أبرزها تحجيم التضخم وضبط سعر الصرف.. "روشتة" اقتصادية لعلاج للإصلاح الاقتصادي في العام الجاري

د. مدحت نافع: حلول عاجلة لحل أزمة الطاقة وتخفيض الإنفاق الحكومي وإرجاء المشروعات ذات المكون الدولاري

  • 9
الفتح - أرشيفية

غموض كبير ينتظر العالم في العام الجديد 2024 سياسيا واقتصاديا، لاسيما مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية ومحاصرة إسرائيل لسكان غزة، والضغوط التي تمارس من العالم على إسرائيل لوقف الحرب الدائرة في فلسطين، التي تأثرت بها مصر، بخاصة في مجال السياحة، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار التي تسببت في إحداث موجات تضخم كبيرة، تسعى الدول إلى تقليصها، والخروج من تلك الأزمات المتلاحقة بأقل الخسائر الاقتصادية؛ لذلك كشف خبراء اقتصاديون عن روشتة علاج للإصلاح الاقتصادي في الفترة المقبلة لمواجهة تلك التحديات الكبيرة التي تعيشها مصر ويعيشها العالم أيضا وتؤثر على مقدراته ..    

حل أزمة الطاقة

في البداية قال د. مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إنه في الأجل القصير جدا لا حديث عن الاستثمار إلا بعد التخلص من غول التضخم أولا؛ حيث يجب أن نحاصر التضخم الجامح سريعا، موضحا أن التضخم المستهدف لو كان 7% زاد أو ناقص 2%؛ بمعنى أنه يتراوح ما بين 5% إلى 9%، لكن اليوم وصل إلى 35.5 %، واقتربنا من الـ40 % في فترات طويلة، وهذا التضخم السنوي نريد التخلص منه سريعا.

 وأضاف نافع في تصريح صحفي: ثانيا يجب التخلص من الفارق الكبير بين سعر الصرف في السوق السوداء والسوق الرسمية، وأن نحل أزمة الطاقة، مؤكدا أنها أزمة عابرة، إلا أنها مرتبطة بسعر الصرف، وأيضا مرتبطة بندرة وشح العملة الأجنبية؛ لذلك يجب أن نصدر غازا أكثر لكي نحصل على الدولار، موضحا أن هذه الأهداف الثلاثة يمكن أن تشكل أزمة كبيرة لأي نوع من أنواع الاستثمار، بخاصة الاستثمار الإنتاجي.

الإقلال من الإنفاق الحكومي

وأشار نافع إلى أن صندوق النقد الدولي يتحدث عن سياسة تشديد نقدي، لا بد أن تواكبها سياسة تشديد مالي؛ وذلك من خلال تقليل الإنفاق الحكومي قدر المستطاع، وأيضا تقليل المشتريات الحكومية التي ليس لها أهمية قصوى، وإرجاء الإنفاق على بعض المشروعات التي فيها مكون دولاري، منوها بأن هذه تصريحات د. مصطفى مدبولي رئيس الوزراء.

وتابع: لو استطعنا أن تنفيذ ذلك في الأجل القصير؛ يمكن أن نحاصر التضخم طبعا بسياسات نقدية مكملة أهمها التخفيض من حجم السيولة، حيث لو تمكنا من الإقلال من استخدام البنكنوت "المعروض النقدي" ذلك يساعد في السيطرة على التضخم؛ لأن المستثمر يستهدف تحقيق أكبر عائد سنوي على الاستثمار.

الدولار يتماثل للضعف

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه أينما كان نوع الاستثمار فإن العائد عليه لن يصل إلى 35% سنويا؛ لذلك سيهرب المستثمر أو لا يأتي، ولكل ذلك لا بد أن نعالج التضخم بسرعة شديدة، موضحا أن الرافد الأهم في التضخم هو العملة الصعبة؛ يعني أنه تضخم مستورد بنسبة كبيرة جدا جاء لنا من خلال الدولار.

 وأكد أن الدولار بدأ يتماثل للضعف وسنشهد ذلك في الفترة المقبلة؛ نتيجة أنه سيتم وقف سياسات التشديد، حيث إن معدلات النمو والبطالة بدأتا تتضرران بشدة. كما أن التضخم في أمريكا بدأ يقل ويقترب من المستهدف؛ لذلك فمن المتوقع خلال العام الحالي أن أمريكا وخلفها أوروبا ستبدأ في تهدئة الوتيرة، واليوم الدولار في أضعف مستوياته ماعدا الين الياباني؛ لأنه هو العملة الوحيدة التي عندها فائدة بالسالب، وهي الوحيدة في العالم التي نجحت في تحقيق ذلك حتى الآن.

المتغيرات المناخية

في السياق ذاته، قال د. عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الأزمات التي حدثت على مستوى العام منذ جائحة "كورونا" في العام 2020 ثم الحرب الروسية الأوكرانية، والمتغيرات المناخية وتأثيرها أيضا على المحاصيل الزراعية، وحرب إسرائيل الدائرة الآن على قطاع غزة، كلها كان لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد المصري، بخاصة الحرب على غزة التي أثرت على حركة السياحة في مصر، وعلى حجم الاستثمارات، وأيضا تسببت في ارتفاع قيمة التامين على الحاويات والسفن التي تمر في البحرين المتوسط والأحمر.

وأضاف السيد في تصريح صحفي أن هذه الأحداث زادت كلفة وأسعار البترول على مستوى العالم بنسبة 8%؛ وهذا بدوره أثر في العالم كله، من خلال زيادة التضخم وارتفاع الأسعار، والاستثمار الذي يأتي إلى مصر من الخارج. كما أثرت أيضا على سحب المدخرات والاستثمار غير المباشر والأموال الساخنة في البورصة، وطرح سندات وأذون الخزانة التي تصدرها الحكومة؛ كل هذا كان له آثار سلبية.

تخفيض فاتورة الاستيراد

وأردف أن الدولة انتبهت لأهمية تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج، وتعمل على زيادة الإنتاج وإعطاء حوافز للمستثمرين. كما ناقشت الدولة ما هو معدل النمو الاقتصادي المستهدف في العام الجاري، مشيرا إلى أن هناك 25 دولة امتنعت عن تصدير بعض المحاصيل لتلبية احتياجات السوق المحلي مثل الهند التي امتنعت عن تصدير القمح. كما زادت أسعار السكر عالميا لأكثر من 38%.

بدائل مصرية

 وأكد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أنه يجب أن تكثف الدولة العمل في القطاعين الزراعي والصناعي، وتقليل فاتورة الاستيراد التي تجاوزت الـ 87 مليار دولار سنويا، منوها بأن مصر عندها عجز مالي أو فجوة تمويلية؛ لذلك لا بد أن تقل فاتورة الاستيراد كثيرا.

وعن سبل الإقلال من الاستيراد، قال عبد المنعم السيد إن مصر تستورد بنحو 22 - 24 مليار دولار منتجات من الخارج لها بدائل مصرية؛ لذلك يجب أن أمنح للمستوردين أراضٍ زراعية مرفقة يبنون عليها مصانع لتصنيع تلك المنتجات في مصر بصورة أفضل؛ وبذلك أزيد من التصدير، منوها بأن مصر انضمت إلى مجموعة "بريكس" وبذلك أستطيع التعامل مع الدول الأعضاء بالعملات المحلية، حيث يمكن أن أصدر وأتعامل مع 10 دول بدون جمارك في حدود حجم التبادل التجاري بيني وبين هذه الدول. وقال هذا معناه إن مصر تستطيع أن تقلل الضغط على الدولار؛ وبالتالي سعر الدولار ينخفض نوعا ما، وأيضا أستطيع أن أزيد من التصدير التي تجاوز الـ55 مليار دولار، وأصل إلى المستهدف وهو الـ100 مليار دولار.

خطة للانتهاء من دعم الكهرباء

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي في مرحلته الأولى، كان هناك تأكيدات أن إصلاح أي اقتصاد يتطلب ترشيد إنفاق، موضحا أنه عندما بدأت الحكومة برنامج الإصلاح الاقتصادي بدأت التركيز على ترشيد الدعم، مشيرا إلى أن عام 2021 لم يكن هناك دعم للمواد البترولية سوى أنبوبة البوتاجاز.

وأضاف مدبولي في تصريحات له مساء أمس الأربعاء، أنه كان هناك خطة للانتهاء من دعم الكهرباء بحلول عام 2024، والزيادات التي تتم عام بعد عام حتى 2025.