تجاهل الجهود الحكومية والأغراض السياسية يحيطان بتصنيف "موديز"

خبراء يوصون بدعم القطاع الخاص.. والتوسع في برامج الحماية المجتمعية للطبقات الفقيرة

  • 19
الفتح - تصنيف "موديز" أرشيفية

بينما خفضت "موديز إنفستورز سرفيسز" نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر الائتماني إلى "سلبية" من "مستقرة"، كما أكدت تصنيف الإصدارات بالعملات الأجنبية والمحلية على المدى الطويل عند "Caa1"، أكدت وزارة المالية أنها تجاهلت الجهود الحكومية لتلبية الاحتياجات المالية، كما اتهمها خبراء بالتحيز سياسيًا ضد مصر.

واعتمد التصنيف على الزيادة الكبيرة في مدفوعات الفائدة، والتي من المتوقع أن تستهلك نحو ثلثي الإيرادات للعام المالي 2024، مدفوعة باتساع فجوة سعر الصرف .

وقالت "موديز" إنه حتى مع الزيادة المتوقعة في تمويل صندوق النقد الدولي وتحقيق الحكومة فائضًا أوليًا، ستقدر الاحتياجات التمويلية 2.14 تريليون جنيه، بينما تسعى الحكومة لتوفير 1.955 تريليون جنيه من خلال إصدار السندات وأذون الخزانة. 

ورداً على تخفيض موديز للتصنيف الائتماني، قال وزير المالية محمد معيط، إن الحكومة تعمل على إدارة مخاطر الاقتصاد الكلي، بمرونة لاحتواء الصدمات الخارجية المتتالية، وتتعامل بتوازن وحرص شديد مع الآثار السلبية الناتجة عن التوترات الجيوسياسية المؤثرة على النشاط الاقتصادي، وتحرص على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين والتوسع في الحماية الاجتماعية مع الالتزام بالانضباط المالي في ظل هذه التحديات شديدة التعقيد.

أضاف بيان لوزارة المالية أن "موديز" لم تأخذ في اعتبارها الجهود الحالية للحكومة عند تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية، إذ إن برنامج "الطروحات" يُعزز قدرتنا على تلبية الاحتياجات التمويلية خلال العامين المقبلين، ويُسهم في جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، والحد من الاحتياج للتمويل الخارجي.

ولفت البيان إلى نجاح الدولة في التخارج من عدد من الأنشطة الاقتصادية بقيمة 3.5 مليارات دولار ضمن برنامج "الطروحات"؛ بما يساعد على زيادة تدفقات النقد الأجنبي، لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري.

كما نوه البيان بإمكانية الحصول على نحو ٥ مليارات دولار سنويًا بشروط ميسرة من البنوك التنموية متعددة الأطراف، الأمر الذي يعكس ثقة هذه المؤسسات الدولية في المسار الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة بسياسات مالية أكثر قدرة على تحقيق الانضباط المالي، والحفاظ على تسجيل فائض أولي بشكل مستدام، جنبًا إلى جنب مع المضي في تنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز النمو الاقتصادي .

من جهته، قال الدكتور محمد يونس أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن تصنيف "موديز" يؤكد أن تراجع المؤشرات الاقتصادية ما هي إلا أوضاع مؤقتة، وهناك حلول وإجراءات على الحكومة أن تتخذها، من بينها تيسير وتبسيط الإجراءات، كذلك تحفيز القطاع الخاص للمشاركة وإفساح المجال له في القطاعات المهمة كالمشاركة في الصناعة والزراعة، والتشييد والبناء، والاستثمار، ودمج الاقتصاد غير الرسمي، والتوسع في برامج الحماية المجتمعية بالنسبة للطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، كذلك علاج الخلل الهيكلي بين العرض والطلب، ووضع سقف لسعر الصرف في ظل وجود أزمة توفير الدولار.

وأشار إلى أن هناك عدة مؤشرات ينبغي العمل على تنميتها بصورة سريعة من أهمها تحريك عجلة الإنتاج، توفير الخامات ومستلزمات الصناعة، عمل حزمة إصلاحات بهدف الاستفادة القصوى من البرامج السياحية مثل المؤتمرات والعلاجية والدراسة للوافدين، أيضًا التوسع في الصادرات التصنيعية والزراعية وتشجيع المنتج الوطني، ووقف استيراد السلع الاستفزازية والتي لها بدائل محلية.

وبدوره، وصف محمد الجوهري الخبير الاقتصادي، تصنيف وكالة موديز بأن لها أغراضًا سياسية، إذ إن العالم كله يعاني جراء الأزمات الاقتصادية وليست مصر وحدها، متوقعًا انفراجة على المدى المتوسط  خصوصا مع بدء تطبيق اعتماد البريكس، ودخول مصر سوق إفريقيا باعتباره أحد أهم الأدوات الفاعلة، مشددًا على أن هناك رؤية وخطة حكومية واضحة للتوسع في الصادرات داخل القارة السمراء.

وكان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء قال في وقت سابق، إنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون قطاع خاص ديناميكي وتنافسي، مضيفا أن مصر أحرزت تقدمًا كبيرًا خلال الأعوام الماضية بمشاركة شركائها في التنمية في معالجة العديد من التحديات الإنمائية على المستوى القُطري.

 كما أشار إلى أن مصر تنفذ برنامج إصلاح اقتصادي وفقًا لمراحل متتالية بدعم من شركاء مصر في التنمية، تضمن تدابير للحماية الاجتماعية تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا.

يأتي هذا في الوقت الذي تجرى فيه محادثات مع الصندوق لمضاعفة البرنامج الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، فيما تعاني البلاد جراء الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية والتي بدأت بجائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، ثم الحرب في السودان، ثم العدوان الإسرائيلي على غزة، فضلاً عن التوتر في البحر الأحمر وباب المندب، أمور أثرت على تحويلات المصريين بالخارج، وإيرادات قناة السويس، ومعدل السياحة، والصادرات، وكلها أمور أثرت سلبًا على سعر الصرف وزادت من هوة الفجوة الدولارية، كما أثرت على ميزان المدفوعات والقطاعات الرئيسية المولدة للعملة الصعبة.