عاجل

باحث إسلامي: إجماع العلماء على قتل "الحلاج" لزندقته من أعظم الأمور الكاشفة عن موقف أهل العلم من الصوفية الفلسفية

التأويلات التي يبرر بها الصوفية هذه الزندقة هي فقط لعدم تنفير من لم يدرك حقائقهم

  • 53
الفتح - شريف طه، الباحث والداعية الإسلامي

قال شريف طه، الباحث والداعية الإسلامي: إن من أعظم الأمور الكاشفة عن موقف العلماء من الصوفية، هو إجماع علماء بغداد على قتل الحلاج (309هـ) على الزندقة، قال ابن كثير: "وكان علماء بغداد إذ ذاك هم الدنيا"، والحلاج هو شهيد الصوفية الأعظم وإمامهم، وإنما قتل؛ لأنه باح بالسر، وبالأفكار الباطنية التي يلغزون بها، وأصر عليها، وأخذ بمقام (الفتوة) في حين أن غيره كتم.

وأشار «طه» -في منشور له عبر فيسبوك- إلى تأثر الصوفية بالفلسفة الأفلوطينية الغنوصية، والفلسفة المسيحية التي تعتقد أن المسيح مركب من لاهوت قديم، وناسوت محدث، موضحا أن الحديث عن عقائد القوم، التي أخذوها من الإسماعيلية الباطنية الذين كان الحلاج داعيا لهم، علمها من علمها وجهلها من جهلها، ومن تلك العقائد مقام (الفتوة)، وهي الجهر بإيمان إبليس وهذا المقام أخذ به «الحلاج» وهو ما تسبب في قتله.

وأضاف: وكذلك الحلول، والطبيعة الثنائية للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهي ما سميت بعد ذلك بالحقيقة المحمدية، وهي التي طورها وبلورها بعد ذلك ابن عربي، وخلاصتها: أن للنبي طبيعة نورانية أزلية قديمة منها فاض الكون، وأن هذا النور المحمدي فاض عن ذات الله، وعن النور المحمدي وجدت جميع الكائنات. وأما طبيعته المادية الجسمانية فهي محدثة.

وأكد «طه» أن التأويلات التي يبررون بها هذه الزندقة، فهي فقط لإسكات النكير عليهم، أو لاستجلاب الأتباع، أو لعدم تنفير من معهم ممن لم يدرك حقائقهم، مشيرا إلى أن البعض يظن أن بيان ضلال وزندقة كلام ابن عربي وأمثاله من رؤوس الصوفية الاتحادية خاص بأتباع ابن تيمية فقط، وهذا خطأ قطعا، بل هذا موقف عامة فقهاء المسلمين الذين انكشف لهم حقيقة كلامه واطلعوا على كتبه، وبعضهم منتسب للتصوف.

وأوضح أن ممن أطال في بيان كفر هؤلاء الاتحادية، وعدم جواز الاعتذار عنهم، ونَقَلَ تحذير العلماء منهم، وبيان تكفير العلماء لهم: برهان الدين البقاعي (ت: 885هـ) في كتابه المشهور: "تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي وتحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد"، فمما قاله: "وسميتُ هذه الأوراق: تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي، وإن شئت فسمِّها: النصوص من كفر الفصوص؛ لأني لم أستشهد على كفره وقبيح أمره إلا بما لا ينفع معه التأويل من كلامه، فإنه ليس كل كلام يقبل تأويله وصرفه عن ظاهره"، وقال -في موضع آخر- من كتابه: "والفيصل في قطع التأويل من أصله أن محقّق زمانه وصالحه علاء الدين محمد البخاري الحنفي ذُكِر عنده ابن عربي هذا، فقال قاضي المالكية إذ ذاك شمس الدين محمد البساطي: يمكن تأويل كلامه، فقال له البخاري: كفرتَ".

وتابع الباحث الشرعي: وسلّم له أهلُ عصره ممن كان في مجلسه ومِنْ غيرهم، وما طَعَنَ أحدٌ منهم فيه بكلمة واحدة، وقد كان منهم حافظ العصر قاضي الشافعية بها شهاب الدين أحمد بن حجر، وقاضي القضاة زين الدين عبد الرحمن التفهني، وقاضي القضاة محمود العيني الحنفي، والشيخ يحيى السيرامي الحنفي، وقاضي القضاة محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي الحنبلي، وزين الدين أبو بكر القمني الشافعي، وبدر الدين محمد بن الأمانة الشافعي، وشهاب الدين أحمد بن تقي المالكي، وغيرهم من العلماء والرؤساء، وما خلص البساطي من ذلك إلا بالبراءة من اعتقاد الاتحاد، ومن طائفة الاتحادية، وتكفيره لمن يقول بقولهم.