عاجل

ولدي محترم

  • 194

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده -صلى الله عليه وسلم-:

إن من مظاهر احترام الآخرين الاستئذان منهم فيما يتعلق بهم، ( قال له موسى هل أتبعك على أن تُعلمنِ مما عُلمت رُشداً )، فسلم موسى واستأذن , أتأذن لي أن أتبعك لتعلمني من العلم الذي علمك الله إياه ما استرشد به؟

وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يحترم الأطفال الصغار إذا حضر أحدهم أحد مجالس الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان الغلام يجلس على يمين النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى يساره الأشياخ، فلما أُتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بشراب شرب منه ثم قال للغلام: ( أتأذن لي أن أعطى هؤلاء؟ فقال الغلام: ( لا يا رسول الله , لا أوثر بنصيبي منك أحدًا, فأعطاه له النبي -صلى الله عليه وسلم- ).

وفى مشهد آخر أُتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بلبن وعن يمينه ابن عباس وعن يساره خالد بن الوليد، فقال -صلى الله عليه وسلم-  لابن عباس: ( أتأذن لي أن أسقي خالدًا؟) قال ابن عباس : ما أحب أن أوثر بسؤر رسول الله على نفسي أحدًا؛ فأخذ ابن عباس فشرب وكان غلاما وشرب خالد.

 وهنا أقول: كم مرة استأذنت ولدك أن تفعل شيئا هو من حقه؟ أو أن تأخذ شيئا هو من حقه لتعطيه غيره؟ كم مرة؟ وهل تركت له الحرية في القبول أو الرفض؟ تخيل أنك ترتب الخروج معك بين أولادك وجاء دور محمد، ولكنك تريد أن تأخذ أحمد فهل استأذنت الأول؟ وهل له الحرية أن يأذن أو لا؟ وإن تمسك بحقه وقال: لا هذا دوري . فما رد فعلك؟

إن أبناءنا قد لا يجدون الاحترام منا لأشخاصهم، ولا يشعرون بتقدير الآباء للمرحلة العمرية التي يمرون بها؛ بل يرى الابن أن والده يتعمد أن يعامله على أنه طفل صغير ليس له حقوق ولم يكبر بعد، بل ويعتدي على كل حقوقه وكأن الغلام لا شخصية له ولا اعتبار له.

 فإذا كنا لا نحترم أبناءنا بل نعاملهم برفع الصوت عليهم واستخدام سلطة الأب وصاحب القرار الأوحد. إن كثرة رفع صوتك على ولدك دائما يربى شخصية لا تحترم من أمامها، ويؤثر ذلك على أداء الأبناء فتنحرف أخلاقهم،وبصمات الأب باقية؛ فأنت المتهم الأول في سوء أدب ولدك وعدم احترامه لغيره؛ إذ إنك لم تعامله باحترام وتقدير للذات، بل تعاملت معه معاملة السيد والعبيد.

أخي الحبيب، لا ترفع سوطك إذا كان صوتك يكفى, لا ترفع صوتك إذا كان صمتك يغنى.

أخي الحبيب، عوِّد ولدك الاحترام، وتعامل معه برفق، واخفض صوتك دائما؛ فإن الصوت العالي يقطع قنوات الاتصال بينك وبين مُحدثك, إن الصوت العالي يُرعب و يُزعج ولدك فلا يحترمك ولا يقدرك ولا يحترم الآخرين كذلك. وتأكد أن ولدك يشعر بك؛ فعامله بصدق، فعن عبد الله بن عامر قال: دعتني أمي ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطك، فقال لها -صلى الله عليه وسلم-: ( ما أردتِ أن تعطيه؟) قالت: أعطيه تمرا. فقال لها: أما إنك لو لم تُعطِه شيئا كتبت عليك كذبة ).

 أيها الآباء، احترموا أبناءكم واصدقوا معهم،  واعملوا على بنائهم تفوزوا بولدٍ صالح يدعو لكم.

و صلّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم!