وكأنك ورقة شجر

ا حليمة فاروق

  • 78

هلَّ علينا الخريف بهوائه الناعم الملفح ببرودة الشتاء، ليخبرنا أن نستعد للدفءِ بمراحله المختلفة، وكأنه بصمة الإصبع التي تختم الورقة ليتم إنتاج العمل.

فيه تتساقط أوراق الشجر بانسيابٍ يافعٍ لتعلن بدء مواسم امتلاء الأشجار بالثمار المباركة، وكأنه يخبرنا بأن نساقط من علينا كواهل التعب والحزن والاستعداد لامتلاء خزائننا بالسعادة والاطمئنان، ففي الشتاء حقا نشعر بالطمأنينة والمرح .

 

يأتينا الخريف بالخير، والزاد القليل فيه مريح، والملابس الخفيفة فيه تدفئ الأجساد، والحركة فيه خفيفة لا مثقلة بعرقِ الصيفِ وحرارة شمسه، ولا باردة بأمطار الشتاء، فرغم أن الجو فيه ربما يبدو للبعض أنه مخيف بتقلباته وكثرة الإصابة فيه بنزلات بردٍ مجهدة للجسد منهكة للعظام إلا أنه بداية خير بعد انقطاع خيرٍ غيره.

 

فعش في هذه الدنيا كأنك ورقة شجر تسقط في الخريف لتعيد البناء في الشتاء ليظهر عليها ربيعُ العيد مقدمًا إياها لصيفٍ مبهجٍ متلون، ولا تحمل همَّ الدنيا على عاتقك وتسير، فهناك ربٌّ مدبرٌ للأمر لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم، لا يغيب عنه حالك ولا مستقرك، فسرْ في الطريق لخالقك كهذه الورقة تسقط بذنوبك وتستعيد بناءها بتوبتك، وتستقر على الشجرةِ بتقواك، فلا تغفل يا صاحِ عن هذا الفضل وذاك الخير الذي يأتيك بالتوبة كالخريف الذي يأتي للأشجار بالخير.