• الرئيسية
  • المقالات
  • الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (118) دعوة إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- لأبيه وقومه إلى التوحيد وبراءته من الشرك (22)

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (118) دعوة إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- لأبيه وقومه إلى التوحيد وبراءته من الشرك (22)

  • 52

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛    

فقال الله -تعالى-: (‌وَإِذْ ‌قَالَ ‌إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ . فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ . فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ . وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ . وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (الأنعام: 74-83).

قوله -تعالى- عن إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)، فيه فوائد:

الفائدة الأولى:

لما كان المؤمن يخاف مِن الله وحده؛ فإن الله يؤمِّنه مِن كلِّ مَن سواه فهو يعيش في أمن مع الإيمان؛ فالأمن والإيمان قرينان، والشرك والظلم والخوف قرينان، فالمؤمن في دنياه آمن حتى لو انعقدت أسباب الخوف الطبيعي، فإن الله يدفعها عنه بالتوكل، فيعيش -بفضل الله- آمنًا، وكذلك يكون آمنًا عند احتضاره: (‌إِنَّ ‌الَّذِينَ ‌قَالُوا ‌رَبُّنَا ‌اللَّهُ ‌ثُمَّ ‌اسْتَقَامُوا ‌تَتَنَزَّلُ ‌عَلَيْهِمُ ‌الْمَلَائِكَةُ ‌أَلَّا ‌تَخَافُوا ‌وَلَا ‌تَحْزَنُوا ‌وَأَبْشِرُوا ‌بِالْجَنَّةِ ‌الَّتِي ‌كُنْتُمْ ‌تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ . نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (فصلت: 30-32).

وقد ورد في تفسيرها أنها تتنزل على المؤمن عند الاحتضار، وهذا الذي رجحه ابن جرير، وورد أيضاً أنها تتنزل على المؤمن عند خروجه من القبر، والصحيح أن الآية تتضمن الموضعين.

قال ابن كثير -رحمه الله- بعد أن ذكر أقوال القائلين بأنها عند الاحتضار وعند القيامة: "وقال زيد بن أسلم: يبشِّرونه عند موته، وفي قبره، وحين يبعث. رواه ابن أبي حاتم. وهذا القول يجمع الأقوال كلها، وهو حسن جدا، وهو الواقع".

وكذلك يكون المؤمن آمنًا في قبره، قال الله -تعالى-: (‌يُثَبِّتُ ‌اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) (إبراهيم: 27).

وأعمال المؤمن الصالحة تدفع عنه كل أسباب الخوف والضرر.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌إِنَّ ‌الْمَيِّتَ ‌إِذَا ‌وُضِعَ ‌فِي ‌قَبْرِهِ ‌إِنَّهُ ‌يَسْمَعُ ‌خَفْقَ ‌نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا، كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ، فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ، فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَتَقُولُ فَعَلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ فَيَجْلِسُ، وَقَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَقَدْ أُدْنِيَتْ لِلْغُرُوبِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشَهَّدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَيَقُولُونَ: إِنَّكَ سَتَفْعَلُ، أَخْبَرَنِي عَمَّا نَسْأَلُكُ عَنْهُ، أَرَأَيْتَكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشَهَّدُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ؟ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ وَعَلَى ذَلِكَ مِتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْ عَصَيْتَهُ، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، وَيُعَادُ الْجَسَدُ لِمَا بَدَأَ مِنْهُ، فَتَجْعَلُ نَسْمَتُهُ فِي النَّسَمِ الطَّيِّبِ وَهِيَ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: (‌يُثَبِّتُ ‌اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) (إبراهيم: 27).

قَالَ: وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ، ثُمَّ أُتِيَ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ أُتِيَ عَنْ شِمَالِهِ، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ خَائِفًا مَرْعُوبًا، فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ؟ وَمَاذَا تَشَهَّدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَيُّ رَجُلٍ؟ فَيُقَالُ: الَّذِي كَانَ فِيكُمْ، فَلَا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: مَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلًا، فَقُلْتُ كَمَا قَالَ النَّاسُ، فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلَى ذَلِكَ مِتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا، فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: ذَلِكَ مَقْعَدُكَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهِ لَوْ أَطَعْتَهُ فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا، ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، فَتِلْكَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه: 124) (رواه ابن حبان، وحسنه الألباني).

وعن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- قال: "خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن في صفة بالمدينة، فقال: إني رأيت البارحة عجبًا! رأيت رجلًا من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه. ورأيت رجلًا من أمتي قد احتوشته الشياطين، فجاء ذكر الله فطير الشياطين عنه. ورأيت رجلًا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب، فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم. ورأيت رجلًا من أمتي يلهث عطشًا، كلما دنا من حوض مُنع وطُرد، فجاءه صيامه شهر رمضان فأسقاه وأرواه.

ورأيت رجلًا من أمتي ورأيت النبيين جلوسًا حلقًا حلقًا، كلما دنا إلى حلقة طُرد ومُنع، فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي. ورأيت رجلًا من أمتي من بين يديه ظلمة، ومن خلفه ظلمة، وعن يمينه ظلمة، وعن يساره ظلمة، ومن فوقه ظلمة، وهو متحير في ذلك، فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور.

ورأيت رجلًا من أمتي يتقي وهج النار وشررها، فجاءته صدقته فصارت سترًا بينه وبين النار وظِلًّا على رأسه. ورأيت رجلًا من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه، فجاءته صلته لرحمه فقالت: يا معشر المؤمنين، إنه كان وَصًولًا لرحمه، فكلِّموه، فكلمه المؤمنون وصافحوه وصافحهم.

ورأيت رجلًا من أمتي قد احتوشته الزبانية، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم، وأدخله في ملائكة الرحمة. ورأيت رجلًا من أمتي جاثيًا على ركبتيه، وبينه وبين الله حجاب، فجاءه حسن خلقه، فأخذ بيده فأدخله على الله -عز وجل-. ورأيت رجلًا من أمتي قد ذهبت صحيفته من قِبَل شماله، فجاءه خوفه من الله -عز وجل- فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه. ورأيت رجلًا من أمتي قد خف ميزانه، فجاءه أفراطه -(أي: أولاده الذين ماتوا صغارًا)- فثقلوا ميزانه.

ورأيت رجلًا من أمتي قائمًا على شفير جهنم، فجاءه رجاؤه من الله -عز وجل-، فاستنقذه من ذلك ومضى. ورأيت رجلًا من أمتي قد هوى في النار، فجاءته دمعته التي قد بكى من خشية الله -عز وجل- فاستنقذته من ذلك. ورأيت رجلًا من أمتي قائمًا على الصراط، يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف، فجاءه حسن ظنه بالله -عز وجل- فسَكَّن رعدته ومضى.

ورأيت رجلًا من أمتي يزحف على الصراط، يحبو أحيانًا ويتعلق أحيانًا، فجاءته صلاته عليَّ فأقامته على قدميه وأنقذته. ورأيت رجلًا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة وغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة: "أن لا إله إلا الله" ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة"، وهذا الحديث قد ضعَّفه غيرُ واحدٍ من أهل العلم؛ إلا أن له شواهد كثيرة في أحاديث متعددة؛ ولذا استحسنه رغم ضعف الإسناد جماعة من أهل العلم؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "قال الحافظ أبو موسى: هذا حديث حسن جدًّا"، وقال في الوابل الصيب نحوًا من ذلك.

وكذلك يكون آمنًا يوم القيامة من ساعة قيامه من قبره، كما ذكرنا القول بذلك في تفسير قوله: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا)، وقد قال -تعالى-: (أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ ‌يَأْتِي ‌آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (فصلت: 40)، وقال -تعالى-: (‌مَنْ ‌جَاءَ ‌بِالْحَسَنَةِ ‌فَلَهُ ‌خَيْرٌ ‌مِنْهَا ‌وَهُمْ ‌مِنْ ‌فَزَعٍ ‌يَوْمَئِذٍ ‌آمِنُونَ) (النمل:89).

وأعظم أمان يأمنه المؤمن: أمان ربِّه -عز وجل-، حين ينادي عبادَه المؤمنين: (‌يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ . ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) (الزخرف: 68-70).

وللحديث بقية -إن شاء الله-.