ترامب وبايدن يفوزان بانتخابات كارولينا الجنوبية وميشيغان التمهيدية

الديمقراطيون يعاقبون الرئيس الحالي بسبب غزة.. وواشنطن تسعى لزيادة نفوذها بالقارة السمراء

  • 7
الفتح - بايدن وترامب

بالرغم من انشغال الرأي العام الأمريكي بسباق الانتخابات الرئاسي نحو البيت الأبيض، وما يحققه كلا المرشحين للحزب الجمهوري أو الديمقراطي؛ إلا أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القرن الإفريقي والصومال تحديدًا لم تغب عن صانعي القرار الأمريكي.

 فمنذ أيام فاز دونالد ترامب على منافسته الجمهورية نيكي هايلي في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بولاية كارولاينا الجنوبية بنسبة 63.5%، وهو الفوز الذي له دلالته القوية على مؤشر الانتخابات فيما بعد.

وأعلن ترامب أنه سيبدأ أكبر حملة ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ضد المهاجرين حال فوزه في الانتخابات المقبلة، وندَّد بسياسة الهجرة التي ينتهجها غريمه جو بايدن، واعدًا بمعالجة هذه المشكلة عند عودته للبيت الأبيض، وأنه سيتخذ إجراءات قاسية قدر الحاجة.

على الجانب الآخر، فاز الرئيس الأمريكي جو بايدن في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي بولاية ميشيغان الثلاثاء، فيما أظهر الديمقراطيون استياءهم من سياسته تجاه الحرب في غزة، كما أنه لا يكف عن اللعب بأوراقه الرابحة هو الآخر ويسعى بكل ثقله بحكم منصبه لتثبيت موقفه وأنه أجدر بمكانه؛ ففي حين يواجه اعتراضًا داخل الكونجرس على الدعم الأوكراني، فضلاً عما تمتلكه الكتلة التصويتية من الأمريكيين العرب، احتجاجًا على موقفه من الحرب المتخاذل تجاه الفلسطينيين والمساند  دومًا لإسرائيل.

وبخلاف ذلك يحاول جو بايدن رفع أسهمه ويذهب صوب إفريقيا لإبرام اتفاق مع الصومال لإنشاء خمس قواعد عسكرية بها في مناطق (بيدوا، دوساماريب، جوهر، كيسمايو، مقديشو) على اعتبار أن تلك الخطوة تحمي مصالح واشنطن الاستراتيجية والاقتصادية، مستغلًّا التوتر في البحر الأحمر والتعجيل بتوقيع مذكرة التفاهم.

وبعد أن كانت الاستراتيجية الأمريكية تجاه إفريقيا ومنطقة القرن الإفريقي طوال فترة الحرب الباردة ترتكز بالأساس على مقاومة النفوذ ذات التاريخ الاستعماري والمصالح المتجذرة، فإن واشنطن تسعى لتكثيف وجودها العسكري والاقتصادي والسياسي في منطقة القرن الإفريقي خصوصًا. 

في هذا الصدد، قال الدكتور مختار غباشي، المحلل السياسي والأمين العام لمركز الفارابي للدرسات السياسية والاستراتيجية: إن فوز ترامب بالانتخابات التمهيدية في ولاية كارولينا الجنوبية ضربة قوية لأن هايلي آخر منافسيه الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية، لا سيما أنه توعد بسحقها في الانتخابات التمهيدية بالولاية التي كانت حاكمة لها لدورتين متتاليتين بين عامي 2011 و2017م؛ وهو ما حدث بالفعل وينبئ عن ثقل قواعده داخل تلك الولاية وداخل الحزب الجمهوري أيضًا.

وأضاف غباشي في تصريحات صحفية نشرتها جريدة "الفتح" الورقية: أن نيكي هايلي خسرت سابقًا أمام ترامب في الانتخابات التمهيدية كذلك بولايات (أيوا، ونيو هامبشير، ونيفادا)، وكانت تأمل تحسين وضعها في انتخابات ولاية كارولينا الجنوبية. منوهًا بأن الانتخابات التمهيدية في ولاية ساوث كارولاينا تقدم أدلة قوية حول ما يمكن أن تنتهي إليه بقية الانتخابات في الولايات الأخرى؛ وهو ما يجعل لهذه الولاية أهمية خاصة في الميزان السياسي الأمريكي؛ لأنها ولاية "حمراء صلبة" أي ولاية جمهورية خالصة، إضافة إلى أنه من خلال تتبع الانتخابات الرئاسية الماضية نجد أن الجنوب يصوت غالبًا ككتلة واحدة؛ وبناء عليه فإن الحزب الجمهوري يهتم دومًا باختيار مرشح ذي ثقل يعبر عن قاعدته الانتخابية.

توغلٌ أمريكي

في حين يرى عبد الرحمن سيد، الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية أن مذكرة التفاهم الموقعة بين مقديشو وواشنطن تعد جزءًا من السعي الأمريكي لزيادة النفوذ داخل القارة السمراء؛ متذرعة بتقديم دعم عسكري ومشورة للجيش الصومالي خصوصًا في حربه ضد الإرهاب الذي تمثله "حركة الشباب" المتمردة في الوقت الذي تشن فيه أمريكا غارات جوية ضد مواقعها بالصومال.

وأضاف تمَّام أن تلك المذكرة نقطة رابحة في صف بايدن بحكم وجوده على رأس السلطة الأمريكية، لا سيما في وقت تعج فيه منطقة القرن الإفريقي بالاضطرابات بل إفريقيا كلها، وبعد نحو شهر ونصف من توقيع الاتفاق الباطل المثير للجدل والقلق بين إثيوبيا و(صوماليلاند) غير المعترف بها دوليًّا وتناور أديس أبابا معها بتلك الورقة في سبيل الوصول للبحر الأحمر.

وأردف: هذه المذكرة تؤشر إلى حدوث تغير في النهج السياسي الخارجي الأمريكي مع منطقة القرن الإفريقي، لا سيما بعد المراجعات المهمة التي أفصحت عنها أمريكا بخصوص علاقاتها مع هذا الإقليم المضطرب، والتي اتضحت عن طريق اعتمادها على سياسة التعامل الإيجابي مع النظام الإريتري الحاكم، بعد ذلك التوصل إلى توقيع تلك المذكرة العسكرية الأمنية مع الصومال؛ ففي ظل ضعف نظامي الحكم داخل إثيوبيا والسودان بفعل القلاقل الداخلية لديهما فإن مقديشو أفضل وأهم استراتيجيًّا بالنسبة لواشنطن من أجل حماية مصالحها وكذلك حماية الملاحة الدولية بخليج عدن والبحر الأحمر.

وأكد أن توقيع مذكرة التفاهم تلك في حضور مسؤولين من البلدين داخل الصومال دليل على عدم انعزال  وضعف جمهورية الصومال الفيدرالية، وأنها محتفظة بسيادتها على أراضيها ويمكنها التحرك وإبرام الاتفاقات لحماية أمنها ضد أي أطماع توسعية من دول الجوار؛ من خلال تكوين جيش قوي مدرب ومؤهل على أعلى مستوى؛ حيث إن تلك القواعد ستسهم في تدريب وتنمية الجيش الصومالي. لافتًا إلى أن ذلك معناه اتجاه الصومال نحو التعافي من آثار الحرب الأهلية التي امتدت لعقود منذ التسعينيات من القرن الماضي، والسير بخطى ثابتة وقوية في سبيل بناء جيش وطني قوي؛ وهو ما يؤشر لبداية جديدة نحو عودة الاستقرار في البحر الأحمر خاصة بعد الاضطرابات الأخيرة التي يشهدها.

الاضطرابات الأخيرة التي سببتها ضربات الحوثيين هددت الملاحة الإقليمية والدولية في باب المندب والبحر الأحمر، وأثرت سلبًا في التجارة الدولية والإقليمية والمحلية، وكانت سببًا وذريعة لتعجيل أمريكا -المتربصة بالقارة السمراء- بتوقيع مذكرة التفاهم مع الصومال واقتناص فرصة ربما لن تتكرر مستقبلًا لمد نفوذها. فإلام ترمي ميليشيا الحوثي من تصرفاتها داخل البحر الأحمر؟!