عاجل

موضحًا حكم إخراجها نقداً..باحث شرعي يبين مقدار زكاة الفطر ووقت إخراجها

  • 195
زكاة الفطر

قال صابر رفاد، الكاتب والباحث الشرعي: إن زكاة الفطر هي الاسم الشرعي لصدقة الفطر؛ وصدقة الفطر تجب على كل مسلم لديه فضل من المال يزيد عن قوته وقوت عياله ومن يعوله في يوم العيد وليلته، فيجب أن يخرج الزكاة عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم كوالديه وأبنائه وزوجته، لما ثبت في الصحيح. عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ {فَرَضَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ} [صحيح البخاري (1432)]، قوله: "فَرَضَ" استدل به على الوجوب، فقال جمهور العلماء من السلف والخلف: معنى "فَرَضَ" أي ألزم وأوجب، فزكاة الفطر فرض واجب، لدخولها في عموم قوله تعالى: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" [البقرة : 43]، إلّا أنها تختلف عن الزكاة العاديّة في أنها تدفع عن الأشخاص، أو النفوس.


وبين "رفاد" في تصريحات خاصة لـ"الفتح" أن المقدار الذي كان يؤدّى في زمن الرسول فهو صاع إمّا من القمح أو من الأرز أو من الشعير أو التمر أو الحنطة أو الزبيب، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ {كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ} [صحيح البخاري (1435)، وصحيح مسلم (1642)]، فإن زكاة الفطر تخرج على الراجح من أقوال أهل العلم مما يقتاته أهل البلد، فإن كانوا يقتاتون التمر أو الزبيب أو الشعير أو البر (وذكر النبي هذه الأصناف لأن هذا كان قوت أهل المدينة)، فيخرج منها عن كل نفس صاع، وإن كانوا يقتاتون من غير هذه الأصناف كالأرز والدقيق ونحوها فيخرج منها صاعا أيضًا.


 

وتابع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "يخرج مما يقتاته أهل البلدة"، كما قال تعالى: (مِنۡ أَوۡسَطِ مَا تُطۡعِمُونَ أَهۡلِيكُمۡ)، والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة} [أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح]، والصّاع يساوي: أربعةَ أمداد إلى خمسة أمداد. والمدّ : أن يَمُدّ الرّجل يديه، فيملأ كفّيه. ولمّا كان الصّاع تختلف كثافته بحسب جنس الطّعام، كانت مقادير زكاة الطّعام تختلف في الميزان، فالصّاع من الزّبيب مثلا يعادل تقريبًا 2.200 جرامًا، والصّاع من الدّقيق يعادل 2.750 جرامًا، والصّاع من الأرز يعادل 2.800 جرامًا، وهكذا. 


وأشار الباحث الشرعي إلى وقت إخراجها فقال: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ} [صحيح البخاري]، وهذا هو الوقت الأمثل لإخراج زكاة الفطر، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين كما كان الصحابة يفعلون، فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في صدقة التطوع: {وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين} [أخرجه البخاري]، وعند أبي داود بسند صحيح أنه قال: {فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين}. وآخر وقت لإخراجها قبل صلاة العيد. 



كما أشار "رفاد" إلى الحكمة من مشروعية زكاة الفطر فقال: إن زكاة الفطر فُرضت على المسلمين لتطهير نفوسهم ولتزكية صيامهم وتنقيته من أيّ عمل قد يضر به والمستحقون لزكاة الفطر: هم الفقراء والمساكين من المسلمين، فإنّ فقراء المسلمين يكونون بأمسّ الحاجة لأيّة مساعدة تساعدهم في إدخال البهجة على نفوس عائلاتهم وأطفالهم في العيد، ومن هنا فقد كان لزامًا على كلّ مسلم قادر على تأدية هذه الزكاة أن يؤدّيها قبل وقت صلاة العيد. فقد جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: {فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ} رواه أبو داود وابن ماجه وهو صحيح.


وأردف الباحث الشرعي: وأما عن حكم إخراجها نقدًا، فلا يجزئ إخراج قيمتها نقدًا، وهو قول أكثر العلماء، لأن الأصل في العبادات هو التوقيف، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمتها، وما زال أهل العلم فيها على قولين اثنين:

الأوّل: أنّها لا تُخرَج إلاّ من قوت البلد ولا تجزئ القيمة، وهو قول جمهور العلماء: الإمام مالك، والشّافعيّ، وأحمد بن حنبل. فقالوا: ولا تخرج نقودًا، ومن أخرجها نقودًا لم تُجزِئْه، لأمور أربعة:


1- لأنّه ظاهر قول رسول الله، فقد قال صلّى الله عليه وسلّم: "طُعمَةً لِلْمَسَاكِينِ". 

2- ولأنّه لم يجْرِ عليه عمل النبيّ صلّى الله علي وسلّم ولا أصحابه.

3- ولأنّ القيمة لا تنضبط، فهل تُخرج بقيمة التّمر، أو الشّعير، أو الزّبيب؟ 

4- ولأنّ في إخراجها طعامًا إظهارٌ لشعائر الله تعالى.


والقول الثّاني: يجوز إخراجها نقودًا.

وهو مذهب أبي حنيفة، وعليه متأخّرو الشّافعيّة والمالكيّة. والأحوط هو الخروج من خلاف العلماء، فيخرجها طعامًا، ومن أراد أن يُغنِي الفقير نقودًا، فباب الصّدقة أوسع وأرحب من يوم العيد.