• الرئيسية
  • منوعات
  • آفاق دعوية
  • نائب رئيس الدعوة السلفية: فقدان الجلسات الخاصة بين الأب وأبنائه كل على حدة يؤدي إلى التباعد المعنوي الذي يسبب خللًا في التربية والتنشئة

نائب رئيس الدعوة السلفية: فقدان الجلسات الخاصة بين الأب وأبنائه كل على حدة يؤدي إلى التباعد المعنوي الذي يسبب خللًا في التربية والتنشئة

  • 41
الفتح - الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية

قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن التفكك المعنوي الذي تتباعد فيه القلوب، وتتباغض رغم تقارب الأبدان، ورغم أن كيان الأسرة لا يزال قائمًا في الظاهر؛ له دور في خلل التربية والتنشئة، وغالبًا ما يتمنى أفراد الأسرة انتهاء وجودها بالانفصال؛ ليستريحوا مِن عناء المنازعات والخصومات والاختلافات بين الزوج والزوجة، والأب والأم، وبين الأشقاء والشقيقات بعضهم بعضًا، وبين الآباء والأمهات، والأبناء والأولاد مِن جهة أخرى؛ وذلك لوجود البغضاء والكراهية، وروح التنافس على الدنيا، والحسد؛ التي تحلق الدِّين كما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ" [رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني].


أهمية الجلسات الخاصة مع الأبناء

وأكد "برهامي" -في مقال له بعنوان "مظاهر مظاهر القسوة في المجتمع أسباب وعلاج (18)" نشرته جريدة الفتح- أنه لا شك أن فقدان الجلسات العائلية -وخاصة التي تكون جلسة خاصة بين الأب وأبنائه كل واحد على حدة- يؤدي إلى التباعد المعنوي، مضيفًا: وقد قصَّ الله -عز وجل- في كتابه عددًا من قصص هذه الجلسات الخاصة بين الأب وابنه؛ لما لها مِن عظيم الثمرة في نفس الولد، وتهيئة حالته النفسية لتحمل المسئولية الدينية والدنيوية، وتنشئته نشأة سوية يشعر فيها بأنه قد كبر؛ لأن أباه يخصه بهذه الجلسة، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ . وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ . يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ . وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ . وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 13-19].

وأشار إلى أن هذه الجلسة الإيمانية والحوار المباشر الخاص بين الأب وابنه أو المربي ومَن يربيه هي وسيلة التربية الإيمانية؛ تلك الجلسة التي يبث فيها موعظته ومشاعره التي يعبِّر له فيها عن حبه، ويذكره بالعلاقة التي بينهما؛ فكرر النداء بلفظ: "يَا بُنَيَّ" مرات متعددة، وهذه كلمة كادت أو قد اختفت مِن حياتنا كآباء وأمهات مع أثرها العظيم في نفس الابن أو الابنة، متابعًا: وهذه الجلسة صارت مفقودة في مجتمعنا في معظم بيوتنا!، موضحًا أنه مَن يجلس مع ابنه يعظه، ومَن يجلس مع مَن يعلمهم ويربيهم ويؤدبهم بهذه الوصايا قلة نادرة!

وأضاف نائب رئيس الدعوة السلفية، أن هذه الجلسة الإيمانية الخاصة مع الأبناء، تكاد تكون غائبة -إلا مَن رحم الله-، مؤكدًا أن هذه الوسيلة لا تغني عنها الوسائل الأخرى، مثل: الدروس العامة، أو الوسائل المعاصرة: كالكتاب، والشريط، والخطبة، أو وسائل التواصل، وهذه وإن كانت مفيدة بلا شك فيما ينفع -لا فيما يضر، وهو الأغلب الأعم-، لكنها لا تغني عن هذه الجلسة الخاصة التي يبثُّ فيها المربي موعظته ونصيحته، بل ويسمع مِن ولده أو تلميذه ما يجول في خاطره، ويحدِّث به نفسه، وربما ما رآه في منامه، فضلًا عما يقع له بالفعل، كما جلس نبي الله يعقوب مع ابنه يوسف -عليهما السلام- حينما قصَّ عليه المنام الذي رآه في قوله: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ . قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (يوسف: 4-5).