المؤسسات والنشاط الدعوي للمسلمين في فرنسا

  • 16
الفتح - الأقليات المسلمة في فرنسا

تقع فرنسا في الجنوب الغربي من أوروبا وهي تطل على خليج بسكي والمحيط الأطلسي من الغرب وعلى بحر المانش من الشمال وعلى البحر المتوسط من الجنوب، وهي محاطة بست دول أوروبية هي: بلجيكا ولوكسمبورج من الشمال، وألمانيا وسويسرا من الشرق، وإيطاليا من الجنوب الشرقي، وأسبانيا من الجنوب الغربي، وتعد جزيرة كورسيكا جزءًا من فرنسا.
وتواجه الأجيال المسلمة الجديدة الموجودة في قارة أوروبا خطرًا داهمًا جراء تعرضها لمسخ الهوية الإسلامية والانسلاخ من الدين.المؤسسات الإسلامية والنشاط الدعوي في فرنسا:

المؤسسات والهيئات الإسلامية في فرنسا

يعتمد المسلمون في المجتمعات غير الإسلامية على الله -ثم على أنفسهم- في توفير ما يحتاجونه من خدمات تعليمية ودعوية واجتماعية، ويتم ذلك في الغالب، من خلال تأسيس المؤسسات الإسلامية والتعاون في إدارتها لخدمة المسلمين حسب ما تستطيع، وقد أسس المسلمون في فرنسا عددا من المؤسسات الإسلامية، بعضها رسمي يتعاون مع الحكومة الفرنسية وبعضها الآخر ينسق الجهود مع المراكز الإسلامية والهيئات الدعوية الموجودة في فرنسا.

بعض الهيئات الإسلامية في فرنسا مرتبة حسب تاريخ تأسيسها وذلك على النحو التالي:

1- مسجد باريس:
تأسس عام ۱۹۲۲م، بقرار من المحكمة الفرنسية، وشاركت في بنائه دول المغرب العربي، وقد ظل مسجد باريس لفترة طويلة يعد رمزا للإسلام في فرنسا، وكان عميده هو المتحدث الرسمي باسم المسلمين، ولكن بعد تطور الجالية المسلمة وازدياد الجمعيات الإسلامية وانتشار المساجد ضعف تمثيل مسجد باريس للمسلمين وخصوصا بعد الثمانينيات الميلادية من القرن العشرين، عندما ازداد النفوذ الفرنسي في إدارة المسجد، حيث أصبحت الحكومة الفرنسية تعين الإمام وتوجه سياسة المسجد، وقد قام نزاع بين الحكومتين الفرنسية والجزائرية حول أحقية كل منهما في إدارة المسجد، وهذا أيضا أضعف من تمثيله للمسلمين في فرنسا، ومع ذلك، فالمسجد يقدم بعض الخدمات وتصلى فيه الجمعة وتزوره المدارس الفرنسية للتعرف على الإسلام والهندسة المعمارية الإسلامية.

2- رابطة الطلبة المسلمين:
تأسست عام ١٩٦٧م لتقوم ببعض المناشط بين الطلاب المسلمين في الجامعات الفرنسية، وقد ساهمت في نشر الكتاب الإسلامي واستقطبت عددا من الشباب ولكن نشاطها ضعف في السنوات الأخيرة، حيث بدأت الجالية في الاستقرار ولم يقتصر نشاطها على الطلاب المبتعثين.

3- الاتحاد الإسلامي التركي:
وهو جمعية تركية تأسست عام ۱۹۸۰م وفتحت حوالي ۲۰ فرعا في المدن الفرنسية التي يوجد بها أتراك، ويعمل هذا الاتحاد بالتعاون مع حزب الرفاه (الإسلامي)، ويقوم الاتحاد على إدارة العديد من المساجد والمراكز الإسلامية كما يعمل في الدعوة بين أوساط الجالية التركية التي تقدر بحوالي ١٥٠ ألف نسمة في فرنسا، وبحكم اللغة، فقد انعزلت الجالية التركية عن بقية المسلمين في فرنسا، بل وبين الأتراك أنفسهم تجد نشاطين، أحدهما تدعمه الحكومة في تركيا، والآخر وهو الاتحاد الذي يميل إلى نهج حزب الرفاه.

4- اتحاد المنظمات الإسلامية:
صدرت موافقة السلطات الفرنسية على تأسيس الاتحاد في ٨/٣/ ۱۹۸۳م الذي دعى إليه عدد من الجمعيات الإسلامية في فرنسا بلغت حوالي اثنتي عشرة جمعية في عدد من المدن الفرنسية، مثل: نانسي واسترازبورغ ومیان ورانس وليل ويوردو ونيس، وقد انضمت جمعيات أخرى للاتحاد بعد ذلك، بلغ عددها أكثر من ٢٠٠ جمعية عاملة ومناصرة ومتعاونة موزعة على أهم المدن الفرنسية.
ومن الجدير بالذكر، أن بعض المنظمات والجمعيات الأعضاء في الاتحاد أقدم منه وجودا في العمل الإسلامي، ويقوم اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا بعدد من المناشط في مجال خدمة المسلمين، من أهمها اللقاء السنوي الذي يحضره عشرات الآلاف من المشاركين والمخيمات الصيفية والمحاضرات والدروس الدورية، كما أن للاتحاد نشاط نسوي مواز لنشاطه العام.
وفي الجملة، فإن للاتحاد إدارات متعددة في مجال التعليم والشباب والبحوث والاستثمار واللجان الخيرية وغيرها، كما أنشأ عددا من المؤسسات المتخصصة في مجال الإعلام والطب وغير ذلك (اتحاد المنظمات الإسلامية - ۱۹۹۷م)، وقد اشترى الاتحاد قبل عدة سنوات موقعا في مدينة شاتوشنيون حوله إلى كلية إسلامية للدراسات الأوروبية تقوم بتدريس الشريعة وأصول الدين واللغة العربية.

5- الاتحاد العام لمسلمي فرنسا:
تأسس عام ١٩٨٥ م بجهود اتحاد الجمعيات الإسلامية وغيره لتمثيل المسلمين في فرنسا، ورغم وجود الصيغة الاتحادية، فإنها لم تنجح كثيرا في تمثيل المسلمين في فرنسا، بسبب الخلافات والتأثير الخارجي على سير العمل في الاتحاد.

6- تنظيمات جهوية:
تأسست تجمعات جهوية في عدد من المناطق الفرنسية، حاولت أن تجمع أكبر عدد من الجمعيات الإسلامية الموجودة في منطقة واحدة، وتهتم بخدمة المسلمين في تلك المنطقة مع التنسيق مع الجمعيات والمنظمات الكبيرة على مستوى القطر كله.
ومن أبرز هذه الجمعيات الجهوية:
- المجلس الجهوي للجمعيات الإسلامية في الجنوب الغربي لفرنسا.
- ملتقى الجمعيات الإسلامية في شمالي فرنسا.
- مجلس الجمعيات الإسلامية بغربي فرنسا.
- رابطة الجمعيات الإسلامية بشرقي فرنسا.

7- الجمعيات الأفريقية:
يوجد عدد من الجمعيات الإسلامية التي تتحرك بين الأفارقة، خصوصا من السنغال ومالي، كما أنها تسهم في تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي، خصوصا بين الماليين.

8- تجمعات أخرى:
توجد جمعيات إسلامية عديدة يقوم عليها مسلمون من أصول معينة، كالباكستانيين والبوسنويين والماليزيين وغيرهم، وهم في انعزالهم، يشبهون الأتراك وبعض العناصر غير العربية الأخرى، ولكنهم يخدمون جاليتهم بشكل أو بآخر، وتنتشر بينهم بعض مظاهر الجهل بالإسلام وسوء تطبيقه.

9- المؤسسات المحلية:
جدير بالذكر أنه يوجد في كل مدينة من المدن الفرنسية التي يوجد بها مسلمون نشاط دعوي محلي، يتمثل في المسجد أو المركز الإسلامي، وما يتم به من صلاة ودروس ولقاءات دورية، هذا بالإضافة إلى دروس تحفيظ القرآن الكريم عندما توجد. وعليه، فكل الجمعيات المذكورة أعلاه لها نشاط محلي، سواء كان قليلا أو كثيرا، وقد تشترك في بعض المناشط مع جمعيات أخرى في البلد نفسه.

10- الهيئات الإقليمية:
إذا ذكرنا أن فرنسا تتكون من عدد من المقاطعات والولايات، فإنه يمكن اعتبار معظم الجمعيات الجهوية والهيئات ذات الفروع المتعددة في داخل فرنسا هيئات أو مؤسسات إقليمية، يشترك في نشاطها أكثر من مقاطعة من خلال فروعها الموزعة، وينطبق ذلك بشكل خاص على اتحاد المنظمات الإسلامية والاتحاد العام لمسلمي فرنسا حيث تبلغ المؤسسات المتعاونة مع هاتين الهيئتين المئات في كافة نواحي فرنسا.

11- المنظمات العالمية:
يقتصر نشاط الهيئات الإسلامية الفرنسية على فرنسا ولا يتجاوزها إلى الخارج، ومع ذلك، فكثير من المؤسسات الفرنسية لها صلات مع هيئات ومنظمات عالمية خارج فرنسا، بخاصة اتحاد المنظمات الإسلامية.

وهناك هيئات عالمية موجود لها فروع في داخل فرنسا تقدم للمسلمين بعض الخدمات التعليمية والدينية والاجتماعية وغيرها، ومن هذه الهيئات:
- رابطة العالم الإسلامي التي لها مكتب في العاصمة الفرنسية يعمل منذ سنوات طويلة ويقدم خدماته للمسلمين في فرنسا.
- كما يوجد مكتب دعوة تابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية الذي يقدم خدمات دعوية وثقافية المسلمي فرنسا، وذلك من خلال توزيع الكتاب الإسلامي بالإضافة إلى دعاته المنتشرين في عدد من المدن الفرنسية.
- ومن الهيئات العالمية التي تقدم بعض الدعاة للعمل الإسلامي في فرنسا، الأزهر الشريف في جمهورية مصر العربية، حيث يوجد بعض خريجي جامعة الأزهر يقومون بتعليم المسلمين والتدريس في بعض المساجد والمراكز الإسلامية، وتقدم الندوة العالمية للشباب الإسلامي بعض الخدمات الثقافية والفكرية والمساعدات الطلابية لبعض مسلمي فرنسا، وإن لم يكن لها مكتب متكامل هناك، بل يتم نشاطها مباشرة أو من خلال أشخاص، حيث تتعاون مع معظم الهيئات الإسلامية في فرنسا، وأوصلت كثيرا من المساعدات للمساجد والمراكز في مناطق متفرقة من فرنسا من خلال وفود زارت الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض أو أحد فروعها في المملكة.