الأزمة الأوكرانية.. جدل دائم بين موسكو و واشنطن

  • 124

عنونت الأزمة الأوكرانية حرباً كلامية جديدة بين موسكو وواشنطن ، وذلك على خلفية تلويح البيت الأبيض بفرض مزيد من العقوبات على روسيا، بسبب تدخلاتها شرقي أوكرانيا ودعمها للانفصاليين هناك، فقد حذر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء زيارته كييف ، روسيا من مواجهة ما أسماه "عزلة إضافية"،وقال بايدن بعد لقائه الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو إنه من غير المقبول في القرن الحادي والعشرين أن تحاول دولة اعادة رسم حدود بالقوة لمجرد أنها تعارض قراراً اتخذته جارتها، وحذر بايدن من انه اذا لم تلتزم روسيا بتعهداتها بموجب اتفاقات مينسك الموقعة في سبتمبر الماضي فإنها ستدفع ثمنا أكبر، وستواجه المزيد من العزلة.

وتنص اتفاقية مينسك الموقعة في العشرين من شهر سبتمبر الماضي بين الحكومة الأوكرانية والانفصاليين الأوكرانيين، على وقف اطلاق النار واقامة منطقة منزوعة السلاح على عرض 30 كلم، وسحب المدفعية الثقيلة من الجانبين لمسافة 15 كلم من "خط التماس" بينهما، كما تنص كذلك على منع المقاتلات الجوية والطائرات بدون طيار من التحليق فوق المنطقة المنزوعة السلاح، التي ستكون تحت اشراف منظمة الامن والتعاون في أوروبا ،وعدم دخول كل المجموعات المسلحة والمعدات العسكرية والمقاتلين والمرتزقة الى هذه المنطقة - في اشارة إلى القوات الروسية".

وفي المقابل اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الغرب بالسعي إلى "تغيير النظام" في روسيا، وقال لافروف إن الساسة في الغرب يقولون إنه من الضروري فرض عقوبات على موسكو من شأنها تدمير الاقتصاد الروسي، والتسبب في اندلاع احتجاجات شعبية تفضي إلى تغيير النظام.وأشار لافروف إلى أن هذه العقوبات لا تشبه العقوبات التي طبقت ضد كوريا الشمالية أو إيران بحيث لا تؤذي ولا تصيب إلا النخبة ،ولا تتسبب بأضرار في المجال الاجتماعي والاقتصادي، ونفى لافروف أن تكون روسيا مهددة بالعزلة، كما حذرها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لكنه أقر بأن العلاقات مع أوروبا قد تغيرت، وأوضح أنه ليس في نية موسكو وقف التعاون مع أوروبا، لكن كل طرف يدرك أنه لم يعد ممكنا أن تستمر الأمور كما في السابق.

وكانت روسيا قد رفضت تقرير بعثة مراقبة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الخاص بالوضع في أوكرانيا وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية ، أن التقرير يشوه الوقائع بشأن الوضع على الحدود الروسية الأوكرانية، ويدعم فكرة وجود عسكريين روس في شرق أوكرانيا، وذلك استناداً إلى مصادر مشكوك فيها- حسب بيان الخارجية . وعبر بيان الخارجية عن أمل موسكو في ان تحقق الأمم المتحدة في وجود مقابر جماعية لمدنيين بمقاطعة دونيتسك يعتقد أن القوات الأوكرانية قامت بإعدامهم .كما أكدت الخارجية الروسية أن البعثة الأممية لم تتحدث، عن استخدام القنابل العنقودية والحارقة ضد المدنيين من قبل القوات المسلحة الأوكرانية في مدينة دونباس رغم ورود تأكيدات لذلك في تقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش".وبعد عام على التحرك الشعبي الذي قسم أوكرانيا وأجج التوتر بين الغرب وروسيا ، فقد عزز الموالون للغرب مواقعهم وأبرمت الأحزاب السياسية الخمسة الموالية للغرب الفائزة في انتخابات 26 اكتوبر اتفاقا ينص على تشكيل أكثرية في البرلمان وتقريب البلاد من الحلف الأطلسي.وينص اتفاقهم على تعهد البرلمان إجراء تعديل للتشريعات الوطنية قبل نهاية العام من أجل "الغاء عدم انحياز أوكرانيا" و"انعاش الجهود السياسية من أجل الانضمام الى الحلف الأطلسي"، ومن شأن أية خطوة تقوم بها كييف للانضمام الى الحلف الاطلسي أن تزيد من غضب روسيا الساعية الى ابقاء اوكرانيا في فلكها فيما تدعم الانفصاليين الموالين لها في الشرق في مساعيهم الى الانفصال منذ أبريل الماضي.

وفي الوقت الذي تستمر فيه الحرب الكلامية بين روسيا من جهة والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي من جهة أخرى ،فإن الحرب الحقيقة وضعت تلك الدولة في مأزق عبرت عنه الأمم المتحدة بقولها إن القانون والنظام في أوكرانيا "على حافة الانهيار" في ظل ارتفاع عدد القتلى من المدنيين على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف المتقاتلة.وقال جياني ماجازيني المسؤول في مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في تقريره الشهري السابع عن الوضع في أوكرانيا، "إن اتفاق مينسك فشل في تقليل عدد الأشخاص الذين يتعرضون للقتل والتعذيب والاختفاء في شرق البلاد ،واضاف أن نحو ألف شخص قتلوا منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شهر سبتمبر ،فيما وصل عدد المشردين داخليا إلى أكثر من أربعمائة وستة وستين ألفا منهم تسعة عشر ألف شخص من شبه جزيرة القرم.

الحكومة المركزية في كييف هي الأخرى زادت من حصار الشرق الموالي لروسيا ،وأعلنت في مرسوم أنها ستوقف قريبا دفع المخصصات الاجتماعية للشرق، مرغمة بذلك السكان الراغبين في الاستفادة من الإعانات على مغادرة المناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين.

ويأمر المرسوم ايضا بنقل الموظفين الرسميين بموافقتهم وسحب ما يمكن من الوثائق والأملاك العامة ونقل المحاكم والهيئات القضائية والسجناء خارج المناطق الواقعة تحت سيطرة الانفصاليين. كما ينص على العفو عن مرتكبي الجنح الصغيرة.. ووقف الخدمات المصرفية للشركات والأفراد خلال شهر.وكان حلف شمال الاطلسي قد اكد في منتصف الشهر الجاري دخول قوات روسية الى الشرق الانفصالي في اوكرانيا الموالي لروسيا، فيما قالت كييف إنها تستعد للعودة الى القتال في المناطق الشرقية المضطربة ،وأعلن وزير الدفاع الأوكراني ستيفان بولتوراك خلال جلسة مجلس الوزراء في كييف أن اوكرانيا تستعد للمعركة ردا على تزايد أعداد القوات الروسية والقوات المتمردة.

وادرج الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد روسيا بعد ضم القرم في شهر مارس وتم تشديدها على اثر اسقاط طائرة البوينغ في الرحلة ام اتش 17 ،في 17 يوليو بصاروخ فوق الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرق أوكرانيا ،وعلى متنها 298 شخصًا