أرضك أولاً

سناء الأشقر

  • 25

تعجبوا قديماً ممن تنظف بيت جارتها وتترك بيتها بغير نظافة!، واستنكروا على من يترك أرضه بورا ويزرع أرض غيره ويراعيها!، وسارت هذه الأمثال تضرب على كل من تترك نفسها أو من هم تحت مسئوليتها وتهتم بغيرهم؛ لأن العرف جرى على أن الإنسان يهتم بنفسه وبمن تحت مسؤوليته أولاً، ثم يبدأ بمد يد العون لغيره، حتى في حالات الحوادث والكوارث ينصح بانقاذ نفسك أولاً ثم من هم في دائرتك ثم من هم خارجها،

فلماذا إذا نكست هذه الفطرة؟، وأصبحنا نرى العديد منّ الأمهات تهتم بغير أسرتها وتترك أسرتها بدون اهتمام!،حتى أصبحنا نرى العديد من النساء بارعة جداً في الحوار مبتسمة متفهمة مرنة جدا، ولديها سعة صدر لا تقارن مع غيرها، ومتمكنة جدا في إيصال المعلومة وتحفيظ القرآن وشرح أمور الدين للأطفال، وصديقة جيدة جدا للفتيات، ولكن للأسف كل هذا خارج بيتها ومع من ليسوا تحت مسؤوليتها!، ولكن مع زوجها وأبنائها ووالديها وصلة أرحامها نجدها لا تستطيع تكوين حوار معهم ولا تسطيع مشاركة الضحك والنكات منهكة وحزينة دائما!، حتى إذا خرجت معهم فلا تتوقف عن اللوم وتوجيه الانتقادات!، دائمة الشجار مع ابنها وهو يحفظ القرآن أو إذا لم يفهّم مسألة ما!، وتناست مهمتها الأساسية ومسؤوليتها 

التي خصها الله عزوجل بها، ولا يمكن لأحد حل محلها، بل إذا امتنعت عنها فلن تقدم لهم، ففي الحديث: (كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ وهي مسؤولةٌ عنهم وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ) البخاري، وفيه يرشد النبي صلى الله عليه وسلم كل فرد من أمته إلى القيام بواجبه نحو ما خوله الله عليه، والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، وهو مطالب بالعدل والقيام بمصالح من تحته في دينهم ودنياهم ومتعلقاتهم، والمرأة راعية بحسن التدبير في بيت زوجها وتربية أبنائها التربية السوية، حيث لا ينقصهم حب واهتمام بقدر طاقتها وقدراتها بدون تقصير، فينبغي على المرأة أولاً حسن رعاية أبناءها ولا يقصد به اعداد الطعام والشراب فقط، بل تربيتهم وتعليمهم أصول دينهم، ويشمل ذلك بذل كل الجهد معهم، ومنه الإنصات لهم والتحدث معهم وتقديم يد العون لهم متى احتاجوا ذلك.

ولا تقول احداكن لقد تأخر الوقت وانعدمت كل طرق التواصل بيني وبين أولادي؛ فمعالجة الخطأ بلا شك أفضل من مشاهدته والتحسر عليه أو الاستمرار فيه، وضعي نصب عينيك قاعدة عظيمة جداً وهي التغافل واللين والرفق، 

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا  عائشةَ ! ارْفُقِى ؛ فإنَّ اللهَ إذا أرادَ بأهلِ بيتٍ خيرًا أدخلَ عليهِمُ الرِّفقُ )  أحمد، والرفق هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالسهل، فلا تكوني فظة ولا غليظة، وعليك بالابتسام والكلام الطيب مع أولادك والدعاء لهم، والاهتمام بالأمور التي قد تفتح بينكم بابا مغلق كمشاركتهم ما يحبون من طعام أو حديث أو لعبة، اسأليهم عن اصدقائهم وما مروا به خلال يومهم، وجربي أن تجعليهم يسمعون لك القران كما تسمعي لهم، شاركيهم قراءة كتاب أو قصة، شاركيهم ايضاً مخاوفهم وطمأنيهم أنك ارتكبت مثل هذه الأخطاء وأنت صغيرة، وأن ما يهم هو التعلم من الخطأ وتصحيحه، ولا تنسي التعبير عن حبك لهم، والدعاء لهم .