عاجل

يحيى الصافي: تصوير الجنة بالذكاء الاصطناعي يؤدي لهدم عقيدة الإيمان بالغيب

  • 301
الفتح - الشيخ يحيى الصافي، الداعية الإسلامي

انتقد يحيى الصافي، الداعية الإسلامي، الصور المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت مسمى "صور الجنة بالذكاء الاصطناعي"، قائلًا: من المعلوم أن نعيم الجنة وعذاب النار هو من الغيب الذى يجب على المسلم الإيمان به كما وصفه الله تعالى فى كتابه، وعلى المؤمن بالغيب أن يقطع الطمع عن إدراك حقيقة هذا الغيب بصورة حسية مادية ملموسة يتخيلها ويصورها برسم أو ببرامج حاسوبية، كما أن ذكر الله -تعالى- لهذا الغيب ليس لكي يصوره الإنسان فى برامج حاسوبية للذكاء الاصطناعي أو حتى رسمها باليد.

وأضاف "الصافي" - في تصريحات خاصة لـ"الفتح" -: أن ذكر الجنة ووصفها فى الكتاب والسنة إنما هو لحمل النفس على الجد فى طلبها وكذلك وصف النار إنما هو لحمل النفس على الهروب منها، مؤكدًا على أن عقيدة “الإيمان بالغيب” تتعارض مع فكرة قياس مجالات الغيب ماديًا؛ فقوامها الرئيسي ليس محض التصديق فقط، بل تصديق ماهيتها التي جاء بها النص من الكتاب والسنة.

وتابع: أن أحد أهم الفوارق بين لذّات الدنيا ونعيم الجنة، أن لذّات الدنيا متناهية مُدركة، بعكس الجنة؛ فلذّاتها غير متناهية، وهو ما يجعل الجنة أدعى لتحقيق سعادة لا تسعها الدنيا! وهي ليست سعادة محدودة بالمفهوم المادي المركزي الغربي، إنما سعادة متجددة ذات “طمأنينة” و“سكينة” غير محدودة، وهذا من طبيعة المفارقة بين الدنيا والآخرة، مشيرًا إلى أن لذّات الدنيا عصية على تحقيق ذلك النوع من السعادة؛ لأن الإنسان بطبيعته يسعى للحصول على الرغبات سعيًا حثيثًا، وبمجرد نيلها تفتر حرارته وتتلاشى رغبته فيها ويملها بالتدريج ويضجر منها.

واستكمل "الصافي": أن لذّات الجنة عصية أيضًا، يعني عصية على التصور؛ لأن الملل والضجر يُنتزعان من النفوس فيها بقدرة الله تعالى وتمام نعيمه على أهل الجنة ضمن سائر الصفات السلبية التي تُنتزع، مثل: الحزن والكآبة والسخط والكراهية، لقول الله تعالي: "ونزعنا ما فى صُدورِهم من غل إخوانا على سررٍ متقابلين"، وقوله: “لا يَمَسُّنا فيها نَصَبٌ ولا يمَسُّنا فيها لُغُوب” - أي تعب وكلل وفتور- لذلك قال عز وجل: “خالدين فيها لا يَبْغُونَ عنها حِوَلا”، لماذا؟؛ لأنه “فلا تعلمُ نفسٌ ما أُخفي لهم من قُرَّة أعين”، أي لا تبلغ نفسٌ من أهل الدنيا معرفة ما أعد الله لهم فيها.

وتساءل: فكيف يمكن تصورها؟! كيف يمكن أن نتصور “وظل ممدود” بمقاييسنا المادية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إن فى الجنة شجرة يسير الراكب فى ظلها مائة عام لا يقطعها”؟! أو تتصور “حورٌ مقصورات في الخيام” بمقاييس الدنيا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، عرضها ستون ميلًا، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين”؟! هل يمكن أن يُدرك أي عقل؛ هكذا ظل أو هكذا بيت؟!

وأكد الداعية الإسلامي، على أن أجمع ما قيل في الجنة؛ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر”، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لموضع سوط فى الجنة خير من الدنيا وما عليها”، فكيف ندرك حقيقة ما فيها ونصوره في الدنيا، مشيرًا إلى أن الخلاصة أن الاحتفاء بذلك وتناوله إنما هو هدم لعقيدة الإيمان بالغيب، وإسباغ حقيقتها على معنى مادي محسوس فتضعف تلك العقيدة فى نفس المؤمن وحينها فلن يُجد فى طلب ما عند الله طالما أنه أدركه في الدنيا وظن أنه قد أحاط به علما.