بعد 6 أسابيع على بداية قيود الهند.. ضغوط متنامية في سوق الأرز

الفلبين تضع سقفًا لأسعار الحبوب بعد ارتفاع تكاليف التجزئة على السكان

  • 24
الفتح - أرشيفية

فرضت أكبر مورّدة للأرز في العالم قيوداً على كل صادراتها، مما أثار حالة من الذعر لدى الحكومات، من آسيا إلى غرب أفريقيا. وعلى الرغم من محاولة الدول الأخرى الأكثر زراعة للأرز طمأنة المستهلكين بأن الإمدادات وفيرة؛ فإن جهودها لم تقدّم الكثير لتهدئة السوق.

قفزت أسعار الأرز في آسيا من جديد مقتربةً من أعلى مستوى لها منذ 15 عاماً تقريباً يوم الأربعاء، بعدما فرضت الهند المزيد من القيود على الأرز المسلوق والأرز البسمتي خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. كان هذان النوعان من الأرز آخر الأنواع المتبقية التي لم تخضع لقيود التصدير، لتصل بذلك حملة تقييد الصادرات الأخيرة إلى ذروتها بعدما كانت قد بدأت في 20 يوليو بفرض حظر على تصدير بعض أنواع الحبوب.

وقال بيتر تيمر، الأستاذ الفخري بجامعة هارفارد، الذي درس الأمن الغذائي لعقود من الزمن، إن "الارتفاعات الحادة في أسعار الأرز تضرّ دائماً بالمستهلكين الفقراء أكثر من غيرهم.. الخوف الأكبر الآن هو أن تحذو تايلندا وفيتنام حذو الهند، وتضعان ضوابط كبيرة على صادراتهما من الأرز. فإذا حدث ذلك؛ فإن أسعار الأرز العالمية سترتفع إلى أكثر من 1000 دولار".

المخاوف بشأن العرض مبررة إلى حد كبير. فالأرز يعد عنصراً رئيسياً في النظام الغذائي لمليارات الأشخاص، وهو يسهم بما يصل إلى 60% من إجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الناس في أجزاء من جنوب شرق آسيا وأفريقيا. ويبلغ السعر القياسي حالياً 646 دولاراً للطن، في وقت تظهر مخاوف من أن تؤدي الظروف المناخية إلى اضطرابات أكبر في السوق.

ويهدد ظهور "ظاهرة النينو" خلال العام الجاري بتدمير العديد من المناطق الزراعية الرئيسية في جميع أنحاء آسيا، إذ حذرت تايلندا بالفعل من حصول جفاف في أوائل عام 2024. ويبدو أن المحصول في الصين، أكبر منتج ومستورد في العالم، نجا من سوء الأحوال الجوية حتى الآن، لكن مناطق الإنتاج الرئيسية في الهند تحتاج إلى مزيد من الأمطار.

وتعود أسباب التدابير التي تتخذها الهند باختصار إلى عوامل سياسية. فحكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي تواجه انتخابات مبكرة في أوائل العام المقبل، وقد يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى رد فعل غير مرغوب به في صناديق الاقتراع. وحتى الآن؛ كان هناك بعض التأثير من القيود المفروضة. فتكلفة الأرز في العاصمة نيودلهي حتى 31 أغسطس، كانت ما تزال أعلى مما كانت عليه قبل عام. لكن، ومنذ حظر التصدير في يوليو، استقرت الأسعار عند 39 روبية (47 سنتاً) للكيلوغرام. أما في أنحاء البلاد الأخرى؛ فإن الأسعار ارتفعت قليلاً، ولكن على الرغم من ذلك؛ تتردد أصداء القيود التي تفرضها الهند في دول أخرى.

اضطرت الفلبين الأسبوع الماضي إلى وضع حد أقصى لأسعار الأرز في كل أنحاء البلاد بسبب الزيادة "المثيرة للقلق" في تكاليف التجزئة والتقارير عن تخزين التجار لهذه المادة، مع الإشارة إلى أن الفلبين تعتبر ثاني أكبر مستورد للأرز في العالم.

أرسلت غينيا وزير التجارة الخاص بها إلى الهند، في حين طلبت سنغافورة وموريشيوس وبوتان من نيودلهي إعفاءها من القيود على خلفية الأمن الغذائي -وهو بند أضافته الدولة الواقعة في جنوب آسيا عند حظر أحد الأصناف. كما أتاحت القيود المفروضة فرصة لتايلندا أيضاً.

قامت الدولة التي تعتبر ثاني أكبر مورّد في العالم، بجولة ترويجية في الأسابيع الأخيرة، تضمّنت رحلات لمسؤوليها التجاريين إلى الفلبين وإندونيسيا وماليزيا واليابان، فقد حملوا خلالها رسالة مفادها: "إذا كنتم تريدون الأرز؛ لدينا ما تطلبونه".

توفّر فيتنام بعض الدعم للسوق، إذ قالت الشهر الماضي إنها ستتجاوز على الأرجح هدف التصدير لعام 2023، وهو إنجاز يمكن أن تحققه دون تعريض أمنها الغذائي للخطر. وأظهرت بيانات الجمارك أن الأحجام الواردة إلى إندونيسيا ارتفعت خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، في حين أن الشحنات إلى الصين كانت أعلى أيضاً.

لكن طموحات ميانمار تراجعت في الآونة الأخيرة. فقد اقترح اتحاد الأرز في البلاد وقفاً مؤقتاً للشحنات لتهدئة الأسعار المحلية المتزايدة، وهو الاقتراح الذي رفضته الحكومة. وكان الاتحاد قال قبل وقت قصير إنه قادر على شحن المزيد.

يُتوقع أن يقوم اتحاد مصدري الأرز التايلندي بتحديث سعر الأرز الأبيض بنسبة 5% بعد اجتماعه الأسبوعي يوم الأربعاء، وسيراقب المستثمرون المؤشر الآسيوي لمعرفة ما إذا كانت المخاوف أم حالة الهدوء، هي التي ستسيطر على السوق.