أزمة المطلقات

منى المسلماني

  • 95

قصةٌ حقيقيةٌ عاصرتُ أحداثها بنفسي، كنت أجلس في بيت امرأة مطلقة ولديها أبناء، كان الجو هادئًا ودودًا والمجلس تعمه مشاعر الإخوة، وإذ فجأةً يقطع ذلك الجو الهادئ صوت طرقات شديدة متتالية على الباب، فتحت البنت الصغيرة الباب سريعًا لتجد أمامها رجلًا قويًاوبصوت جهوري عالٍ صرخ في وجهها أين صاحب المنزل؟

أسرعت إلى والدتها وهي ترتعش (ماما واحد بيزعق على الباب)!!، خرجت الأم لترى محصل شركة المياه يهدد ويتوعد إن لم تدفعي المتأخر عليك قطعنا عنك عداد المياه،أخذت تتوسل إليه في مد فترة السماح فلم يرحم توسلاتها بل كان شديد الغلظة معها وكأنه استقوى حين رأى أمامه ضعف امرأة، وفي النهاية أغلقت الباب، وجلست تبكيمعي وتندب حظها العاثر وأيامها الصعبة ومعاملة الناس التي لا ترحم.

هذه صورة مصغرة من صور أخرى كثيرة منتشرة وبكثرة في الحياة، فتلك لا تستطيع سداد مصاريف مدارس الأولاد، وهذه لا تستطيع الذهاب إلى الطبيب للكشف على الابن الذي يعاني المرض، وأخرى تتراكم عليها فواتير الإيجار والكهرباء والغاز، والقاسم المشترك بينهن جميعًاالأنين والمعاناة والألم.

أختي المطلقة الكريمة أشعر بك وأتألم لمصابك بل وأتمنى رفع المعاناة عنك لو كان الأمر بيدي ، إليك أيتها المطلقة المصونة خططت كلماتي هذه لتربت على قلبك المكلوم الحزين، أختي المطلقة العزيزة، الزواج والطلاق أقدار الله،والمؤمن أمره عجيب فهو دائمًا يعيش راضيًا عن الله وعن أقداره، يشكر عند السراء ويحمد عند الضراء، الحياة لن تعطيك كل ما تتمنين بل ولن تهبك الخبرات والتجارب إلا عن طريق المصاعب والآلام، فقد يكون الطلاق درسًا لأخذ العبر لعيش حياة أفضل في المستقبل 

هب أنك ظلمت وتجاوزتِ وقصرتِ لا تجلدي نفسك فكلنا ذوو خطأ وكلنا أصحاب معايب، آن لك أن تتوبي فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة، من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط!

هب أنك ظُلمتِ وأُسيئ إليك، ارفعي يديك إلى السماء، وتضرعي إلى الله بالدعاء، وانتظري (والله لأنصرنك ولو بعد حين) استجابة من الله لدعوة المظلوم، ونامي قريرة العين مطمئنة النفس فلن يخذل الله من أوى إليه فهو الركن المتين.

رسالتي قبل الأخيرة: رسالة إلى كل من يتعامل مع مطلقة،لا تكن عونًا للشيطان على امرأة ابتليت بهذا البلاء، ولا تحكم على كل المطلقات حكمًا عامًا فليست كل مطلقة ظالمة بل قد تكون ضحية لزوج ظالم مستبد غير مسؤول.. فلكل حالة ظروف تخصها ومن الظلم الحكم العام.

أما رسالتي الأخيرة: فإلى كل زوجة تفكر في الطلاق أو تلوح به وتجعله سلاحًا ترفعه دائما في وجه شريك حياتها كلما تخاصما أو وقع بينهما شجار أو خلاف  مهما صغر أو دق، احذري من تكبير الأمور والانسياق وراء الروايات الخيالية المثالية لذلك المهند الذي بيده وردة حمراء يهديها لزوجته ثم يأخذها من يديها ليجلسها على جواده الأبيض ذي الجناحين، فما قامت البيوت إلا بصبر النساء وواقعيتهن وإرادة الإصلاح الدائم عند الشقاق (والصلح خير) والسعي الحثيث لجعل الأبناء يعيشون حياة هانئة سعيدة في ظل أبوين بينهما مودة ورحمة كما ذكر الله.

إياكِ من السماع لدعاة النسوية (رجالًا ونساءً) الذين ليس لهم هم إلا تفريخ صور واستنساخ حالات مماثلة لما يعانونه من فشل وتصدع واضح في حياتهم الزوجية، ولا يبالون بأي زوجة بعد الطلاق ولا يتأسفون على ما وصلت إليه من جراء دعواتهم الكثيرة المتكررة لامرأة قوية مستغنية عن الرجل تستطيع أن تواجه طوفان الحياة المتلاطم  القويبشراع ضعيف تقوده يد امرأة ضعيفة رقيقة، فبئس ما يقولون 

وأخيرًا رفقًا بالقوارير وإن كن مطلقات بل هن بالرفق أولى .