الأزمة الروسية الأوكرانية تتعقد.. والجلوس للمفاوضات يبتعد

"كييف" تشترط الحصول على ضمانات والعودة إلى حدود 1991.. وموسكو ترفض

  • 45
الفتح - د. مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية

قاربت الحرب الروسة الأوكرانية على العام ولا تزال أحداثها تتصاعد وسط أنباء عن مفاوضات دعا إليها العديد من زعماء العالم، بينما يأمل زيلنيسكي أن يشمل[1]  بنودها على مجموعة من النقاط من أهمها:

السلامة الإشعاعية واستعادة الأمن حول محطة زابوريجيا التي تخضع حاليًا للسيطرة الروسية، وسلامة الأمن الغذائي لصادرات القمح، ومساعدة أوكرانيا في إصلاح وتأهيل البنية التحتية فضلاً عن الإفراج عن كل السجناء والمُبعدين، وإعادة وحدة الأراضي الأوكرانية وتأكيد روسيا عليها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وسحب القوات الروسية ووقف العمليات القتالية وإعادة الحدود بين أوكرانيا وروسيا لسابق عهدها.

حيث رفضت روسيا مقترحات السلام وأكدت أنها لن تتخلى عن أي أراضٍ استولت عليها بالقوة، والتي تشكل حاليًا نحو خُمس مساحة أوكرانيا، وتقول إنها ضمتها بالفعل.

بينما يرى مراقبون أن شروط الرئيس الأوكراني ربما تكون تعجيزية وليست بهدف الوصول إلى حلول وسط يمكن البناء عليها بغية التوصل إلى سلام .

في هذا الصدد، قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن زيارة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية واللغط التي أثارته حول كيفية خروجه من بلاده إلى بولندا ثم انتقاله من بولندا بالقطار ثم طائرة ومشهد درامي أذيع من خلاله كيف وصل إلى واشنطن، وكيفية استقباله داخل مجلس النواب والشيوخ الأمريكي، وكذلك استقبال نظيره الأمريكي جو بايدن له؛ كل ذلك ينبئ عن تساؤلات كثيرة بخصوص تلك الأزمة، ويؤكد أن الحرب الحقيقية بين روسيا وأمريكا، وأن أوكرانيا مجرد أداة ووقود لها.

وأضاف غباشي لـ "الفتح" أن حديث سيرجي لافروف في بداية الأزمة ينبئ عن كثير من ذلك حينما قال إن الغرض الأساسي من تلك الحملة هو التصدي لهيمنة واشنطن على كثير من مقدرات البلاد على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن أمريكا لو دفعت ببطاريات صواريخ "باتريوت" لكييف فإن الرد الروسي واضح وحاسم وجاهز بأنها ستكون هدفًا للضربات الروسية.

وأردف أن التعهد الفرنسي البريطاني بدعم أوكرانيا عسكريًا تحصيل حاصل، خصوصًا إذا وضعنا في الاعتبار بأن بريطانيا عراب الولايات المتحدة الأمريكية في كثير من الأمور، ويكفي في ذلك أن تحالف "إيكوس" الذي بنته واشنطن بالاشتراك مع لندن وكانبرا في مواجهة الروس والصينيين، وبعد تحريض بريطانيا من الانسحاب من الاتحاد الأوروبي "بريكست"؛ كل هذا يلقي ضوءًا على مواقف لندن وأنها تسير دومًا خلف واشنطن في العديد من الأمور.

وتابع الخبير السياسي أن تهديد بوتين بزيادة مساحة العمليات العسكرية أمر طبيعي في ظل المستجدات على الساحة، والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع عاجزون حتى الآن عن تحديد سعر بيع للنفط الروسي تلتزم به روسيا، وكلها إرهاصات لن تلتزم موسكو بها. مؤكدًا أن انفتاح روسيا على شرق آسيا والصين لبيع ما لديها من نفط أو غاز كافٍ لملء الخزان الروسي[2]  بما تريده موسكو من أموال.

بينما وصفت الدكتورة هالة رشيدي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ما يحدث بين الروس والأوكران بالطريق المسدود؛ ففي الوقت الذي عاد فيه الرئيس الأوكراني من أمريكا نجده يغالي في شروطه بشأن التفاوض مع الروس، مثل اشتراطه العودة إلى خطوط عام 1991م وهو تاريخ سقوط وتفكك الاتحاد السوفيتي، بجانب دفع تعويضات وتقديم الضمانات اللازمة لحماية أمن وسلامة سيادة واستقلال بلاده، نجد أن نظيره الروسي أعلن عن استعداده الجلوس للتفاوض لكن دون قيد أو شرط، وفي الوقت نفسه شدد على أهمية مراعاة الواقع الحالي؛ أي الانطلاق من الواقع الراهن الذي استولت فيه روسيا على عدة مناطق أوكرانية سواء قبل بدء العمليات العسكرية -وهو شبه جزيرة القرم- أو ما بعد ذلك.

وأضافت "رشيدي" لـ "الفتح": رغم أن الخلافات بين الجانبين عميقة حتى هذه اللحظة، ورغم ما يدل على استحالة التوصل إلى هدف ينشده كلا الطرفين؛ فإن هناك ما يشير إلى إمكانية جلوسهما معًا على مائدة المباحثات خاصة بعد إعلان بوتين استعداده لذلك.