عاجل

فلسطين بين خصمين والمستفيد عدوهم جميعا

  • 168

مر زمن طويل جدا على القضية الفلسطينية كقضية أمن عقدي، ومجتمعي إسلامي من الدرجة الأولى، بل لا تتعداها أي قضية إسلامية أخرى، مهما كانت الظروف والخطورة.

في قلب الحدث دائما، وفي قلب الناس أجمعين، الكل يرى فلسطين هي أمه المخطوفة، ويجب عليه التصدي لخاطفيها وإرجاعها مرة أخرى مهما كان الثمن،والكل يأتي عند بابها فيخلع عباءة انتماءه السياسي بل والفكري أحيانا، ويرى أن اليهود عدو حقيقي حقير يجب التخلص منه؛ لتحرير أمنا فلسطين حتى لو كان يختلف مع فصائلها المجاهدة هناك.

لكن هذه المرة !!! هناك أمر مختلف، وعجيب بل مريب، ألا وهو أن فلسطين وقضيتها لم تعد هي أولى القضايا عند كثير من الناس، بل ربما البعض تعاطف مع كلاب الأرض من اليهود النابحة، ولم يهتز له شعرة لمقتل أو لحرق مسلمين على أيدهم، بل يصرح بذلك بكل فخر خزاه الله وأخزاه !!!

لكن لماذا؟
أولا:
لو بحثنا في الأمر سنجد أن هناك حربا ضروسا بين الإخوان والجيش المصري،
والإخوان يمثلهم في فلسطين حماس، بينما الجيش المصري هو حامي حمى القضية،
والمتحدث الدولي عن القضية وما تحمله منذ نشأت، ما كان أحد يظن أن تنتقل رحى المعركة من الداخل للخارج، وأن تأكل في طريقها كل ثوابت المسلمين أو أغلبها: كالأخلاق، وبعض العقائد، بل العقيدة القتالية للقوات المسلحة، بل حق المسلمين الشرعي والتاريخي في أرضهم وديارهم ومسجدهم المقدس.

حيث ترى إعلام الحكومة لا يبدوا منه أثرا في الحرب على ما يحدث في غزة، بل ربما يصف منظمة حماس بالإرهابية، وكأنه يعط الضوء الأخضر لقتلهم والتخلص منهم !!! علما بأن هذا طبعا غير صحيح.

لكنه أفرخ لنا فئات من الناس وجدناهم أبرزوا هوية جديدة على المصريين، الذين حملوا هم القضية الفلسطينية سنين عمرها فوق رؤوسهم، فوجدناهم يفرحون أحيانا لما يحدث في غزة لأنه فيه قضاء على حماس، ومرة نجدهم يدافعون عن اليهود بأن هذا حقهم في الدفاع، ومرة أخرى يسكتون وكأن القتل يتم في حيوانات برية في غابات وحشية بعيدا عن الإنسان.

هؤلاء فقدوا عقيدتهم، وفقدوا إيمانهم بالقضية، وفقدوا أخلاقهم تجاه أمتهم، وفقدوا احترامنا لهم، ولم يكسبوا التخلص من حماس؛ لأنه مستحيل، ولم يكبسوا حب اليهود الكفار أعداء الله ورسوله.

ثانيا:
بينما على الطرف الأخر نجد تجارا بالدين، يستعملون كل قطرة دم للإتجار بها لخدمة فكرهم، وجماعتهم، بصرف النظر عما يحتاجه المسلمون، وعما تحتاجه الأمة، وكل ما يشغله هو أن يثبت وجهة نظره ورأيه، ويحاول حشد الناس حوله مرة أخرى؛ لاستعادة أمجاد الجماعة المنحرفة، وقادتها الفشلة، فكانت الأنانية والكبر داؤهم، لا يستطيعون التخلص منه، إلا أنه نتج عنه ضياع كل شيء.

فلا فكرا أعادوا أو نشروا ولا رأيا أقنعوا به أحدا؛ بل أثبتوا لكثير من الناس الدعوات ضدهم بأنهم مرة إرهابيين، ومرة أنانيين، ومرة أخرى غير وطنيين، ومرة رابعة مخادعين وغير مأمونين وهكذا.

وبين هذا الطرف وذاك، ضاعت أمنا فلسطين، وخفتت قضيتها في قلوب الكثيرين، بينما انتهت من قلوب أخرى أغلظ كالحجارة أو أشد قسوة.

وصرنا نحتاج لسنين عددا؛ لنعيد للأمة ما كان ثابتا عندها، بينما الزيادة فلا تنتظرها هذه الفترة، بل الله أعلم بها متى تكون.

الكذب...الأنانية... المصالح الخاصة... الجهل الشرعي... تأخير الدين كحاكم.
كل ذلك أدى إلى ما وصلنا إليه، والله المستعان، لك الله يا أمتنا، لك الله يا فلسطين.