أمريكا.. ترامب يشكك في نزاهة القاضي وسط مساعٍ لتأخير المحاكمة

  • 7
الفتح - الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب

تتواصل عملية انتقاء هيئة المحلفين من سكان نيويورك اليوم الثلاثاء في اليوم الثاني من محاكمة دونالد ترامب في قضية جنائية تُعد غير مسبوقة لرئيس أميركي سابق.

وأمس الاثنين، بدأت في نيويورك محاكمة ترامب في قضية جنائية، في تطور قد يشكل تحولاً دراماتيكياً في استحقاق رئاسي يسعى فيه الجمهوريون للعودة إلى البيت الأبيض.

والرئيس السابق الذي لطالما وصف القضية بأنها صورية، جدّد أمس في ختام الجلسة الأولى لهذه المحاكمة التشكيك في نزاهة القاضي خوان ميرشان المكلّف ترؤس جلسات محاكمته.

وقال ترامب للصحفيين أمام المحكمة في مانهاتن: "لن نُمنح محاكمة عادلة"، مضيفاً "لدينا مشكلة حقيقية مع هذا القاضي".

ورفض القاضي ميرشان طلب التنحي الذي تقدّم به الدفاع. وحذر ميرشان ترامب في خطوة معتادة مع كل المتهمين، من أنه سيتعين عليه حضور الإجراءات في محكمة مانهاتن يوميا وإلا سيواجه التوقيف.

وحذر القاضي ترامب أيضاً من تكرار محاولاته عرقلة الجلسات بمنشورات تحريضية على شبكات التواصل الاجتماعي ونوبات غضب خلال الجلسات.

وحدد ميرشان جلسة استماع الأسبوع المقبل للإدعاء لتقديم دفوعه فيما يتعلّق بإدانة ترامب بازدراء المحكمة بخرقه أمرا قضائيا يمنعه من توجيه انتقادات لأشخاص على صلة بالقضية.

انتقاء هيئة المحلفين

ترامب أول رئيس سابق في تاريخ الولايات المتحدة يمثل أمام محكمة في قضية جنائية، في محاكمة قد تفضي إلى حكم بالسجن؛ وبالتالي إلى قلب موازين حملة الانتخابات الرئاسية التي يخوضها الملياردير مرشحا عن الحزب الجمهوري.

وبدأت عملية انتقاء أعضاء هيئة المحلفين الـ12 مع إبقاء هوياتهم طي الكتمان؛ لحمايتهم من أي رشوة أو ضرر جسدي.

وهؤلاء مكلفون بالبت فيما إذا كان الملياردير الجمهوري مذنبا في تزوير مستندات محاسبية لمجموعته العقارية "منظمة ترامب" Trump Organization.

وسمحت هذه النسخ المزوّرة، بحسب الادعاء، بإخفاء مبلغ 130 ألف دولار في المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية خلال عام 2016.

ومن أصل 96 مرشحاً، استبعد 50 سريعاً بعدما أقروا بتعذر اتخاذهم موقفاً منصفاً وغير متحيّز في قضية على صلة بأحد أشهر الرجال في العالم وأحد أكثرهم إثارة للجدل. ولاحقاً سمح لتسعة آخرين بالمغادرة بعد إعلانهم عن أسباب تمنعهم من أداء الدور المطلوب منهم.

وقال أحد محامي ترامب: إن عملية انتقاء المحلفين قد تستغرق أسبوعين.

وهؤلاء وهم مواطنون عاديون أُلقي بهم بين ليلة وضحاها في فوضى هذه المحاكمة غير المسبوقة، بينهم ممرضة وبائع كتب ومحامٍ، فاضطروا إلى الكشف عن تفاصيل في حياتهم الخاصة أمام المحكمة، مثل مهنتهم ووضعهم العائلي ومصادر معلوماتهم وهواياتهم. وطُلب منهم التعبير عن تعاطفهم أو تحيّزهم تجاه المتهم.

تُعدّ هذه المرحلة حاسمة في المحاكمة، ويُمكن خلالها لكل من الادعاء والدفاع رفض عدد معين من المحلفين من دون الحاجة إلى تقديم مبرر، ويمكن أن تستمر حتى الأسبوع المقبل أو أبعد من ذلك.

اعتداء على الولايات المتحدة

وتساجل محامو الجهتين مع القاضي بشأن الأدلة الممكن اعتمادها، في حين جلس ترامب بكتفين منحنيتين ناظراً إلى الأمام أو محدقاً بشاشة الكمبيوتر إلى جانب فريقه القانوني.

وأفاد مراسل لصحيفة "نيويورك تايمز": كان يجلس على مقربة من الملياردير الجمهوري، بأن الأخير بدا مراراً أنه غفا وتدلى رأسه.

وطلب الادعاء تغريم ترامب لخرقه حظراً فرضه ميرشان يمنعه فيه من توجيه انتقادات لشهود محتملين وغيرهم من طاقم المحكمة على شبكات التواصل الاجتماعي. وأشار ميرشان إلى أنه سيبت في هذه المسألة لاحقاً.

ولدى وصوله إلى المحكمة في مانهاتن، قال ترامب في تصريح لصحفيين: إن المحاكمة هي "اعتداء على الولايات المتحدة".

وأمام مقر المحكمة، نُظّم تجمّع غير حاشد مؤيد لترامب، أطلق خلاله المتظاهرون هتافات بذيئة ضد الرئيس جو بايدن والمدعي العام في مانهاتن ألفين براغ. ولوّح أحدهم بعلم كتب عليه "ترامب أو الموت".

مساعي تأخير المحاكمة

وبعد أكثر من ثلاث سنوات من تركه البيت الأبيض في حالة فوضى، يواجه ترامب (77 سنة) نظريا عقوبة بالسجن، لكن ذلك لن يمنعه من أن يكون مرشحا للانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر المقبل، التي يسعى خلالها إلى الثأر من بايدن، لكنه سيضع الحملة في وضع غير مسبوق.

وأوضح أستاذ القانون في جامعة ريتشموند كارل توبياس لوكالة الصحافة الفرنسية: "أن التحديات كبيرة جدا؛ لأن ترامب ومحاميه نجحوا حتى الآن في تأخير المحاكمتين (الأخريين)"، إحداها بتهمة القيام بمحاولات غير مشروعة لقلب نتائج انتخابات 2020 التي فاز فيها بايدن، والثانية الاحتفاظ بوثائق سرية.

وأضاف: أن قضية ستورمي دانيالز التي اعتبر خبراء أنها ضعيفة "قد تكون الوحيدة التي سيصدر حكم بشأنها قبل الانتخابات".

حتى الأيام الأخيرة، واصل محامو ترامب عبثاً تقديم الطعون لتأخير الموعد النهائي للمحاكمة. ومساء السبت الماضي، خلال اجتماع في ولاية بنسلفانيا، صوّر الرئيس الأميركي السابق نفسه مجددا على أنه ضحية اضطهاد قانوني وسياسي. وقال لمؤيديه: "يريد أعداؤنا سلبي حريتي لأنني لن أسمح لهم أبدا بسلبكم حريتكم"، مؤكّداً أنه سيدلي بشهادته.

ووصف فريق حملة ترامب المحاكمة بأنها "اعتداء مباشر على الديمقراطية الأميركية". وقال في بيان: "هذه الاتهامات ملفقة بالكامل بغية التدخل في الانتخابات".

في الأسبوع الماضي، أكد ترامب أنه سيحضر الجلسة، في خطوة غير اعتيادية لمتهم وتنطوي على أخطار إذ يتعين استجوابه.

34 تهمة

تحظى المحاكمة بتغطية إعلامية عالمية رغم أن الجلسات ستعقد خلف أبواب مغلقة.

ووجهت لترامب 34 تهمة قبل سنة على خلفية "تزوير مستندات محاسبية"، يعاقب على كل منها بالسجن لمدة قد تصل إلى 4 سنوات. وردا على ذلك دفع الملياردير ببراءته مندداً كما فعل في سياق قضايا أخرى، بحملة "تنكيل شعواء" هدفها منعه من العودة إلى البيت الأبيض.

وفي حال إدانته؛ يمكن أن يصدر حكم بالحبس لمدة أقصاها 4 سنوات عن كل تهمة، لكن لا مدة حبس إلزامية، كذلك يمكن القاضي أن يقرر منحه إطلاق سراح مشروطاً.

وبالنسبة إلى المدعي العام ألفين براغ، فإن إخفاء دفع مبلغ الـ130 ألف دولار يمثل تزويراً انتخابيا لأن الهدف من العملية كان التستر على معلومات قد تضر بالمرشح الجمهوري.

وسيكون أحد تحديات المحاكمة هو تحديد ما كان يعرفه ترامب عن هذه المدفوعات عند حدوثها.

وسيكون محاميه السابق مايكل كوهين -الذي يؤكد أنه دفع المال جاء بناءً على طلب ترامب، وأدين في محكمة فيدرالية في هذه القضية- أحد الشهود الرئيسيين للادعاء.

طعن أمام المحكمة العليا

في غضون ذلك، تنظر المحكمة العليا في الولايات المتحدة اليوم في طعن ضد استخدام قانون تم اللجوء إليه لتوجيه إحدى التهم لترامب ومئات من أنصاره الذين شاركوا في الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021.

ويواجه المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية أربع دعاوى جنائية لمحاولات غير مشروعة لقلب نتيجة انتخابات 2020 التي خسرها أمام بايدن.

وهو متهم بالتآمر ضد المؤسسات الأميركية، وتقويض الحق في التصويت، وعرقلة إجراء رسمي؛ أي الجلسة التي كان من المقرر أن يصادق خلالها الكونجرس على نتائج التصويت الرئاسي في السادس من يناير 2021.

والشرطي جوزيف فيشر واحد من مئات أنصار ترامب الذين وجّهت إليهم تهمة عرقلة إجراء رسمي أو دينوا بها. وهو يسعى إلى إسقاط الملاحقات في حقه بهذه التهمة؛ ما قد يكون له تأثير كبير على المتهمين الآخرين بمن فيهم ترامب.

ووافق قاض فيدرالي عينه ترامب على طلب فيشر بإسقاط التهمة، معتبراً أن القانون أسيئ تفسيره ولا يمكن استخدامه إلا للمحاكمات المتعلقة بقضايا الجرائم المالية،  لكن محكمة الاستئناف الفيدرالية نقضت هذا الحكم.

والآن يتعين على المحكمة العليا -حيث 6 من أصل 9 قضاة محافظين (من بينهم 3 عينهم ترامب)- النظر في القضية. ويفترض أن تصدر حكمها مع انتهاء جلستها في يونيو المقبل، قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية.

وكان يفترض أن تبدأ محاكمة ترامب بتهمة التدخل في انتخابات 2020 خلال الرابع من مارس الماضي، لكنها أُرجئت إلى أجل غير مسمى في انتظار صدور حكم المحكمة العليا بشأن مسألة الحصانة الجنائية التي يؤكد ترامب أنه كان يحظى بها أثناء توليه الرئاسة.

ومن غير المتوقع أن تصدر أعلى محكمة في البلاد حكمها قبل يونيو أو يوليو المقبلين، علما بأن عقوبة عرقلة إجراء رسمي تصل إلى السجن 20 عاماً.

  • كلمات دليلية
  • ترامب
  • محاكمة