عاجل

التونسيون يختارون نوابهم وسط إقبال انتخابي ضعيف

خبراء: مشاركة هزيلة ومشهد سياسي يخيم عليه ضباب كثيف

  • 34
الفتح - نزار مقني الكاتب والمحلل السياسي التونسي

يعيش الشعب التونسي الشقيق حالة من عدم الاستقرار السياسي منذ عدة أعوام، وزادت حدتها يوم 25 يوليو الماضي حينما جمد الرئيس التونسي قيس سعيد أعمال البرلمان ثم حله لاحقا، ومنذ ثلاثة أيام انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية البرلمانية بفوز 21 مرشحا وسط إقبال ضعيف لم الناخبين لم تتجاوز نسبته 11.22%.

ويسعى الشارع التونسي من خلال تلك الانتخابات إلى محاولة إيجاد طريق للحل السياسي للخروج من تلك المآزق التي وقع فيها، رغم أن ضعف إقبال الانتخابي كشف الهوة الكبيرة بين النخب السياسية والشعب التونسي، وعكس كذلك حجم فقدان الشعب ثقته فيهم، خصوصا بعدما فقد هذا البرلمان صلاحياته الفعلية التي تمتع بها سابقه على إثر استفتاء شعبي على دستور جديد جرى في يوليو الماض؛ وبناء عليه فلن يكون بمقدور هؤلاء النواب إقالة الرئيس أو إسقاط الحكومة إذا تطلب الأمر إلّا من خلال توافر شروط صعبة التحقّق، لكن يمكنهم تقديم مشروعات ومقترحات قوانين.

أعلن فاروق بو عسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، هذه النسبة خلال مؤتمر صحفي، لافتا إلى أنّ العدد الإجمالي للمسجلين بلغ 9 ملايين و136 ألفاً و502 ناخب، شارك في تلك الجولة مليون و25 ألفاً و418 ناخباً.

وأضاف "بو عسكر" أن اللجنة سجلت 1763 مخالفة انتخابية، وأحالت 125 محضرا للنيابة العامة، وستجرى الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في أكثر من 100 دائرة؛ بسبب وجود أكثر من مترشح في كل الدوائر، إصافة لصعوبة حصول أيّ منهم على نسبة 50% +1.  

مشهد متأزم 

في هذا الصدد، قال نزار مقني، الكاتب والمحلل السياسي التونسي، إن المشهد السياسي التونسي متأزم ويخيم عليه شبح نظام "أوتوقراطي" كتب دستورا فرديا، مع عدم التفريق بين السلطة والنظام الانتخابي نتج عنه انتخابات تشريعية بنسبة مشاركة هزيلة.

وأضاف مقني ل"الفتح" توجد عقبات لتحول سياسي سليم خاصة أن القانون الانتخابي غير قواعد اللعبة السياسية؛ فقد همش الأحزاب والقوى السياسية والجمعيات المدنية، مقابل ذلك أصبح نظام الاقتراع فرديا والتصويت يتم في دوائر انتخابية ضيقة محلية وجهوية؛ وهذا ما لا يستجيب لمتطلبات المرحلة اقتصاديا وسياسيا.

وأردف: إذن البناء السياسي الجديد لا يلائم تونس ويمكن أن يرجعها سنوات للوراءإذ يمكن أن يحيي النعرات المحلية والجهوية والعائلية الضيقة على حساب النقاش الوطني ونقاش الأفكار والبرامج.

وتابع: التونسيون اليوم يطالبون بحل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية بعدما فقد الثقة في المجتمع السياسي كله قبل يوم  25 يوليو الماضي وما بعده، والبرلمان المقبل لن يكون قادرا على إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية؛ لأن العمل البرلماني يتطلب التكتل والعمل ضمن نقاش عام وتصويت على قوانين؛ وهذا قد يكون صعبا مع التشتت المنتظر للمشهد السياسي، لا سيما مع واقع تعرض هؤلاء النواب لسحب ناخبيهم الثقة منهم إذا لم ينفذوا طلباتهم الخاصة حتى لو تعارضت مع المصالح الوطنية أو الجماعية.

عراقيل انتخابية

من جهتها، قالت د. هالة رشيدي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن قانون الانتخابات الجديد وضع العديد من العراقيل أمام الناخبين مثل اشتراطه حصول المرشح على 400 تزكية من ناخبيه، تكون مناصفة بين الرجال والنساء وموقعة منهم بالاسم، ويكون ربعها من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما.

وأشارت "مهدي" في تصريحها ل"الفتح" إلى أن الشعب التونسي يريد إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عاجلة، والبرلمان المقبل سيواجه معضلة كبيرة في معالجة تلك الأزمات.

وتابعت: أن المجتمع التونسي ربما يواجه عدة احتمالات منها على سبيل المثال تنحي الرئيس الحالي عن الحكم خاصة بعدما طالب المعارضون بذلك خلال الأيام الماضية، أو ربما تحدث انفجارات اجتماعية كبرى، ولا بد من التفكير في برنامج اجتماعي وسياسي واقتصادي شامل من أجل الخروج بتونس من أزماتها الحالية.

تستعد تونس للجولة الثانية من الماراثون الانتخابي المقرر عقدها يوم 20 يناير المقبل؛ لانتخاب بقية النواب داخل البرلمان المكون من 161 مقعدا، وسط مشهد ساسي يحيط به ضباب كثيف وانشغالها بالمشكلات الاقتصادية المتصاعدة يوميا.