عاجل

خلال ندوة "فاستبقوا الخيرات".. الدعوة السلفية: المسارعة في الصالحات سبب لنصر الأمة على الأعداء

  • 46
الفتح - جانب من الندوة

"برهامي": من أراد المغفرة في ليلة النصف من شعبان عليه تجنب الشرك وذرائعه والبدع والشحناء

محمود عبد الحميد: الانقطاع عن المعصية ينبغي أن يكون لله خوفًا منه ورجاءً لثوابه

اليهود يريدون التلبيس على المسلمين في قضايا الإيمان والكفر

الرافضة والخوارج وأهل البدع من أكثر المشاحنين لأن قلوبهم مليئة بالغل والحقد على الصحابة وأهل السنة

نظمت الدعوة السلفية بمصر ندوة بعنوان "فاستبقوا الخيرات"، حاضر فيها الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، والشيخ محمود عبد الحميد، عضو مجلس الإدارة؛ لحض المسلمين على المسارعة في أعمال البر، خاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك، وتوضيح ارتباط تلك الأعمال الصالحة بنصر المسلمين على أعدائهم.

وقال الدكتور ياسر برهامي -خلال كلمته- إن المسابقة إلى الخيرات ترتبط ارتباطًا وثيقًا جدًا بنصرنا على الأعداء؛ فقد قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55]، موضحًا أن الإيمان يزداد بالأعمال القلبية التي هي روح العبادة، والعقيدة الصحيحة في وحدانية الله -عز وجل- ربًا وإلهًا ومتفردًا بكمال الأسماء والصفات، وكذلك الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره؛ فكل هذه من الأمور العظيمة التي يزداد الإيمان بها كمًا وكيفًا. وكذلك الإيمان بما هو ثابت في القرآن والسنة من فضل الصحابة -رضي الله عنهم- السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.

وأضاف: ومن الإيمان معرفة حقوق المؤمنين والمسلمين والتفرقة بينهم وبين الكفار حتى لا يخلط أحد بينهما، فيستبيح منهم ما يستبيح من الكفار، ويسفك دماءهم وينتهك حرماتهم ويغتابهم بلسانه؛ لذلك في تفسير كثير من العلماء في فضل ليلة النصف من شعبان "يطّلع الله إلى خلقه ليلة النصف من شعبان" وفي رواية "ينزل إلى السماء الدنيا نزولًا أخص من النزول كل ليلة، إما أنه يكون من أول الليلة أو يكون نزولًا يكون فيه أقرب إلى الخلق، فيغفر لكل خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"، قالوا "إن معنى "مشاحن": أهل البدع".

وتابع "برهامي": وذلك لأن أهل البدع أكثر مشاحنة لأهل السنة؛ لأن لديهم بغضاء فظيعة، فهم لم يلتزموا بما قال الله -عز وجل- في كتابه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10]؛ فأهل السنة تميزوا بسلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولمن تبعهم على منهجهم، وهؤلاء أعداء أهل السنة من الرافضة والخوارج أكثر الناس تكفيرًا للصحابة ومن تبعهم، بالإضافة إلى اجتناب الشحناء بين المسلمين بعضهم البعض، فتجد أخوين كلاهما صالحين، لكن بينهما شحناء.

وأوضح أن تلك الشحناء المعتادة بين الناس على أمور الدنيا؛ فإن كنا نريد إصلاح قلوبنا لتتأهل لما هو قادم من شهر رمضان فاستبقوا الخيرات، مؤكدا أن طريق المسارعة في الخيرات، لا يسابق على الدنيا، بل يسابق على المغفرة، قال تعالى: {سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: 21]، مشيرًا إلى أن للناس في طلب الدنيا منهجين يؤديان إلى مصيرهم، الأول: الذين آمنوا بالله ورسله، وخشعت قلوبهم لذكر الله، وما نزل من الحق، وجاهدوا في سبيل الله، هؤلاء هم الشهداء عند ربهم، لهم أجرهم ونورهم، والثاني: الذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم.

وأكد "برهامي" أن من أراد المغفرة في ليلة النصف من شعبان فعليه أن يتجنب الشرك ومظاهره، فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ اللَّهَ يطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفِرُ لجميعِ خلقِهِ إلا لمشرِكٍ أو مشاحنٍ" [رواه ابن ماجه، وصححه الألباني]، منوهًا بأن من ذلك ما يحدث من الغلو عند قبور الصالحين، ومنه ما يتداول الآن مثلًا حول اللاعب الذي يقولون "إن سبب توفيقه في لعب كرة القدم أنه يزور الحسين وينشر ذلك على مواقع التواصل، وطلب المدد من الأموات، وطلب قضاء الحاجات ودفع الكربات"، نسأل الله العافية، والبعض يقول "إن فيهم من صفات الربوبية أو حل بهم الرب أو اتحدوا بالاتحاد الخاص"، والبعض فجر وتمادى وقال بـ "الاتحاد العام".

وشدد على أن من أراد المغفرة لا يشرك بالله في قضية الولاء والبراء أيضا ولا يقول على الكفار "إنهم مسلمون"، فلا ينبغي أن يحدث هذا الخلط الفظيع في هذه المسائل التي هي أوثق عرى الإيمان، فعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ" [رواه الإمام أحمد، وحسنه الألباني]. فمن نقضها قد ينقضها بما هو شرك وقد ينقضها بما دون ذلك، لكن يكون ذريعة للشرك، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].

واستطرد "برهامي": وفي قضية الحكم بما أنزل الله أيضا المعركة الكبيرة بينا وبين الغرب الذين يقولون "أنتم كفار بالديمقراطية"، لكننا نقول: إن آليات الديمقراطية تبقى كوسائل سقفها شرع الله لا تخالفه ولا تحيد عنه؛ لأن اعتقاد أن الشريعة لا تلزمنا في هذا الزمان من الشرك، قال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 49-50]، متابعًا: وكذلك مَن ينظرون نظرة الاحتقار والازدراء والإبعاد لمن يريد شرع الله؛ فإن هذا كذلك من أسباب الشرك وذرائعه؛ أن تعادي من يطالب بالشريعة؛ لأن عندهم مرجعية دينية وهي مرجعية الشريعة مع أن الدستور ينص على ذلك!

وتعجب نائب رئيس الدعوة السلفية، من إصرار اليهود وحرصهم على عدم تغيير خريطة "إسرائيل" التي يزعمون أنها أرضهم وهي من النيل إلى الفرات، قائلًا: حتى بعد ذهاب السادات لهم وعمل المعاهدات ما زالوا مُصرين على نفس الخريطة ونفس العلم، متسائلًا "كيف يطالبوننا بتغيير معتقداتنا في أن اليهود "أعداء الله" في الوقت الذي يحافظ اليهود على معتقداتهم رغم المعاهدات المتكررة؟"، بل إنهم يحاولون تغيير اعتقاد المسلمين بالوسائل الناعمة من خلال التعليم والثقافة والوسائل الدينية، حتى لا نتذكر التاريخ؛ لإزالة الأيديولوجية والأمور الاعتقادية فيما يتعلق بهم، مؤكدًا أن اليهود يحاولون التلبيس على الناس في قضايا الإيمان والكفر، من خلال ادعاء أن اليهود والنصارى هم أهل الكتاب وليسوا كفارًا، بل لو استطاعوا إزالة الآيات والأحاديث -والعياذ بالله- التي تدل على كفرهم لفعلوا.

وقال الشيخ محمود عبد الحميد -خلال كلمته- إن التوبة تقع عامة وخاصة وهذه تقبل وهذه تقبل، فمن الممكن أن يتوب الإنسان من ذنب واحد وهو يعمل أكثر من ذنب كأن يتوب من الربا أو السرقة مع بقائه على ذنوب أخرى فتقبل توبته من ذلك الذنب. والآخر تاب من جميع الذنوب، وتسمى هذه التوبة العامة وتقبل أيضًا، مضيفًا: لو قلنا لا تقبل التوبة الخاصة، فإن الإنسان الذي كان سيتوب عن معصية لن يتوب عنها، وبالتالي ينتشر الشر والفساد.

وأوضح أن لصحة التوبة شروطًا، الأول: الإخلاص، وذلك بأن تكون التوبة لله؛ خوفًا منه ورجاءً لثوابه، فلو أن شخصًا أتى في آخر العمر وكان يتعاطى المخدرات والمسكرات، والأطباء قالوا له "أنت لو استمررت ستموت"، فانقطع عنها لا لله، ولكن لخشية الهلاك فهذا لم يتُب. والثاني: الندم والتأسف على ما مضى من الذنب. والثالث: الإقلاع عن الذنب الذي كان يفعله في الحال. والرابع: العزم على ألا يعود إليه مرة ثانية فيما يستقبل، فلو أن شخصًا أخذ من مال آخر وجحده، وبعدها قال أنا تبت إلى الله، وهو ما زال جاحدًا للمال فهذا ليس تائبًا، ولابد أن يؤدي المال إلى صاحبه؛ حتى يكون قد أقلع عن الذنب.

وأضاف "عبد الحميد": والخامس: أن تكون التوبة في زمن الإمكان، لا في زمان عام، فالزمان العام: الذي هو عام لكل الناس الذي هو قرب الساعة حين تطلع الشمس من مغربها، وكذلك الزمن الخاص، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ يَقبَلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغَرْغِرْ" [أخرجه الترمذي]؛ ولذلك لما تاب فرعون قال: {قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90]، لم يقبلها الله منه؛ لأنها في غير زمن الإمكان. والسادس: إذا كان الذنب بين العبد وبين العباد فلابد أن يؤدي الحقوق إلى أهلها.

وأشار عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية إلى أن فائدة النية والعزم الأكيد هو إعطاؤك أجرًا بلا عمل؛ لأنه ربما تكون نية العبد أبلغ من فعله، فإنه إذا عجز عن شيء من هذه العبادات وكان له عذر يأخذ أجر هذه العبادة كاملًا، ناصحًا بأنه لابد من استقبال رمضان بتوبة وعمل صالح، موضحًا أن فائدة الحصيلة من العمل الصالح أنها تدعو إلى توفيق الله -سبحانه وتعالى- للعبد، كما يقول بعض السلف "إذا رأيت الرجل على طاعة فاعلم أن له عندها أخوات"؛ فسبب ثباته على الطاعة وأن الله أظهرها عليه أن عنده طاعات أخرى. وقولهم: "وإذا رأيت الرجل على معصية فاعلم أن لها عنده أخوات"؛ فسبب فضيحته بها أن لها عنده أخوات!