اضطرابات كركوك تهدد تماسك حكومة العراق

  • 37
الفتح - اضطرابات كركوك أرشيفية

عقب أشهر من الهدوء السياسي في العراق، عاشت كركوك ليلة صاخبة، أعادت إلى الأذهان الأوضاع الصعبة التي عاشتها البلاد قبل الوصول إلى محطة تشكيل حكومة من الإطار التنسيقي الشيعي، ضمن اتفاقات وتوافقات بين الإطار الشيعي الذي تقوده الأحزاب الولائية، وبين المكون الصدري، والأحزاب الكردية.

الأحداث الساخنة في كركوك شمال العراق، اضطرت الحكومة إلى فرض حظر التجوال لمدة 24 ساعة بالمحافظة مطلع الأسبوع، عقب مقتل ثلاثة أكراد وإصابة آخرين في الاضطرابات، حيث شهدت كركوك ليلة صاخبة بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة بين متظاهرين أكراد وقوات الأمن.

رد سريع

وكان محتجون أغلقوا قبل أيام الطريق الرئيسي بين كركوك وأربيل رفضًا لاعتزام الحزب الديمقراطي الكردستاني إعادة فتح مقاره في المدينة وفقًا للاتفاق السياسي المبرم مع ائتلاف إدارة الدولة الذي يضم القوى والأطراف السياسية التي شكلت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.

وجاء رد حكومة الإطار الشيعي سريعا خشية اندلاع احتجاجات مماثلة في بقية المحافظات، حيث قرر "السوداني" عملية أمنية واسعة وفتح تحقيق في عملية إطلاق النار على المتظاهرين، على أنّ القرار الأهم هو التوجيه بتأجيل تسليم المقر التابع للجيش العراقي في محافظة كركوك إلى قوات البشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني حتى إشعار آخر.

ممارسات استفزازية

من جهته، حذر رئيس الحزب الديمقراطي الكردي، مسعود بارازاني، من استمرار تصعيد الأوضاع، منددًا باستخدام الشرطة للقوة ضد المتظاهرين، فيما اعتبر رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارازاني، أن هذه الممارسات غير السليمة وغير القانونية في كركوك محاولة لإثارة الفتنة وتدمير العيش المشترك.

من جهته قال د. محمد عاصم شنشل، الخبير الأمني العراقي، إنّ خطورة ما جرى في كركوك هو أن يكون بداية انفجار توافقات هذه الحكومة من الداخل، لافتًا أن الأحزاب الكردية عندما وافقت على تمرير مرشح الإطار التنسيقي الشيعي الذي يضم مجموعة الأحزاب والكتل السياسية المقربة من إيران، وافق بشروط خاصة منها ما هو معلن ومنها ما هو غير معلن.

اتفاقات خفيّة

وشدد "شنشل" على أنّ ما جرى في كركوك من احتجاجات للعرب والتركمان على وجود الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارازاني في المحافظة والذي خلّف قتلى وجرحى يكشف جانبًا من الاتفاقات الخفيّة، والفواتير المطلوب من الإطار الشيعي سدادها وهي فتح مقرات حزبية وتمكين البشمركة الكردية من العودة إلى المحافظة التي شهد ثالت احتجاجات من نوعها بالمحافظة الغنية بالنفط منذ 2019.

ولفت الخبير الأمني العراقي إلى أنّ التركيبة السكانية في محافظة كركوك تتكون من ثلاث قوميات هي التركمان والعرب والأكراد، وسط اتهامات للأكراد بمحاولة تغيير النسيج الاجتماعي للمحافظة والقيام بعمليات تكريد للمحافظة وتوطين الأسر الكردية حول حقول النفط، مشيرًا إلى كون هذه الخلفية سبب في اشتعال الأحداث سريعًا إلى هذا الحد.

مناوشات على الحدود

وأضاف شنشل أنّ ما يجري في كركوك ليس بعيدًا عن التغيرات الحاصلة على الحدود السوريّة العراقية، والمناوشات الأمريكية مع الفصائل المحسوبة على ميليشيا الحشد الشعبي العراقية، والتي تؤمن الممر البري لطهران عبر العراق ثم إلى سوريا وصولًا للبنان، لافتًا إلى أن الاضطرابات الأخيرة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية واشتباكها المسلح مع القبائل العربية، دفع واشنطن إلى التحرك لفرض السيطرة الجوية على هذه المنطقة.

وأشار الخبير الأمني العراقي إلى أن الثمن الذي تحصلت عليه إيران الذي تم تحت ستار تبادل السجناء مع أمريكا لا يتوقف عند تحويل المبلغ المالي المقدر ب 7 مليارات دولار، ولكن هناك بالطبع أثمان سياسية مثل تعهد الميليشيات بعدم التحرش العسكري بالقوات الأمريكية داخل العراق، لافتًا أن هذا التفاهم قد يشمل منطقة الحدود السورية العراقية التي تمثل نقطة مرور للميليشيات الشيعية من إيران والعراق إلى سوريا ولبنان، وهو ما عُرف في وقت سابق بالهلال الشيعي.