روشتة "وطنية" لحل أزمة نقص الأعلاف

مختصون يطالبون الاستعانة بمخلفات النباتات وتحميل الموسم أكثر من زراعة

  • 34
الفتح - أرشيفية

لا يزال تزايد الطلب على فول الصويا والذرة مرتفعًا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما تسبب في نقصها بمصر، إذ تمثل صادرات روسيا وأوكرانيا حصصًا مؤثرةً من حجم التجارة حول العالم.

وتواصل مؤشرات الأسعار ارتفاعاتها لمستويات قياسية وغير مسبوقة لتتجاوز 70% وهو ما يؤثر سلبًا على سعر الدواجن، وسط توقعات بانفراجة جزئية على المدى القريب بعد تدخل الحكومة بسرعة الإفراج عن الأعلاف المكدسة في الموانئ، فضلاً عن إعادة النظر في الاستيراد بالدفاتر المستندية.

حلول مرنة

ويرى مختصون أنه يمكن حل أزمة الأعلاف محليًا باستغلال المخلفات النباتية شريطة أن يتم تحت إشراف ورعاية مختصين في مراكز البحوث وكليات الزراعة والطب البيطري والجهات والمعامل البحثية والعلمية كلٌ في تخصصه، على أن يتم إدخال المنتج في صورته النهائية ضمن العلائق الغذائية سواء في المجترات وحيوانات التربية أو لدى القطاع الداجني للفراخ البلدي والبياض أو اللحم بمزارع الدواجن المختلفة ومساعدة المربّين.

وقال الدكتور جمال شاهين، رئيس قسم تغذية الحيوان بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني سابقًا، يمكن للمخلفات الزراعية أن تساهم بنسب في عمليات التغذية لكن يتوقف ذلك على هل ستقدم للمجترات، أم للقطاع الداجني المنزلي أو في المزارع لإنتاج البيض واللحم، وأشار إلى  المخلفات النباتية عبارة عن أجزاء متبقية بعد عمليات الجني أو الحصاد مثل حطب الذرة وقش الأرز ودريس البرسيم، وأتبان الفول والعدس والحلبة الشعير، وقصب السكر وعروش البطاطس والقرنبيط والبنجر وغيره، وهي منتجات ثانوية يمكن تعظيم الاستفادة منها وتحويلها إما إلى سماد أو أعلاف حسب المكون الغذائي لكل نوع.

المعاملات الحيوية والبكتيرية

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفتح" أن نواتج المحاصيل السابق ذكرها يمكن استخدامها للمجترات وبعض أصناف الدجاج المنزلي عكس الفراخ البياضة ومنتجة اللحم لوجود نسبة من اللجنين، وذلك بعد تقطيعها ورفع قيمتها الغذائية سواء باستخدام إضافات غذائية سائلة أخرى مثل اليوريا أو معاملتها بالبكتريا، أو المولاس بنسب محددة تخضع إلى معايير علمية وبكتريولوجية دقيقة وتحت رقابة علمية حتى تعطي نسب بروتين أعلى، كما يمكن عمل كومات وحقنها بالأمونيا ثم تغطيتها بطبقة من البلاستيك لمدة 50 يومًا في الصيف و55 إلى 60 يومًا في الشتاء لدفع التحول البكتيري كعامل مساعد.

وتابع أما الدواجن المخصصة لإنتاج اللحم والبيض فمن الصعب استخدامها نظرًا لضعف المحتوى البروتيني بها؛ لكن هناك منتجات أخرى ناتجة عن الصناعات الزراعية كمنتجات متبقيات عصر الزيوت والمطاحن وصناعات السكر والعصائر والمربات والجلوكوز والنشا ومخلفات مجازر الطيور يمكن إدخالها في علائق الدواجن كأحد البدائل العامة التي يمكن الاستفادة منها بصورة غير تقليدية إضافة إلى أنها تحد من تلوث البيئة بدلاً من إلقائها في مكبات القمامة. 

تحميل زراعة النباتات

فيما قال الدكتور سعد زكريا، أستاذ بقسم الكيمياء وسمية المبيدات بكلية الزراعة جامعة كفر الشيخ، إنه يمكن التغلب على الأزمة حال انتهاج استراتيجية يمكن بناؤها على عدة محاور أولها التوسع في الزراعات الزيتية مثل الذرة وفول الصويا والقطن والتي يمكن استخراج الزيوت منها، وتحقيق عوائد دولارية كبيرة خاصةً بعد الارتفاعات الأخيرة في أسعار الزيوت النباتية عالميًا، والاستفادة من الكسبة الناتجة أو تحويل خامات الذرة وفول الصويا إلى منتجات علفية لتغطية السوق المحلية واحتياجات الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي.

وأضاف أن التوسع الزراعي في الأراضي المستصلحة حديثًا ببعض الزراعات التي يمكنها التغلب والتعامل مع نسب الملوحة المرتفعة نسبيًا وقلة توافر المياه بهذه الأراضي مثل نبات دوار الشمس الذي يمكن زراعته في تلك الأراضي وتحميل زراعات أخرى عليه كالخيار والبطيخ، أو تحميل فول الصويا مع الذرة أعطى نتائج جيدة، وهذا من شأنه تحسين الإنتاج واستغلال مكثف للمساحة المستخدمة.

وأوضح أنه بتفعيل هذا المقترح نكون قد حققنا الاستفادة المتعددة من انتهاج مثل هذه السياسات الزراعية التي نزيد بها التوسع من الناحيتين الأفقية والرأسية، مؤكدًا أن المخلفات الزراعية الناتجة عن الزراعات المختلفة يمكن التعامل معها وتحويلها إلى مواد علفية.

ونوه بأنه يمكن استخدام قش الأرز في صناعة العلف الحيواني بعد دراسه والخلط مع تبن الفول أو تبن القمح، أو خلال الصناعات التحويلية والمعالجات الكيميائية لإنتاج الأعلاف.

وشدد أن من المحاور المهمة للتوسع في الزراعات العلفية يبرز منها دعم الفلاحين للتغلب على ارتفاع أسعار الأسمدة وتكاليف العمالة وتوفير الآلات الزراعية اللازمة، كما أنه من الضروري تفعيل الدورة الزراعية لتحقيق أعلى حجم إنتاجي، وتوفير المواد الخام اللازمة للإنتاج العلفي والحد من تفاقم الوضع الراهن ووقف الزيادات السعرية المتسارعة في الفترة الأخيرة.

فرم ودرس الأوراق وسيقان المحاصيل

بينما أكد الدكتور عبدالسلام موسى، أستاذ فسيولوجيا الحيوان بكلية الزراعة جامعة كفر الشيخ، أنه يمكن الاستفادة من النواتج الورقية والسيقان أو المخلفات الزراعية بعد مواسم الحصاد المتعاقبة عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة وإدخالها ضمن منظومة الأعلاف، فالحيوان لديه القدرة على التغذي بأي مخلفات طبيعية، مؤكدًا أن تفعيل دور الإرشاد أمر ضروري.

وأردف أن تبن الفول وقش الأرز والقمح نواتج يمكن فرمها ضمن سلسلة من العمليات عبر إضافة "اليوريا" بعد إذابتها بنسب معينة بالماء وكبسها لإعطائها كغذاء للحيوان كـ"عليقة"، مؤكدًا أنه في حال تنفيذ الأمر سنقلص من حجم الاستيراد العلفي أو مكوناته وتوفير كميات ضخمة من العملة الصعبة.