الدعوة السلفية تواصل دورها في إصلاح ذات البين لحقن الدماء والحفاظ على التماسك المجتمعي

  • 83
الفتح - جانب من جلسات الصلح للدعوة السلفية في حوادث القتل

"الهواري": نحرص على أمن المجتمع واستقراره.. و"مخيون": التحاكم للشريعة واجب ومن مقتضيات الإيمان

أمين الدعوة السلفية: الجميع يطلب منا التدخل لحل النزاعات حتى شركاء الوطن من النصارى

تواصل الدعوة السلفية بمصر جهودها لإبقاء التماسك المجتمعي والمحافظة على نسيج المجتمع الواحد من أن تمزقه النزاعات وتدمره الفرقة والشتات، وذلك عبر الصلح بين العائلات في العديد من الملمات وعلى رأسها حوادث القتل؛ إذ نجحت مؤخرًا في الإصلاح بين الكثير من العائلات وحل الكثير من النزاعات في عدد من المحافظات.

ومن ذلك الصلح بين عائلتي "أبو بلوزة" من قبيلة الشتور، و"براني" من قبيلة العجارمة بمطروح، وأنهت النزاع الذي أدى إلى مقتل اثنين من القبيلتين، وكذلك عائلتي "والي" و"سويدان" بالبحيرة، وأنهت النزاع في قضية قتل بين العائلتين، وتم تسليم الدية وإيقاع القسامة من 50 رجلًا من عائلة "سويدان".

وأكد شريف الهواري، الأمين العام للدعوة السلفية، أن الدعوة صمام أمان للمجتمع؛ إذ تحرص على سلامة الأسر والأرحام والجوار، وتؤدي دورها للحفاظ على المجتمع وأمنه واستقراره، مشيرًا إلى أن دور الدعوة يشمل جميع النواحي، وخصوصا في الإصلاح بين الناس؛ فهي تعمل بقوة وتبادر بمجرد علمها بأي نزاع، وذلك من منطلق المسئولية الشرعية لحقن الدماء ومنع الفرقة فهذا كله شر، والحمد لله رب العالمين وجدت الدعوة قبولًا عظيمًا في هذا الباب من عوام الناس؛ لأن أبناء الدعوة يقومون بهذا العمل ابتغاء مرضاة الله عز وجل ولا يتلقون مالًا عليه ولا يأكلون ولا يشربون في مثل هذه الأمور.

وأضاف "الهواري" -في تصريحات خاصة لـ "الفتح"-: الحمد لله لنجاح هذه التجربة الفريدة من الدعوة السلفية الآن تعرض عليها مشكلات للإصلاح في جميع المجالات من القتل العمد، وشبه العمد، مثل: المشاجرات، والقتل الخطأ، مثل حوادث السيارات، بالإضافة إلى النزاعات على المشاجرات العادية، والخلافات الزوجية، وقضايا أبناء الرحم الواحد، حتى شركاء الوطن من النصارى يطلبون منا التدخل للصلح في فض النزاع والخلافات فيما بينهم أو فيما بينهم وبين المسلمين.

وتابع: ننصح إخواننا في كل مكان أن يحرصوا على تشكيل لجنة لإصلاح ذات البين على أن يكون فيها أحد أهل العلم؛ لاستخراج الأحكام من الأدلة الشرعية، مع وجود بعض الوجهاء من أهل الخير والصلاح من أصحاب الأيادي النظيفة بعيدًا عمن ينتفعون بأخذ الأموال من الناس؛ حتى لا نُلجئ الناس إلى أمثال هؤلاء الذين قد يظلمون من أجل المال فتضيع الحقوق، وذلك مع الرجوع لأهل الخبرة في أي مجال يحتاجون إليه سواء أهل الطب أو أهل التجارة أو غيرهما، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون؛ وبذلك بإذن الله تقل المشاكل ونقضي عليها أولًا بأول ونحافظ على وحدة المجتمع وعلى نسيجه.

وأوضح الأمين العام للدعوة السلفية، أن هذا الأمر يحتاج إلى طلب علم شرعي، وبذل في تربية النفس على إخلاص العمل لله، قال تعالى: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبرُكم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟" قالوا: بلى، قال: "إصلاحُ ذاتِ البينِ" [رواه أبو داود، وصححه الألباني]، متابعًا: فطوبى لعبدٍ جعله الله مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، و"طوبى": شجرة في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها يخرج من أكمامها ثياب أهل الجنة من السندس والإستبرق والحرير.

وقال الدكتور يونس مخيون، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، إن الإصلاح بين الناس بتحكيم شرع الله عز وجل هو من الفروض الكفائية، خاصة في المسائل التي تتعلق بالقتل وهي مسائل شائكة وحساسة وتؤدي إلى إفساد العلاقات بين العائلات والقبائل ونشر الفساد في المجتمع. مؤكدًا أن من ميزة جلسات الصلح تطبيق شرع الله عز وجل وتعريف الناس بأحكام الله وأن هناك شريعة إسلامية وأنها خير كلها، كما أنها تكون سريعة وناجزة، وتؤدي بحمد الله في النهاية إلى الصلح وإزالة الشحناء والبغضاء بين المسلمين.

ونصح "مخيون" -في تصريحات خاصة لـ "الفتح"- المسلمين عند نشوب أي خلاف بينهما أن يتحاكموا إلى الشريعة باللجوء إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، مؤكدًا أن هذا أمر واجب ومن مقتضيات الإيمان سواء كان الأمر كبيرًا أو صغيرًا، والله عز وجل يقول: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، ويقول: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، مشددًا على أنه لا يجوز التحاكم إلى غير شريعة الله في أي نزاع ينشب بين المسلمين.

كما حض عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، المسلمين على ضرورة السعي لطلب العلم الشرعي ومعرفة أحكام الله عز وجل؛ لأن من أهم أسباب انتشار الجرائم والنزاعات الجهل وقلة العلم، قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: 17]، وقال العلماء: "كل من عصى الله فهو جاهل"، ولا شك أن للعلم دورًا كبيرًا في الحد من المشاكل والنزاعات بين المسلمين، كما أنه يُعلّم الناس الأخلاق الإسلامية، والانضباط في السلوك؛ ولذلك من الأمور الجوهرية التي تهتم بها الدعوة السلفية نشر العلم بين الناس، وخاصة تعريف الناس بالله سبحانه وتعالى، والخوف منه وخشيته، والعمل للآخرة، وتقوية الجانب الإيماني؛ فرأس العلم هو خشية الله، مؤكدًا أنه إذا غرسنا في نفوس الناس الخوف من الله وخشيته ومراقبته تبارك وتعالى سيكون لذلك دور كبير جدًا في تقليل الشرور والجرائم والنزاعات في المجتمع.