حزمة جديدة للحماية الاجتماعية.. والمواطن يبحث عن الرقابة

خبراء يرهنون نجاحها بعدم إقرار التعويم.. ومطالب بالحوار حول أولويات الإنفاق

  • 148
الفتح - الحماية الاجتماعية أرشيفية

في ظل زيادة الأسعار وسوء الأحوال الاقتصادية التي يعاني منها المواطن، أعلن الدكتور محمد معيط، وزير المالية، عن تكليف رئاسي بإعداد حزمة جديدة للحماية الاجتماعية تتضمن تحسين الأجور والمعاشات، ورفع حد الإعفاء الضريبي مرة أخرى؛ بما يسهم في الحد من الآثار التضخمية بقدر الإمكان جنبًا إلى جنب مع تحقيق المستهدفات الاقتصادية، وإعطاء الأولوية لقطاعات الصحة والتعليم؛ باعتبارهما الركيزة الأساسية للتنمية البشرية.

وأضاف وزير المالية: كما وجه الرئيس بالتوسع في مد مظلة الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافًا للفئات الأولى بالرعاية، مع مراعاة التوزيع العادل للاعتمادات الموازنية؛ بما يُلبي الاستجابة لمتطلبات النمو والتنمية لكل المناطق والشرائح المجتمعية.

وأشار وزير المالية إلى نيته إطلاق حوار مجتمعي حول مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥؛ لتحديد أولويات الإنفاق العام؛ بما يتوافق مع المستهدفات الاستراتيجية للجمهورية الجديدة، منوهًا بأنه سيتقدم للبرلمان بإصلاح هيكلي للمالية العامة للدولة قبل نهاية العام المالي الحالي.

ومن جهته، يرى الدكتور صبري الجندي، مستشار وزير قطاع الأعمال العام، أن برامج الحماية الاجتماعية كانت مجدية في وقتٍ ما، مستدلًا بالمثل الصيني "لا تعطني سمكة، ولكن علمني كيف اصطاد"، قائلًا: فهذه البرامج لعبت دورًا طيبًا في حماية المستفيدين منها من مزيدٍ من الفقر، وحفظ وصون كرامتهم، مشددًا على أنه لابد من ضبط برنامج تكافل وكرامة؛ لأن هناك العديد من الوقائع التي تؤكد أن عددًا كبيرًا من المستفيدين منه شهريًا غير مستحقين، وبالتالي من المطلوب إعادة النظر في قاعدة بيانات المستفيدين، ومحاسبة من يسهل لمن لا يستحق الحصول على مبلغ الدعم الشهري من مال المجتمع والشعب المصري كله.

وأكد "الجندي" -في تصريحات صحفية لـ "الفتح"- أن برنامج تكافل وكرامة لم يعد كافيًا لمستحقيه؛ لأن معدلات التضخم على مدى ثلاث سنوات زادت جدًا؛ إذ إن متوسط الدعم الشهري من البرنامج يبلغ نحو 716 جنيهًا، في حين أن معدلات التضخم تجاوزت كثيرًا قدرة هذا المبلغ على أن يحيا المستفيد منه حياة كريمة، وبالتالي لا ارتفاع الأجور ولا المعاشات يجدي مع الارتفاع المستمر في الأسعار؛ نتيجة نقص العملة الأجنبية، كما أننا ما زلنا نستورد أشياءً كثيرة جدًا من الخارج غير ضرورية ولابد أن يتوقف استيرادها فورًا أيًا كانت النتائج، وبالتالي أي زيادة لابد أن تراعي معدلات التضخم المرتفعة واحتياجات الناس سواء العاملين أو أصحاب المعاشات، فيما عدا ذلك فإن أي زيادة -وإن كانت خطوة محمودة ويجب تقديرها- لن تكون كافية، خاصة أن الأسعار لا تتوقف عن الارتفاع والمعضلة في عدم قدرة الحكومة على كبح جماحها.

وأشاد مستشار وزير قطاع الأعمال العام، بفكرة عرض الموازنة العامة للحوار المجتمعي، مشيرًا إلى أن هذا معناه استجابة للأصوات التي نادت بإعادة النظر في الأولويات وتحديد هذه الأولويات وفقًا لظروفنا، والتوقف عن الإنفاق ببذخ ومظهريات.

وأوضح أنه إذا كان الحوار المجتمعي جادًا، سيؤتي ثماره بتحديد الأولويات التي تستحق العمل عليها، والتي يجب أن تكون محط اهتمام الموازنة العامة.

وبدوره، رحب الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، بالإجراءات التي صرح وزير المالية بإعدادها، لكنه يرى أن التصريحات توحي بإجراءات اقتصادية صعبة قادمة، متوقع أن يكون منها تعويم جديد للجنيه؛ مما يترتب عليه مزيد من التضخم وزيادة كبيرة في الأسعار، مؤكدًا أن قرار تخفيض قيمة الجنيه مرة أخرى -إن حدث- سيكون خاطئًا تمامًا، خاصة في ظل عدم انضباط الأسعار في السوق، وعدم وجود توازن في أسعار السلع والمنتجات؛ إذ لا تزال العشوائية تسيطر على الأسعار فتختلف داخل الشركات والمصانع عن الأسعار في الأسواق من دون رابط ولا رقيب ولا مراعاة لأي أبعاد.

وأشار الخبير الاقتصادي -في تصريحات خاصة لـ "الفتح"- إلى أنه قبل التفكير في عمل حوار مجتمعي؛ لمناقشة الموازنة العامة، لابد من فرض رقابة حقيقية على الأسواق؛ لأنه إذا لم تقم الدولة بتحديد آلية فعالة لمراقبة السوق لتحقيق التوازن فيه، فأي إجراء من هذه الإجراءات لن يكون تأثيره إيجابيًا.

وأوضح أن رفع الأجور والمعاشات في ظل استمرار ارتفاع الأسعار لن يفيد المواطن، بل على العكس سيكون تأثيره سلبيًا، فمثلا إذا كان المواطن يقبض 1000 جنيه راتب وزاد إلى 2000 جنيه في حين أصبحت السلعة التي كانت بخمسة جنيهات بـ15 جنيهًا فلن يستفيد المواطن من هذه الزيادة؛ لأنها لا تتناسب مع ارتفاع الأسعار، مشددًا على أنه لتكون الإجراءات في مصلحة المواطن لابد ألا يكون معها تخفيض جديد في قيمة الجنيه.