الذكاء الاجتماعي

راندا قطب

  • 30

يظن كثيرٌ من الآباء أن التفوق الدراسي لأولادهم هو مفتاح النجاح في الحياة، ويسعون طيلة مراحل الدراسة لتحسين درجاتهم، وتقوية ذاكرتهم وذكائهم الدراسي وهو أمر مهم بلا شك، لكن البعض ينغمس في التحصيل الدراسي فتتحول الحياة إلى معسكرات طوارئ من بدء العام الدراسي لنهايته، فلا زيارات عائلية ولا خروجات ولا علاقات مع الجيران ولا لعب مع الأطفال؛ لأن الأهم هو مستقبلك وتحصيلك الدراسي!

فيفقد الطفل أبسط مهارات التواصل، وننتج للمجتمع فتيانًا وبناتًا أذكياءً رُبما لكنّهم غريبو الأطوار فاقدو مهارات التواصل، وقد أثبتت تجارب الحياة أن الذكاء الاجتماعي هو مفتاح النجاح في هذه الحياة، فكم من طبيب لا يجيد الكلام وينفر مرضاه منه، وهو غير مدرك أن كفاءته الطبية وحدها ليست كافية، وكم من مندوب تسويق خريج كليات متخصصة، يفشل في جذب العملاء، وكم من بائع لا يحب أحدٌ مجرد المرور بجوار دكانه لفظاظة أسلوبه، وآخر يذهب الناس إليه فقط لعذوبة حديثه.

يُروى أن بائع عسل كان يغار من بائع الخل بجواره من كثرة من يشترون منه، فقال له غاضبًا: عجبتُ للناس يقبلون على الخل ويعرضون عن العسل!، فقال له: لأني أبيع الخل بلسان من عسل وأنت تبيع العسل بلسان لاذع كالخل، صحيح أن الأرزاق مقسومة لكن الأخذ بالأسباب من تمام الإيمان ومن أسباب النجاح حسن الأخلاق وجمال الأسلوب واللباقة وامتلاك مهارات التواصل.

لذا فإن الآباء ينبغي ألا يغفلوا تعليم أولادهم مكارم أخلاق احترام الكبير والإحسان إلى الصغير، وهي أمور لا تُدرس ولا تستذكر بل تشاهد وتمارس، فيا ليتنا نرجع إلى صلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والتواد والتراحم كي لا تندثر مكارم الأخلاق في الأجيال القادمة.