أزمة السودان الإنسانية تتفاقم مع تواصل الاشتباكات

مخططات التقسيم تظهر للعلن.. ومصر تواصل جهودها لإقرار حل سلمي

  • 22
الفتح - السودان

لا تزال الأزمة في السودان مستمرة للشهر الرابع، منذ بداية تمرد ميليشيا الدعم السريع في 15 أبريل الماضي، وأسفرت الاشتباكات عن 5 آلاف قتيل وآلاف المصابين حتى الآن، بجانب أربعة ملايين نازح داخلي وأكثر من 900 ألف فروا إلى البلدان المجاورة التي تعاني من صراعات وأزمات اقتصادية منهم ما يزيد على 300 ألف لاجئ دخلوا إلى مصر.

وبجانب شدة وتيرة المعارك في أكثر من ولاية على رأسها الخرطوم وأم درمان وولاية جنوب دارفور وشمال كردفان، فضلاً عن النقص الحاد في توفير الأدوية والمستلزمات الطبية والزحام الشديد في المستشفيات، يشهد القطاع الطبي إضرابًا في أكثر من ولاية منهم "كردفان" بسبب تأخر مستحقات مالية ومهنية منذ أربعة أشهر مع بداية الحرب.

وفي هذا السياق، قال سامح شكري وزير الخارجية، إن مصر تستمر في التواصل والتفاعل وطرح الأفكار ولعب الأدوار المختلفة من أجل حل الأزمة في السودان وإنهاء الحرب ومعاناة الشعب السوداني، مؤكدًا أن الرؤية المصرية لحل الأزمة السودانية تقوم بكل جهد لرعاية مصالح الشعب السوداني وتوفير الخدمات له والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع الأضرار على الشعب السوداني من العمليات العسكرية والتعامل مع التحديات التي تواجهها دول الجوار السوداني.

وقال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن دول إفريقيا مصابة بداء القبلية والعصبية للجماعة والقبيلة، ولا تملك الشعوب في إفريقيا فكر الدولة الواحدة والراية الواحدة ولعل هذا أحد أسباب النزاع القائم الآن في السودان، مضيفًا أن السودان نفسه انفصل إلى سودانيين شمال وجنوب، وكلًا منهما مهدد بالانقسام مرة أخرى بسبب فكر الانتماء للقبيلة والجماعة وليس للدولة.

وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق في تصريح لـ "الفتح"، أن المراقبين لما يحدث في السودان لا يتوقعون أي انفراجة كبيرة في الأوضاع في السودان، بسبب رغبة طرفي النزاع في حلها عسكريًا وشعورهم بأنهم قد ينجحون في ذلك، مشددًا على أن الحل في أن تتدخل قوى أكبر منهم لإرغامهم على الحل وهذا غير متاح أو أن طرفي الحرب يقتنعان أنهما خاسران وهذا غير متوقع.

وتوقع السفير الأسبق أن تمتد الحرب إلى أجل طويل، موضحًا أن وجود دعم خارجي لطرفي النزاع، لم يكن سببًا في النزاع أو إطالة أمده، قائلًا: "الأزمة في السودانيين أنفسهم لأنهم السبب في اشتعال الحرب واستمرارها، وإن كان الخارج يستغل الصراع الحالي ويؤججه ويريد انقسام السودان ولكن لم يقم به من البداية". 

وقال المهندس أحمد الشحات الباحث في الشئون السياسية، إن السودان يراد له أن يتفتت، وأن عدة قوى دولية وإقليمية تعمل بشكل كبير على تأجيج حالة الصراع الداخلي في السودان، مضيفًا أنه طالما هناك أيادٍ خارجية تعبث باستقرار السودان وأمنه، وتدعم الميليشيات ولا تريد له أن يكون دولة قوية ينعم أهلها بالأمن والأمان ويطمح في التقدم والازدهار؛ فسيظل ذلك الصراع المحموم موجود بين السودانيين. 

وأشار "الشحات" في تصريحات لـ "الفتح" إلى أن تجربة اليمن مماثلة لما يحدث في السودان اليوم، موضحًا أنه بالرغم من عدم وجود دور للحوثيين سنوات تولي علي عبدالله صالح للحكم، وأن الجيش اليمني كان يخرج بغارات عليهم ويعود بهم إلى جحورهم في الجبال إلا أنه في لحظة من لحظات غفلة الزمان سيطر الحوثيون على مفاصل الدولة بأكملها.

وأوضح الباحث أن الشاهد هو أن وجود ميليشيات عسكرية في أي دولة ما هو مصدر إزعاج وخطر، مبينًا أنه إما أن تقوى هذه الميليشيات وتصير منازعًا للجيش ونكون أمام سيناريوهات الحرب الأهلية والاحتلال المرعب، أو أن تنجح الدولة في أن تحصر هذه الميليشيات وتطردها في مساحة معينة في منطقة حدودية أو مساحة جبلية، مضيفًا أن هذا قد يكون أحسن السيناريوهات، ومع ذلك يبقى الخطر موجودًا ويبقى التهديد موجودًا إلى أن تتعافى الدولة وتكسر شوكة الميليشيات تمامًا.

وبيَّن الباحث أن إصلاح الأوضاع في السودان يحتاج إلى إخلاص وتكاتف الأطراف السودانية من أجل بلدهم، وإنهاء هذا الانقسام الشديد، وأيضًا تكاتف الأشقاء العرب حتى تمر هذه الأزمة بسلام.