عاجل

ألقِ عنك هذا الوثن

  • 387

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد،
 
هل في حياتنا أوثان؟! وهل فى واقعنا من يعظم تلك الأوثان؟! نعم، إنها أوثانٌ كثيرة، لقد دخل عدىّ بن حاتم على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أسلم وفى عنقه صليب من ذهب، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا ابن حاتم، ألقِ هذا الوثن من عنقك)، قال عَديِّ رضى الله عنه):فألقيته). لقد استجاب عدىّ ولم يجادل، وأدرك أن الصليب وثن، وفهم رسالة النبى صلى الله عليه وسلم فانقاد وأذعن لأمره، قال : فألقيته (أى: خلعه ورماه رغم أنه كان من ذهب)، واليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله قد انتشر بين طلاب المدارس خاصة والشباب عامة لبس (التيشرتات) التى عليها علم بريطانيا، وهو مكون من ثلاثة صلبان وليس صليبا واحدا، فمنهم من يجعله على كتفه، ومنهم من يجعله على صدره، وبطنه ومنهم من يجعله من صدره إلى قدمه دون الشعور بالخجل أو الاشمئزاز أو الخوف من مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعاليم الدين الحنيف!
 
وإني لأعجبُ من هؤلاء الذين لبِسوا هذه الملابس، وعجبى أشد من هؤلاء الآباء الذين يشترون لأبنائهم تلك الملابس التى تحمل شعار الكفار ورموزهم الدينية، أو يرضون بما يشتريه أبناؤهم ويلبسونه دون نصح أو توجيه أو إرشاد أو إنكار! بل وأعجبُ كذلك من هذا التاجر المسلم الذى لم يرَ إلا نفسه، فلم يحافظ على أبناء أُمته وسلامة عقيدتهم، فباع واشترى ثوبا عليه الصليب لأنه ربما أرخص، أو ربما يكسب فيه أكثر، أو لأنها  الموضة حسب كأس العالم وهوسة ارتداء الأعلام حتى ولو كانت ترمز للكفر بالله، ولعل أحدنا يعذرهم لأنهم ربما لم يسمعوا كلام عمر بن الخطاب حين قال: (وإياكم وأخلاق العجم ومجاورة الجبارين، وأن يُرى بين أظهُرِكُم صليب)، أو ربما لم يسمعوا كلام أبى هريرة الذى حكى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى على باب بعض بيوت أهله سترًا فيه صليب فأمر به فقُضِبَ (أى: خُرِقَ موضع الصليب)، وقال قولا شديدا، أو لعلهم لم يسمعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول لعدي بن حاتم: (يا عَديِّ، اطرح عنك هذا الوثن)، أو لعلهم لم يسمعوا كلام عائشة رضى الله عنها الذى نقله البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يترك  في بيته شيئًا  فيه تصاليب إلا نقضه أو هتكه أو قصه .. وواللهِ إنها لمأساةٌ حقيقية حين لا يعتز المسلم بهويته الإسلامية ويعتز بهوية ورموزالكفار الذين جعلوا شعارهم رمز دينهم، فإن مما انتشراليوم العَلم البريطانى وهو لا يرمز إلى صليب واحد بل إلى صلبانٍ ثلاثة.
 
فمنذ عام 1603م أصبح ملك إسكوتلندا (جينف السادس) ملكا لبريطانيا (إنجلترا وإسكوتلندا )، وقد كان علم إنجلترا صليبا أحمر معتدلا على خلفيةٍ بيضاء، ويقولون إنه صليب القديس جورج، أما إسكوتلندا فكان علمها الصليب الأبيض المائل على أرضية زرقاء داكنة، ويُدعى صليب القديس أندرو، وفى عام 1606 أصدر جينف السادس تصريحًا بدمج العلمين ليظهر أول علم موحد لبريطانيا وهو خلفيه زرقاء داكنه يعلوها الصليب الأبيض الإسكوتلندي مائلا وفوقه الصليب الأحمر الإنجليزي معتدلًا, وفى عام 1800 أضيف صليب القديس باتريك الأيرلندي الأحمر المائل ذو الخلفية البيضاء؛ فأصبح العلم الحالى لبريطانيا خلفية زرقاء داكنة يعلوها صليب أبيض مائل فوقه صليب أحمر مائل وفوقهم صليب أحمر معتدل، والآن يضعه أبناء المسلمين على حقائبهم وفى سياراتهم وعلى صدورهم وعلى أكتافهم، وملء أجسادهم بعفوية ولا حول ولا قوة إلا بالله!
 
 وإنى على ثقة من شبابنا المسلم الواعي المحب لدينه الذى يكره الكفر وشعاره وأهله, وإنى واثقٌ أن هذا الشباب الواعد سوف ينفض عن نفسه غبار الغفلة ويعود إلى ربه تائبًا مُضحيًا بثمن هذا الثوب الذى اشتراه، أو يُعدّل هيئته بأن يضع عليه نقشٌ آخر يوارى هذا العلم "الوثن"، أو يستغنى عن هذا الثوب تمامًا ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه قال تعالى: (وماتنفقوا من شيء فإن الله به عليم)، فما تركته لله لن يضيع بل هو عند ربك الذى أحصى كل شيء، ولن يظلمك شيئًا (وما تنفقوا من شيء فى سبيل الله يوفَّ إليكم وأنتم لا تُظلمون).
 
 واعلموا يا شباب الأمة، ويا أحباب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أن ما تبذلونه وتنفقونه إنما هو عائدٌ إليكم فى يومٍ أنتم أشد الحاجة إليه (وماتنفقوا من خيرٍ فلأنفسكم)، يا شباب الأمة ومستقبلها، إن التحرر من أسر التبعية وذل المعصية بعون الله أمرٌ يسير؛ فالزموا غرز النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنكم إن تطيعوه تهتدوا، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- لا يرى الصليب فى شيء إلا قضبه (خرقه)، وها هي أم المؤمنين عائشة رأت امرأة عليها ثوب فيه صليب فقالت لها: (انزعى هذا من ثوبك فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رآه فى ثوب قصه)، وكانت تقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يراه في ثوب إحدانا فينزعه.
 
أخي الحبيب، بادر بنزع الصليب من ثوبك أو بتغير ثوبك طاعةً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
 
وأخيرًا: أخي الحبيب، أنت لا تعبده، لكن من تشبه بقوم حُشِرَ معهم، ويوم القيامة يرى المؤمنون ربهم وينادى منادٍ ليذهب كل قومٍ مع ما كانوا يعبدون؛ فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل إله مع آلهتهم؛ حتى يبقى من كان يعبد الله عز وجل. فهل أنت منهم؟!
 
تحرر من أسرِك، وانزع ثوب الذل والتبعية، والبس ثوب التقوى (ولباس التقوى ذلك خير )؛ وذلك بالطاعة والعبادة واقتفاء أثر الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
 
 وفي الجنة نلتقي إن شاء الله...
 
أخي القارئ الحبيب،
 
لا تقرأ فقط، بل اصنع لنفسك دورًا؛ فقد علمت الحق فاعمل به وانشره وبينه لمن لا يعلم، والدال على الخير كفاعله (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
 
و صلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم!