وثائق إسرائيلية جديدة تثبت تضحية الجندي المصري وفشل العدو واستخباراته

أبوالحسن: هوية وعقيدة الجيش المصري كانت وقود النصر

  • 57
الفتح - نصر أكتوبر أرشيفية

أفرجت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن وثائق أرشيفية ترتبط بذكرى انتصار أكتوبر، برهنت على براعة الجيش المصري في تحقيق النصر الكبير، كما أثبتت فشل إسرائيل وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية في توقع الهجوم أو التعامل معه كما ينبغي رغم علمها المسبق بموعد يوم الهجوم، وأوضحت الوثائق تفوق القوات الجوية والبرية والدفاع الجوي في القضاء على الأهداف الأولى وعبور القناة والسيطرة على أكثر من 15 كيلو مترًا مربعًا بعد خط بارليف، وتنفيذ خطة المآذن العالية -الخطة بدر- التي وضعها الفريق سعد الشاذلي في وقت أسرع من المتوقع أو المحدد وبخسائر قد تكون معدومة بجانب أسر وقتل وإصابة الآلاف من جنود العدو، وضمت الوثائق التي أفرج عنها في 7 من سبتمبر الماضي، الصور والتسجيلات ومقاطع الفيديو، وأثبتت الفشل الاستخباراتي الكبير في تقييم القادة الإسرائيليين لقرار الحرب وشبه إجماعهم يوم 5 أكتوبر عام 1973، على أن مصر لن تحارب.

تصريحات قادة إسرائيل قبل وبعد الحرب

قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان: "كان لدينا تقييم غير صحيح"، وأوضح بعد الحرب أنه لم يستطع إخفاء مشاعره بعد مشاهدة مئات من العربات العسكرية الإسرائيلية المهشمة والمحترقة متناثرة في كل مكان، وقال رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء إيلي زايرا إن الاستنفار المصري يعود بالأساس إلى الخوف منا أي أنهم لن يحاربوا، وكذلك قال رئيس الأركان الإسرائيلي ديفيد إلعازار: "ما زلت أعتقد أنهم لن يهاجموا وأن التأهب المصري السوري نابع من الخوف وأن التشكيلات العسكرية على الجانب المصري دفاعية، وقالت المسؤولة عن الأرشيف الإسرائيلي الذي أخرج الوثائق روتي أبراموفيتش، إن هذا التقييم أثر على جميع مناحي الحياة في إسرائيل -فلسطين المحتلة-، وقال رئيس المخابرات العسكرية إيلي زعيرا، لجولدا مائير رئيسة الوزراء، "إن التقييم أنهم لا ينوون الهجوم ولا يستعدون".

وصرح الجنرال الإسرائيلي موشيه عفري: "لقد فاجأنا الجنود المصريون بشجاعتهم لقد تربى أبناء جيلي على أن الجندي المصري ما أن يرى دبابة سيهرب وهذا لم يحدث استيقظنا على الحقيقة المرة لم تنخلع قلوبهم أمام الدبابات، ليس لدي تفسير لهذا الموقف، وقال الجندي شوكى فاينشتين  "لقد كانت صواريخ آر بي جي- الروسية مفاجأة الحرب المرعبة لسلاح المدرعات الإسرائيلي، وقال يوريك فارتا: "أعتقد أنني وزملائي أرسلنا إلى معركة لنكون طعامًا للدبابات"، أمَّا إيلان "كوهين" قال: "لقد صعقت من المناظر، لم تخرج سيارة مدرعة إسرائيلية من هذه المعركة دون جرح غائر"، ووفقًا للوثائق قال بيني أربيل ضابط المدفعية، إن قوات الجيش الإسرائيلي تكبدت في الأيام الأولى من الحرب في أكتوبر 1973، خسائر كثيرة وفادحة، وكان عامل المفاجأة من جانب مصر هو الذي حدد وتيرة القتال، وأن بطاريات صواريخ جو-جو المتطورة منحت مصر ميزة كبيرة وقوّضت حرية العمل للقوات الجوية الإسرائيلية، وألحقت ضررًا كبيرًا بنشاطات القوات البرية، وأن صواريخ المصريين على طائراتهم تسبب أعطابًا بالغة.  

وقال الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة ومنفذ خطط الهجوم، إن القوات المصرية حققت كل ما كان مخططًا له في وقت قصير وبحرفية عالية، مشيرًا إلى أنه زار الجنود على الجبهة ليرى ما تحقق على الأرض ووجد الروح المعنوية مرتفعة للغاية، وأوضح أن الغالبية العظمى للجنود في معسكرات الجيش رفضوا الإفطار وأصروا على خوض الحرب وهم صائمون.

ومن جهته، أشار الدكتور محمد عبود أستاذ اللغة العبرية والشؤون الإسرائيلية بجامعة عين شمس، إلى أن حجب إسرائيل للوثائق لم ينته، وأنه ما زالت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تتحفظ على نشر وثائق بعينها، ومقاطع متفاوتة الحجم من وثائق أخرى بحجة الحفاظ على أسرار الأمن القومي الإسرائيلي، موضحًا أن عملية الحجب وحذف مقاطع من الوثائق بمعرفة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ظهرت بوضوح أثناء ترجمة وثائق لجنة أجرانات الرسمية التي تشكلت للتحقيق مع القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل.

وأوضح أن الوثائق الرسمية الإسرائيلية تفسر بعضها بعضًا، وأهم ما في الوثائق الإسرائيلية الأخيرة، هو توفير مادة خام باللغة العبرية تثبت بما لا يدع مجالًا للشك الانتصار المصري العظيم في حرب أكتوبر، وأبعاد الهزيمة الإسرائيلية المروعة في ميدان القتال أمام الجيش المصري الذي قهر الترسانة العسكرية الإسرائيلية ومنظومة التسليح الغربي المتطورة آنذاك.

وقال غريب أبو الحسن الباحث في شئون الإدارة والتخطيط، إن حرب أكتوبر 1973، لم تكن مجرد نجاح للقوات المصرية في عبور قناة السويس، وإجبار الكيان الصهيوني المتغطرس على إرجاع ما احتله من أراضٍ، رغم اعتياده على التمسك بكل شبر يسرقه من أرض المسلمين والعرب، بل كانت حرب أكتوبر تحطيمًا لأسطورة أننا لا نستطيع وأن جيش إسرائيل لا يقهر وأن استخباراتها ومن ورائهم استخبارات أمريكا تحصي ذرات الرمال في بلادنا.

وأوضح "أبو الحسن" أن حرب أكتوبر كانت صفعة لكل من كان يريد لمصر أن تستسلم للغرب وآلتهم الإعلامية الزائفة ولحضارتهم المادية البائسة، وتصوير أن الرجل الأبيض وكل حلفاء الرجل الأبيض لا يقهرون وأننا لا نملك الإرادة ولا القدرة على النصر.

وشدد على أن انتصار أكتوبر لم يكن أن يتحقق لولا تماسك الجبهة الداخلية والتفافها حول قيادتها وتحملها تبعات ضريبة الحرب، مشيرًا إلى أن معدل الجريمة كان في أقل أحواله في ذلك الوقت.

ونبَّه الباحث إلى أن حرب أكتوبر أشعلت جذوة الأمل في نفوس المصريين والعرب والمسلمين حول العالم وذكرتهم بانتصارات وفتوحات أجدادهم، وكيف كانت حروب أجدادهم رفعًا للظلم ونشرًا للعدل والحق والهدى، وأن التكبيرات العفوية على لسان الجنود العابرين خطوط النار كانت تصدح بها حناجرهم تعبيرًا صافيًا ورائقًا عن هوية أمة لم يستطع احتلال الفرنسيين ولا البريطانيين ولا جهود أذنابهم وعرابي التغريب أن تمحو تلك الهوية، بل كانت تلك الهوية هي وقود التضحية ورافعة العزيمة التي جعلت جنودنا يسطرون أروع أمثلة البذل والتضحية والفداء.