الذنوب هلاك!

  • 91

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فيجب على كل ذي بصيرة وعلم، وصاحب عقل وفهم، ومالك لزمام أمره وباحث عن رضا ربه؛ من يرجو الصلاح لنفسه والفلاح لغيره، والنجاة لأمته، ويجب على السيد والمسود، والمرأة والرجل، والآباء والأبناء، والعلماء والجهلاء، أن يعرفوا جيدًا:

أن الذنوب شؤم وضر، ولؤم وخراب ودمار، ولا عجب! فقد قال الله -تعالى-: (‌فَأَهْلَكْنَاهُمْ ‌بِذُنُوبِهِمْ) (الأنعام: 6)، (‌أَصَبْنَاهُمْ ‌بِذُنُوبِهِمْ) (الأعراف: 100)، (‌فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ) (آل عمران: 11).

فالذنوب هلاك في الدنيا والآخرة؛ فالعبد يحرم الرزق والكسب والخير، بذنبه.

ويحرم العلم ونوره، وهداياته، ومفاتيحه وثماره، وثوابه ؛ كل هذا بذنبه.

فالذنب يُضل العقل، ويشتت الفكر، ويشرد الذهن، وتنجلي الحقائق من أمامه؛ كل هذا ربما يكون بذنبه. 

ويطمس على قلبه، وينكت فيه النكت السوداء، وتعشش فيه الظلمات والبدع والخرافات؛ كل هذا ربما يكون بذنبه.

تمحق البركة من المال والعمر، والصحة والولد، فينسى العبد نفسه، ويكثر شقاؤه، ويذهب بهاؤه، ويشتد حزنه وهمه، وتغيب فرحته، وتتعسر أموره؛  فترحل عنه الطمأنينة والسكينة، ويحل محلهما: الخوف والجوع والقلق، وبما يكون هذا بذنبه.

ويكثر البلاء وتعم المصائب، وتزول النعم وتعلو النقم، وتظهر غرائب الأمراض وعجائب الأسقام، وتكثر الزالزل والبراكين، ونصاب بداء الأمم التي تدمر الدنيا وتحلق الدِّين؛ كل هذا ربما يكون بذنبه.

فالذنب يورث العبد الذل والهوان، والصغار والحقار، وتذهب هيبته، وتضيع كرامته، ولا يغدو إلا أن يكون هينًا على الله -عز وجل-، فما ظنكم بما بعد ذلك؟! فلا شك بهوانه على الناس، ويحصل بينه وبينهم، وحشة ونفرة، فتزول أخلاقه ويضيع حياؤه؛  كل هذا ربما يكون بذنبه.

وتتوالى الهزائم ويبسط الشيطان عليه نفوذه وسلطانه، ويسلط عليه أعوانه، فيصبح أسيرًا مسجونًا بقيده، مشغولًا بشهواته وهواه، فيحبسه في سجون الشهوة والهوى، فلا أقل مِن أن يكون مِن حزبه ورجاله؛ كل هذا ربما يكون بذنبه.

أيها العقلاء النبهاء... ألم يأن لنا أن نرجع جميعًا إلى الله -تعالى-، وأن نحارب كل هذا بتقوى الله -عز وجل-؟!

إن العلاج يكمن في يد الطبيب، والله هو الطبيب.

فاللهم ارزقنا توبة لا تبقي ولا تذر، فنسعد بعدها بأنسك وقربك ومعيتك. اللهم آمين.