بيوت من نور

رحاب حجازي

  • 65
الفتح - بيوت من نور

نعيش أيامًا ربانية، نفحة من نفحات الله -عز وجل- في الأرض ومنحة منه، طوبى لمن استغلها، ألا وهو شهر رمضان خير الشهور، وبه خير الليالي.

في رمضان يتغير كل شيء على الأرض للأفضل وينصبغ بصبغة إيمانية، وهذه فرصة لنتغير نحن أيضًا ويتغير حال بيوتنا للأفضل ولنجعل بيوتنا بيوتًا من نور، ومن الأخطاء الشائعة أن ينعزل الأب والأم في رمضان عن أبنائهما بحجة العبادة فتسقط شبكة التواصل فيما بينهم وتزيد المسافات.
بينما أول علامة من علامات نور البيوت الاجتماع بين أفراد الأسرة على أفعال متنوعة، ومن سبل التواصل والتقارب داخل الأسرة المشاركة في أداء العبادات، فهي تقوي الصلة الوجدانية بين أفراد الأسرة فتتقارب قلوبهم ويتنفسون مساحة من التفاهم والود والهدوء.
ومن أمثلة المشاركة في أداء العبادات والطاعات صلاة ركعتين قيام يوميًا جماعة، أو مسابقة في قراءة القرآن، أو مشاركة الدعاء، وعند إخراج الصدقات والزكوات وأيضًا صلة الأرحام وغيرها.
من المميزات في رمضان اجتماع الأسرة على الطعام، وما أجمل حديث الأُنس وقتها، واستغلال هذا الوقت ليكون مميزًا ويترك ذكريات طيبة في قلوب أولادنا، فمثلًا لو نتكلم كل يوم عن معنى بسيط أو قيمة أو قصة جميلة نتشاركها من حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، فتزيد بيوتنا نورًا.

ومن أسباب تأليف القلوب داخل الأسرة الدعاء لبعضنا البعض، الدعاء لأولادك وشريك حياتك بأسمائهم وبصوت مسموع ليسمعه ابنك فيقع في قلبه ويرفع استجابته ويرقق قلبه للطاعة، ولأن الطفل مقلد جيد للأب والأم احرص أن يراك رافع كفيك لله متضرعًا له تتحرى أوقات الإجابة فينطبع في ذاكرته وروحه ويعلمه سهولة الرجوع واللجوء لله والتوبة.
من صفات الأسر الناضجة أيضًا التي افتقدها الكثيرون في أيامنا "التواصل الجيد" أي أننا نستطيع أن نُقيم حوارًا فيما بيننا، لدينا قدرة أن نتكلم بهدوء ونصل لنقطة تفاهم في مشاكلنا وأمور حياتنا، نستطيع أن نقف على نقطة اتفاق، فالتواصل الجيد يولد حسن الظن ويبعدنا عن تصيد الأخطاء، يساعد على التعبير عن المشاعر فيسهل التفاهم داخل الأسر.
والتواصل الجيد ليس فقط بين الزوجين ولكن نحتاجه أيضًا بين الإخوة، وبعض وبين الأم والأب والأبناء، رمضان فرصة عظيمة نتعلم فيها التواصل لأننا نجتمع فيه أكثر، ويختلف فيه رتم حياتنا على عكس الأيام العادية، فلنتعاهد على أخذ هدنة من المشاحنات في رمضان والبعد عن كثرة اللوم والنقد بين أفراد الأسرة فكثرة اللوم والتأنيب تهدم العلاقات.
ونبدأ بإعطاء فرصة للتواصل داخل بيوتنا بمحبة وصدق وشفافية فتزيد نورًا، في النهاية الأسرة كيان على أفرادها أن يشعروا بمعنى "كلنا واحد"، نجاحنا وأفراحنا وأهدافنا تصب في نهر واحد، نتكاتف معًا لمواجهة مصاعب الحياة فالأسرة هي جيش الإنسان الحقيقي وهي الدعم والسند، هذا المعنى أجمل المعاني التي نكرم أنفسنا بوجوده داخل بيوتنا في رمضان.