لماذا تنتشر ظاهرة العداء والحقد ضد الإسلام في بلغاريا؟ الفتح ترصد أحوال المسلمين البلغار

  • 83
الفتح_أول صلاة عيد في بلغاريا منذ ٧٠ عام

رغم الإنجازات التي حققها مسلمو بلغاريا اليوم على الصعيد السياسي والحريات، لكنهم ما زالوا يعانون من سياسات “البَلْغرة”، وانتشار الجهل بتعاليم الإسلام، وهجرة الشباب، وسوء الأوضاع الاقتصادية، كما لا تزال نظرة العنصرية والكراهية تجاههم منتشرة في المجتمع البلغاري.

وفي سطور سريعة نلقي الضوء على تاريخ مسلمي بلغاريا:

تُعد بلغاريا بلدا من دول البلقان، يمثل المسلمون فيها اليوم قرابة 15% من سكان البلاد، لكن بعض الباحثين المسلمين البلغار يصل بالنسبة إلى 25% من إجمالي عدد السكان أي حوالي المليون ونصف المليون مسلم، تبلغ مساحة بلغاريا ۱۱۰,۹۱۰ کیلومتر مربع وعدد سكانها ٨,٧٧٥,١٩٨ نسمة، غالبيتهم نصارى (٨٥٪) والمسلمون أكثر من ١٥ والبقية ديانات أخرى.

بلغاريا إحدى دول البلقان الغنية بالمنتجات المعدنية، حيث يستخرج النحاس والرصاص والزنك والحديد، كما أنها بلد زراعي حيث تعد الأولى في إنتاج عطر الورد.

طريقة دخول الإسلام بلغاريا
دخل الإسلام إلى بلغاريا عن طريق الهجرات الفردية وعن طريق الجهود الفردية للدعاة المسلمين، ويذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان أن الإسلام انتشر في بلغاريا في منتصف القرن الثالث الهجري، حيث وقف ملك البلغار من الإسلام موقف سمحاً.
أما التحول الكبير في حياة البلغار إلى الإسلام، فقد تم بعد الفتح العثماني للبلاد في بداية النصف الثاني من القرن الثامن الهجري، حيث فتح العثمانيون مدينة بلوفديف سنة ٧٦٥هـ / ١٣٦٣م ، ثم مدينة صــوفـيـا في عام ٧٨٧هـ / ١٣٨٥ م، حتى تم فتح جميع مناطق بلغاريا عام ٧٩٦هـ / ١٣٩٣م . وقد خضعت بلغاريا للحكم العثماني حوالي خمسة قرون، اعتنق خلالها الكثير من أبناء الشعب البلغاري الإسلام.

ويتكون المسلمون في بلغاريا من ثلاثة أصول رئيسة :

- الأتراك ويرجع أصلهم إلى الفاتحين الأتراك ويتركزون في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، وكان يقدر عدد الأتراك بأكثر من 3 ملايين وقد أبيد منهم حوالي المليون . ويقدر عددهم الآن بنحو . ,٢,١٦٤ نسمة أكثرهم يتركز في المنطقة الشمالية.

- البوماك وهم المسلمون ذوو الطابع البلغاري وهم أحفاد القبائل التركية التي هاجرت في القرن الحادي عشر إلى المنطقة، ومن تلك القبائل ، اللومكن والكبجاك ويقدر عددهم بحوالي مليون مسلم.

 - الغجر وهم قبائل رحل ينتقلون في عدد من الدول الأوروبية، ويبدو أن عدد سكان بلغاريا تأثر بتذبذب عدد سكان الغجر فقد ذكرت إحصائية ۱۹۸۱ م أن عدد سكان بلغاريا بلغ ٧,٥٧ نسمة؛ ولكن بعد هجرة عدد من المسلمين الغجر، تدنى عدد سكان بلغاريا إلى ما هو عليه حالياً، حيث إن أعداد الغجر تتراوح بين ۷۰۰ و ۸۰۰ ألف نسمة، وقد تصعدت محاولات بلغرتهم بالإضافة إلى البوماك خلال الفترة ١٩٥٥ م ١٩٥٧م، ثم بطش الجيش الأحمر بهم في الفترة ۱۹۸۰ م - ۱۹۸۲م، حيث قتل منهم الآلاف وسجن عشرات الآلاف دون أدنى سبب سوى أنهم متمسكون بدينهم.

- المقدونيون : تقع مناطقهم في الجنوب الغربي من بلغاريا، وكانوا جزءاً من مملكة مقدونيا الكبرى التي أسسها الأسكندر المقدوني، وقد انقسمت إلى ثلاث مناطق تابعة لكل من اليونان ويوغوسلافيا وبلغاريا، ويسكنها بعض المسلمين في الدول الثلاث وتسمى منطقتهم في بلغاريا باسم مقدونيا بيرينؤ ويصل تعداد المقدونيين اليوم حوالي ٤٥٠,٠٠٠ نسمة من المسلمين، وأما الإحصاءات الرسمية، فتظهرهم أقل من ذلك وبتناقص مستمر، حيث أظهرت عددهم ٢٥٢٩٠٨ نسمة، وفي عام ١٩٦٦م أصبح عددهم ٨٧٥٠ نسمة فقط. وقد تعرض المقدونيون إلى الكثير من الاضطهاد والإبادة، وتشير الإحصاءات إلى أن عدد المسلمين بينهم يصل إلى ٦٠٪.

- التتار: يعيش في بلغاريا حوالي ١٠٠ ألف تتري وجميعهم مسلمون، هاجروا من الأناضول إلى بلغاريا في القرن الخامس عشر الميلادي، وقد أسسوا مدينة تحمل اسمهم هي تتار بزراجيك، كما جاءت هجرة أخرى من بلاد القرم ، وقد تعرض المسلمون في بلغاريا إلى كثير من الاضطهاد، سواء كان من الشيوعيين أو غيرهم، وكان آخر ما تعرضوا له هو محاولة طمس هويتهم تماماً في مواجهة البلغرة التي تطبقها بلغاريا . وقد هدمت مساجد المسلمين وأجبروا على تغيير أسمائهم والجلاء عن المدن الرئيسة، كما منعوا من إقامة شعائر دينهم.

وعندما سقط النظام الشيوعي عام ۱۹۸۹م، جرت انتخابات وحصل المسلمون على بعض حقوقهم ورفعت عنهم الضغوط التي فرضها النظام الشيوعي، وشهدت هذه الفترة تعاوناً مع الهيئات الإسلامية الموجودة في بلغاريا وأرسل بعض الشباب للدراسة في الدول الإسلامية، وعندما قويت شوكة الشيوعيين مرة أخرى، تعقدت الأوضاع مرة أخرى وأصبح الوضع بين المسلمين خصباً للعمل التنصيري وإحداث مزيد من المشكلات التي راح ضحيتها عدد من المسلمين، وقد ذكرت بعض الهيئات أن أكثر من ٥٠ ألفاً من المسلمين دخلوا النصرانية.
ولا شك أن الأمر يحتاج إلى تدخل الدول والهيئـات الإســلامـيــة للوقوف مع المسلمين والضغط على الحكومة البلغارية لمنحهم حقوقهم، ولو وجد المسلمون من يقف معهم، فإن المستقبل سيكون للإسلام في هذه المنطقة المهمة.

ومن المشكلات القائمة الآن، استيلاء الحكومة وبعض أتباعـهـا علـى الأوقاف الإسلامية وبيعها بأثمان بخسة، وتسعى الهيئات الإسلامية هناك إلى استنقاذها. ولكن لأنها هيئات خارجية فليس لديها قدرة على الوقوف ضد الحكومة.

ورغم انضمام بلغاريا للاتحاد الأوربي الذي يدعي تبني شعار الديمقراطية وحقوق الأقليات عام 2005م، إلا أن ذلك لم يأت بنتيجة تذكر لإلغاء لغة العنصرية المتبعة من قبل حكوماتها حيال المسلمين فيها، ففي مارس من عام 2009م نقلت وكالة الأنباء البلغارية تصريح (يان يانييف) زعيم المعارضة ورئيس حزب (نظام، قانون، عدالة RZS) بأن بلغاريا التي تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي تبدو بعض جهاتها وقراها في حاجة ملحة إلى عملية تحرير ثانية من الحكم العثماني.  إن ظاهرة الإسلاموفوبيا في بلغاريا  لا يبدو أنها ستتوقف أو أن تنتهي ما دام الغرب يحمل تلك الجرثومة الخبيثة التي تسمى العداء والحقد غير المبرر على الإسلام والمسلمين.