاصة أيضا وليس الحلف فقط.

على الجانب الآخر، يريد حلف شمال الأطلسي تعهد روسيا بعدم غزو أوكرانيا، وسحب تعزيزاتها العسكرية على الحدود الأوكرانية.. لكن يوم الأربعاء الماضي في أول اجتماع منذ سنوات فشل حلف شمال الأطلسي وروسيا في حل الخلافات بينهما أو حتى تقريب وجهات النظر، وواجهت واشنطن وحلفاؤها عقبات خلال المحادثات مع موسكو في مقر حلف الناتو بـ"بروكسل" التي أقيمت من أجل تجنب نزاع جديد في أوكرانيا، وعبر حلف الناتو على لسان ينس ستولتنبرج -الأمين العام له- عن رفض دول الحلف مطالب روسيا الخاصة بوجود نظام أمن جديد في أوروبا. استمر الاجتماع نحو 4 ساعات بين الحلف و"ألكسندر غروشكو" مساعد وزير الخارجية الروسي لكن دون جدوى بسبب وجود اختلافات رئيسية بين الحلفاء وروسيا بشأن الوضع في أوكرانيا وشرق أوروبا.

رغم الحشود العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية تنفي موسكو التخطيط لمهاجمة كييف، لكنها قالت إنها سوف تتخذ إجراءً عسكريًّا -لم تحدده- إذا لم تُقبل مطالبها ومن ضمنها تعهد "الناتو" بعدم قبول أوكرانيا عضوًا فيه. وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي يوم الجمعة الماضية إن بلاده تأمل استئناف المحادثات الأمنية مع أمريكا لكن هذا يعتمد على رد واشنطن بخصوص مطالبها. مؤكدًا أن بلاده لن تقبل ظهور حلف "الناتو" على حدوده مباشرة لا سيما في ضوء نهج القيادة الأوكرانية الحالية المعادية لموسكو.

ومن جهتها، ترى واشنطن أن تهديدات موسكو عبارة عن صخب وثرثرة تريد بها التغطية على الانتهاكات التي تقترفها بشان معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، التي كانت تحظر على روسيا وأمريكا -على حد سواء- نشر صواريخ أرضية قصيرة ومتوسطة المدى في أوروبا. 

وزاد من هذه المخاوف أن بويتن وجد في فنزويلا حليفًا آخر يعادي الغرب ويشتري السلاح الروسي بشغف، بما في ذلك طائرات "سوخوي" المقاتلة المتطورة، علاوة على أن موسكو نشرت مستشارين عسكريين وفنيين لها في فنزيلا.

ومما يزيد من القلق العالمي من احتمالية نشوب الحرب، الاضطرابات التي حدثت في أسواق المال الروسية على إثر فشل المحادثات بينها وبين حلف شمال الأطلسي؛ إذا فقد "الروبل" الروسي نحو 2.6% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي، الذي وصل إلى 76.5 روبل، إضافة إلى تعرض الأسهم والسندات الروسية للضغط والاضطراب بعدما كانت السوق تتجاهل المفاوضات في البداية. ورغم وجود بصيص نور من إنجاح المفاوضات بين الجانبين، لكن الحرب غير مستبعدة؛ فالروس على أهبة الاستعداد للحرب، ومن المرجح أن يواصل بوتين الضغط على الغرب لمعرفة ما إذا كان بإمكانه تخويف حلف "الناتو" وأوكرانيا والحصول منهم على تنازلات تحقق آمال روسيا، وعلى الجانب المقابل يتمسك حلف شمال الأطلسي بحقه في ضم أوكرانيا ويرفض الانصياع أو إظهار الضعف أمام روسيا؛ لذلك فالحرب واردة لكنها ستكون محدودة النطاق.