أمريكا.. البنوك تواجه أزمة قروض عقارية بتريليوني دولار

تتضمن القروض نحو 929 مليار دولار قروض عقارية تجارية مستحقة هذا العام

  • 7
الفتح - أرشيفية

تواجه البنوك الأميركية المنكشفة على القطاع العقاري مشكلة قروض عقارية مستحقة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة تصل إلى نحو تريليوني دولار، منها نحو 929 مليار دولار قروض عقارية تجارية مستحقة في 2024؛ هذا ما كشفت عنه بيانات وأرقام شركة الاستشارات العقارية والسمسرة "نيومارك" التي تشارك في تسوية ديون مصرف "سيغنيتشر" المنهار.

ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن الرئيس التنفيذي للشركة باري غوسين قوله: "إن البنوك ستكون تحت ضغط شديد في الفترة المقبلة مع توالي مواعيد استحقاق تلك الديون العقارية، خصوصا على العقارات التجارية"، وأضاف: "أن شركة نيومارك تتولى مهمة تسوية ديون عقارية على البنك المنهار بنحو 50 مليار دولار، وبحسب التعديلات التي أدخلتها السلطات بعد الأزمة المالية العالمية في 2009 لتشديد القيود على القروض العقارية تفاديا لأزمة جديدة، فإن بعض المقرضين سيكون عليهم إما تسييل تلك القروض التي قدموها أو إيجاد طريقة أخرى لتقليل انكشافها على القطاع العقاري".

وتابع غوسين: "أنه أمام تلك البنوك التي قدمت تلك القروض العقارية، إن لم تتمكن من تسييلها، أن تبحث عن طريقة لإعادة توريقها أو الدخول في صفقات نقل أخطار بالبحث عن مستثمرين آخرين مستعدين لتحمل أخطار الخسائر، أو كملاذ أخير التوقف عن الإقراض العقاري تماما".

ديون العقارات التجارية

وتشير بيانات رابطة بنوك القروض العقارية الأميركية إلى أن نحو 1 تريليون دولار من القروض العقارية التجارية (عقارات مكاتب وأمثالها، إضافة إلى مجمعات سكنية) مستحقة عام 2024، بمعنى أنها إما يتم تحصيلها أو إعادة تمويلها، ومشكلة إعادة التمويل أنه سيكون بكلفة أكبر على البنوك المقرضة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة حاليا، في حين أن تلك القروض قدمت من قبل في فترة كانت أسعار الفائدة فيها قرب الصفر، أما الآن فتزيد نسبة الفائدة الرسمية من مجلس الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي) على 5%.

ومن بين تريليوني دولار من القروض العقارية التجارية المستحقة ما بين هذا العام وعام 2026، هناك أكثر من نصف تريليون دولار (670 مليار دولار) مستحقة عام 2026 يعتقد بأنها ديون رديئة (تمثل مشكلة في تحصيلها أو إعادة تمويلها)، خصوصا أن ارتفاع كلفة الاقتراض تزامنت مع تراجع قيمة العقارات التجارية.

ويضيف إلى مشكلات العقارات التجارية والمجمعات السكنية أن مالكيها المقترضين من البنوك بالغوا في الإنفاق بالائتمان أثناء انخفاض أسعار الفائدة، ثم تراكمت عليهم أيضا كلف الصيانة والتشغيل خلال الأعوام الأخيرة.

وتعليقا على ذلك قال غوسين الذي يترأس شركة "نيومارك" منذ أربعة عقود، عن مشكلات الديون العقارية الحالية: "إننا في بداية ظهور تأثير هذا الحجم الهائل من القروض الآن؛ إذ إن هناك جزءًا من تلك القروض لم تظهر مشكلاته على السطح بعد، وهناك جزء بانتظار أن يظهر تأثيره قريبا، والجزء الآخر يحتاج إلى إعادة تمويل بسعر فائدة أعلى بكثير"، مضيفا: "أن أي شخص استثمر في المباني التجارية، مكاتب وغيرها، خلال الأعوام الخمسة الأخيرة أصبحت لديه مشكلة". مشيراً إلى أنه "مع أزمة وباء كورونا عام 2020 بدأ نظام العمل من المنزل؛ مما شكل ضغطا على العقارات التجارية، بل أصبحت بعض المباني القديمة في وضع إزالة"، ولفت إلى أن ذلك "يمثل ضغطا على البنوك المقرضة لتلك العقارات؛ ففي مدينة نيويورك وحدها هناك مبانٍ إدارية ومكاتب على نحو 50 مليون قدم مكعبة تتعين إزالتها".

فرصة بيع الديون العقارية

وفي ظل الضغوط المتزايدة على البنوك والمقرضين العقاريين الذين قدموا قروضا كبيرة في فترة انخفاض أسعار الفائدة، يضطر هؤلاء حاليا إلى بيع تلك القروض بسعر أقل من قيمتها، وتحمل خسائر معقولة الآن بدلا من خسائر أكبر إذا لم يتم تحصيلها وأصبحت "ديونا معدومة".

ويمثل ذلك الوضع فرصة للمستثمرين المعنيين بشراء الديون بسعر رخيص، ويكسبون من تحصيلها إذا لم تكُن رديئة تماما أو الحصول على الأصول المرهونة مقابلها بقيمة أقل بكثير من سعر السوق، ومن بين هؤلاء المشترين الأشخاص الأثرياء وصناديق الاستثمار في سندات الدين.

وتعليقا على ذلك قال نائب رئيس شركة "سي بي آر إي" المتخصصة في بيع وشراء الديون باتريك آرانجيو: "إن الحجم الهائل للديون المستحقة قريبا جدا يرجع إلى تمديد فترة القروض لأجل قصير في وقت وباء كورونا ما بين 2020 و2023"، مضيفا: "أن شركته ترى أن نشاطها في الفترة المقبلة سيزيد بسبب الحجم الهائل من الديون العقارية التي تصل إلى أجل الاستحقاق، وحاجة البنوك والمقرضين إلى تخفيف عبء القروض العقارية التي تمثل مشكلة من دفاتر حساباتها"، وأوضح "أن الحجم الهائل لتلك القروض التي تحتاج إلى تصفيتها في فترة قصيرة جدا الآن سيؤدي إلى ارتفاع كبير في توريق الديون في السوق وعمليات بيع سندات الدين في القريب العاجل ولفترة مقبلة".

في غضون ذلك، يظل نشاط سوق بيع وشراء الديون العقارية المتوقع مرتبطا أيضا بأداء السوق العقارية من ناحية الأسعار وعمليات البيع والشراء، وإن كانت البنوك مضطرة الآن إلى التخلص من قدر كبير من القروض العقارية المشكوك فيها بخسائر محدودة، فإن المشترين المستثمرين في الدين ينظرون إلى تطور وضع السوق خشية حدوث انفجار لفقاعة عقارية مثلما حدث عام 2008 وأدى إلى الأزمة المالية العالمية.