لماذا يتسابق مرشحو الرئاسة الأمريكية بإعلان تأييد الكيان الصهيوني؟

خبراء: أصوات 7 ملايين يهودي كلمة السر.. ويسعون للدعم السياسي والاقتصادي

  • 16
الفتح - أرشيفية

لا تزال أصداء ما يحدث في غزة تتردد على مستوى العالم؛ من حيث التأثير واستخدامها كأوراق لعب أو ضغط؛ فها هي أمريكا الدولة الكبرى في العالم من ناحية القوة الاقتصادية والعسكرية تلوح دومًا بتلك الورقة حتى في داخلها من خلال السباق الرئاسي؛ فكلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء يتقربان دائمًا للجالية اليهودية بتصريحات دعمهما الكيان الإسرائيلي المحتل؛ من أجل كسب أصوات نحو 7 ملايين يهودي أمريكي.

ففي الاجتماع السنوي لـ"الائتلاف اليهودي الجمهوري" نهاية الأسبوع الماضي بلاس فيجاس، أظهر المرشحون الجمهوريون الساعون دعمهم الكيان المحتل أمام المانحين والناخبين الحاضرين، وبدورهم دقق هؤلاء المانحين والناخبين في مدى دعم المرشحين الجمهوريين لإسرائيل المحتلة.

أصوات اليهود

في هذا الصدد، قال الدكتور أحمد مصطفى، الباحث السياسي ورئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة، إن الحزبين الجمهوري (اليميني) والديمقراطي الأمريكيين يضعان نصب أعينهما أصوات اليهود؛ لأنها تُوجه مجتمعة باتجاه مرشح واحد، وهذا ما يسعى إليه الحزبان. مشيرًا إلى أن الحزب الجمهوري به شخصيات صهيونية ومنهم من كان صهرًا للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكان يهوديًا متصهينًا. 

وأضاف مصطفى لـ "الفتح" أنه لا يوجد اختلاف كبير ما بين الحزبين في دعمهما الكيان الإسرائيلي المحتل؛ فرغم أن الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن ممثلًا عن الحزب الديمقراطي لكننا نرى موقفه مما يحدث في فلسطين ودعمه الكيان، وبدا ذلك واضحًا عندما ذهب هو ووزير خارجيته أنتوني لينكن –وهو يهودي الديانة من أصل أوكراني ومتصهين- لزيارة إسرائيل خلال الأحداث الحالية، وأعلنا دعمهما الكامل لها، وقال بايدن: "لقد ولدت في إسرائيل" (وهذا كما قالت ماريا زخاروفا مديرة إدارة الصحافة والإعلام بوزارة الخارجية الروسية)؛ مما يخل بمصداقية بايدن لأن الدستور الأمريكي يوجب على الرئيس الأمريكي أن يكون مولودًا داخل الأراضي الأمريكية.

وأشار إلى أن أصوات اليهود الأمريكيين تصل لنحو 7 ملايين في شكل وحدة واحدة موجهة لمرشح بعينه، والكل في أمريكا يلعب بورقة الناخب اليهودي ويسعى لكسب صوته سواء من خلال "أيباك" لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية أو غيرها من المؤسسات الأخرى والإعلام. لافتًا إلى أن معظم اليهود وخصوصًا في نيويورك –معقل اليهودية في العالم- مثلما شاهدنا الأيام الماضية تجمعوا وحاولوا اقتحام أكبر محطة مترو في نيويورك والتظاهر من أجل فلسطين وهذا كان ليلة انقطاع الإنترنت عن غزة، ومطالبتهم بإعادة الاتصالات والإنترنت لغزة وتحرير الأراضي الفلسطينية، وهذه هي النقطة الفارقة الآن، وهذا شيء مفاجئ لنا كعرب ومسلمين.

وتابع أن الهدف من هذا السعي هو الحصول على الدعم السياسي والاقتصادي للجالية اليهودية، والجهة التي تعطي امتيازات وعود أكثر للجالية اليهودية داخل أمريكا يحصل على أصوات 7 ملايين يهودي مجتمعين، لكن في ضوء المعطيات الحالية ربما تحدث مفاجآت في الانتخابات المقبلة ويحدث انقسام بينهم، لا سيما أن جزءًا منهم لا يستهان به يؤيد القضية الفلسطينية الآن؛ وبناء عليه فنحن ننتظر وأمامنا عام كامل على إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في أول نوفمبر المقبل.

العرب متفرقون

وأردف الباحث السياسي أنه ربما يُعاد النظر حاليًا داخل الولايات المتحدة الأمريكية في موضوعات الهجرة والتعليم بسبب العنصرية الشديدة والكيل بمكيالين وازدواجية المعايير الأمريكية تجاه العرب والمسلمين. مشددًا على أنه مرت علينا عدة أمور كان ينبغي علينا كعرب ومسلمين دراسة ما أمريكا من خلالها ومحاولة فهم كيفية التعامل معها منها الأزمة المالية العالمية في عام 1998م ثم تلتها أزمة أخرى في عام 2008م، وأزمة "كورونا"، والحرب الروسية الأوكرانية، لكن مشكلتنا الكبرى أن العرب غير موحدين فالكل ينظر لمصالح ضيقة ومحدودة تربطه بأمريكا، ومع كل أسف وقعت بعض الدول العربية في الفخ الذي صنعه الصهاينة لهم وطبعوا معهم من أجل أن تكون هي صاحبة الكلمة في المنطقة العربية لكن هيهات وما يريدون.

ولفت إلى أنه بعد ما حدث مؤخرًا مع تنامي مستوى الوعي في الإعلام العربي -خصوصًا الإعلام الجديد ممثلًا في مواقع التواصل الاجتماعي- كثير من الشبان العرب والمسلمين ربما يغيرون آراءهم في الذهاب إلى أمريكا، ودول أخرى أيضًا ربما ستغير مواقفها تجاه أمريكا، فعلى سبيل المثال للمرة الأولى لا يتدخل الإعلام الصيني في مثل هذه القضايا الشائكة؛ فهناك مباركة من الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بالنظر إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية إنسانية أكثر منها سياسية وأنها تخص الإنسان، وربما كان هذا السبب الكبير في تعاطف الإعلام الصيني مع القضية الفلسطينية.

واستطرد أن من ضمن أسباب السعي لكسب رضا الجالية اليهودية داخل أمريكا، هو أنه لا بد من توافر نحو 100 مليون دولار مع المرشح الرئاسي في حملته الانتخابية؛ للقيام بحملات ودعايا ومناظرات وما إلى ذلك في جميع الولايات، وأن يكون مرشحًا من مرشحي الحزب الأساسيين، وهنا كل حزب سيلعب على الأكثر شعبية؛ وبالتالي سنجد الكثير سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين سينسحبون لعدم الحصول على الشعبية المناسبة داخل الحزب، ثم كذلك بسبب عدم توافر التمويلات المناسبة التي يمكنها دعم هذا المرشح.

في حين يرى مهدي عفيفي، عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي والمحلل السياسي، أن المستفيد الأول من هذا الصراع هو بايدن، الذي يسعى بكل وسيلة إلى الإشارة لدعمه لإسرائيل. منوهًا بأن الصراع الحالي بين إسرائيل و"حماس" مكسب كبير له لكسب مزيد من التأييد في حملته الانتخابية.

وأضاف عفيفي، في تصريحات صحفية، أن ما يقدمه بايدن من دعم لإسرائيل سيعود عليه في زيادة نسبة التصويت له، والترويج إعلاميًا لسياساته الداعمة لإسرائيل.

الحصول على الدعم المالي والسياسي والتصويتي للجالية اليهودية الأمريكية مهم للغاية لا سيما في ضوء الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة "حماس" على الكيان المحتل في السابع من أكتوبر الماضي؛ ونتج عنه أكثر من 1400 قتيل إسرائيلي؛ لذلك سيكثف المرشحون من تحركاتهم لنيل ثقة اليهود داخل أمريكا والفوز بأصواتهم.