حذروا من التبذير والإسراف.. دعاة يحضون على الإكثار من الصدقات والإطعام في رمضان

  • 35
الفتح - فضل الصدقة أرشيفية

يأتي شهر رمضان المبارك هذا العام في ظل ظروف اقتصادية صعبة تؤثر في الأسر الأولى بالرعاية ومحدودي الدخل؛ ما يتطلب تكاتف الأغنياء وميسوري الحال؛ لإدخال السرور على هذه الأسر من خلال الصدقات وإطعام الطعام في شهر الجود والكرم.

وقال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن الله شرع لنا في رمضان كثرة الصدقة، فقد روى البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلرسول الله أجودُ بالخير من الريح المرسَلة.

وأضاف نائب رئيس الدعوة السلفية: كما رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا"، وهذا يدل على استحباب إطعام الطعام، وتفطير الصوّام، مشيرًا إلى أن هذه أيام صارت فيها الطبقة المتوسطة فقيرة، والفقيرة صارت أشد فقرًا؛ فالعطاء في هذا الوقت له ثوابٌ عظيم؛ إذ سُئل النبي عن أفضل الصدقة فقال: "جهد المقل"، أي: الذي معه القليل ويجتهد، هذا أفضل عند الله، فقد سبق درهم مائة ألف درهم.

وأشار الداعية الإسلامي سعيد محمود إلى أن مِن أسباب معاناة كثير مِن المساكين والفقراء، ولاسيما في هذه الأزمة الاقتصادية الأخيرة، إمساك كثير مِن الأغنياء وشحهم، فإن كثيرًا مِن الأغنياء أمسك بخلًا وشحًّا، أمسك الزكاة الواجبة، والصدقات المستحبة؛ خشية الفقر، وصار يحسبها ويقول "الأسعار في غلاء، ولو أخرجتُ المال ربما يصيبني الفقر!"، ونحو ذلك، قائلًا: احذر أن تنعم وغيرك يعاني، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" [رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني]، وقال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ . وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 10-11].

وطالب الداعية الإسلامي بتضافر الجهود وتعاون الجميع من أجل تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية على النفوس، كما أنه لا بد مِن تضافر الجهود بيْن كل الأطراف، الحكام والدعاة والعلماء، والتجار والأغنياء؛ فإن ذلك مِن أعظم أبواب التعاون على البر والتقوى، متسائًلا "كم من فقراء يموتون من الجوع؟! وكم من مشاريع خيرية ودعوية وغيرها تعطلت؛ لعدم مَن ينفق عليها؟!"، قال تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ . لِيَوْمٍ عَظِيمٍ . يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 4-6]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ" [رواه الترمذي، وصححه الألباني].

ونصح الدكتور أحمد رشوان الداعية الإسلامي، الأغنياء بالتصدق على الفقراء، خاصة في هذا الوقت الذي لا يجد فيه كثير من الفقراء قوت يومهم وهناك من يصل به الفقر إلى الانتحار؛ لأنه لا يجد ما يسد به رمق أهله وأولاده، فلابد أن يكون هناك كرم وجود في شهر رمضان المبارك، مستشهدًا بقول الله تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92]، مؤكدًا أن النفقة خلة وشفاعة، ولابد على الإنسان أن يضاد بخل النفس في مسألة الإنفاق؛ لأن من يبخل يبخل في الحقيقة على نفسه، كما قال تعالى: {وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد: 38]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ" [رواه مسلم].

وحذر الداعية الإسلامي من حرمة التبذير والإسراف في الطعام والشراب في شهر رمضان وإعداد أطعمة بكثرة لا تؤكل والتخلص منها بطرق غير سليمة، قال تعالى: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} [الإسراء: 29]، وقال تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26-27]، مشددًا على أن الله تعالى شبّه المسرفين بالشياطين تنفيرًا من فعلهم، متسائلًا "فمن يحب أن يتصف بهذا التشبيه؟"، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ" [متفق عليه]، ناصحًا بتفقد أحوال الجيران؛ فقد يقوم البعض برمي الطعام ولهم جيران لا يجدون ما يأكلونه.