المسلسلات تتفنن في إهدار أوقات رمضان الثمينة

دعاة: سبل شيطانية لإغواء المسلمين.. وينبغي الانتباه لمواسم الطاعات

  • 26
الفتح - مخاطر التلفاز أرشيفية

رمضان شهر القرآن، ينتظره المسلمون كل عام للتقرب إلى الله بالطاعات؛ رغبة في الغفران والعتق من النيران، إلا أن ما تسمى بالدراما الرمضانية تتفنن في فتنهم وتضييع أوقاتهم ليس فقط فيما لا يفيد، بل فيما يعرضهم لعقاب الله وسخطه؛ إذ إنهم موقوفون بين يدي الله ومسئولون عن أعمارهم فيما انقضت.

ولخطورة تلك الدراما على المجتمع المسلم، تواصلت "الفتح" مع عدد من الدعاة لبيان هذه المخاطر، وللإجابة عن سؤال "كيف نجعل رمضان شاهدًا لنا لا علينا؟".

وحذر عادل نصر، المتحدث باسم الدعوة السلفية، مما يروج له شياطين الإنس من عرض المسلسلات التي تُضيع أجر الصائم، ناصحًا باستغلال هذه الأوقات النفيسة في التقرب إلى الله، لاسيما في العشر الأخيرة التي فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ومن أصابها غفر ما تقدم من ذنبه؛ لعل الله -عز وجل- يعتق رقابنا من النيران، مشددًا على أنه ينبغي على العبد أن يتفطن إلى أن الصيام إنما يؤتي ثمرته بالوصول إلى تقوى الله -عز وجل- إذا وعى العبد حقيقته وعلم أنه ليس مجرد ترك للطعام والشراب والجماع، وإنما قبل ذلك ترك لما حرم الله.

وقال الدكتور محمد القاضي، أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج: كنا نقول قديمًا "الناس على دين ملوكهم"، وفي هذا الزمن صار "الناس على دين إعلامهم"؛ فمن يملك الصوت الأعلى والإعلام الأضخم يحرك الناس كما يحب، مؤكدًا أن هذا ما تقوم به الدراما العربية كلها؛ إذ هي أداة في يد أعداء الأمة وأذيالهم؛ لبث ما يُخرب العقائد ويُفسد الدين ويُلوث الأخلاق ويُضلل الأفكار في صورة جاذبة للناس آخذة باللب مدروسة بدقة لتؤثر في النفوس وبطرق مختلفة تناسب كل الأذواق لتقضي على البقية الباقية من الدين والأخلاق وتنشر الرذائل والفواحش وتحبب الناس فيها وتيسر المنكرات على الناشئة والشباب، بل والناس جميعا.

وأوضح الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، أن هذه الأمور التي تقوم بها هذه الدراما تشتد في مواسم الطاعات، وخصوصًا في رمضان، ليضيع وقته الثمين وساعاته النفيسة فيما يجلب سخط الله مع خسارة الشرف والمضاعفة للأعمال والتي لا توجد في سواه،‏ والذي قال فيه ابن الجوزي -رحمه الله- "لو ​قيل ​لأهل ​القبور ​تمنوا؛ ​لتمنوا ​يومًا ​من ​رمضان"، مشددًا على أن المؤمن العاقل هو الذي يعرف عدوه ويدري قيمة الزمن فله ثمن من أعظم الثمن؛ لأن ثمنه هو عمر الإنسان وأيام حياته، فينتبه لهذه الأيام المباركات ويستغل كل ثانية وليس دقيقة في عمل صالح يقربه من ربه وينجيه في آخرته، أو ينفعه في عاجله ويصلح دنياه، ولا يهدره فيما لا فائدة منه ولا منفعه، بل عاقبته خزي وندم، والعجب من العاقل الذي لا ينتبه لهذا الأمر المهم، يقول سري السقطي "عجبت ممن ينشد ضالته، وقد أضل نفسه، وممن يشفق على نفاد ديناره ودرهمه، ولا يشفق على نفاد عمره!".

وأكد الدكتور أحمد رشوان، الداعية الإسلامي، أن ما يحدث في رمضان مصداق قول الله -عز وجل-: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 27-28]؛ فالدراما الرمضانية كلها تصور المجتمع على أنه كله فساد وسرقة وزنا، حتى عندما قاموا بعمل شيء فيه رائحة تاريخ تناولوا دولة "الحشاشين" المعروف أنها عقديًا فاسدة جدًا من نسل الطائفة الإسماعيلية، ومعروف أنهم يؤلهون الحاكم ونحن رأينا آثارهم في مصر في الدولة الفاطمية التي تشبههم في الاعتقاد، فتناولوها على أن فيها "ما وراء طبيعة"، فهم حتى تاريخيًا تناولوها بشكل خاطئ، مشددًا على أنهم يخدعون الناس بمثل هذه المسلسلات بأنها هادفة، متسائلًا "ما بالنا بغير ذلك من المسلسلات التي تروج لجرائم كالسرقة والزنا؟ وإلى أي شيء يريدون أن يتجهوا بالمجتمع؟".

وأشار الداعية الإسلامي إلى أننا في شهر عبادات وليس هناك شيء يسمى مسلسلات رمضان أو برامج رمضانية، بل يوجد عند المسلم ما يسمى قرآن رمضان وقيام رمضان وصيام رمضان ودعاء رمضان وتصدق رمضان؛ فهذا الذي نعلمه من سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، منوهًا بأنهم ينسبونها إلى الشهر الكريم حتى يخدعوا الناس، ولكنها في الحقيقة سبل الشيطان لإغواء الناس في رمضان؛ فاحذروا أن تسيروا في طريق "خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له"، ولابد علينا جميعًا أن نسعى لتحقيق قول الله عز وجل: "لعلكم تتقون"، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "غفر له ما تقدم من ذنبه"؛ فالغاية من الصيام تحقيق التقوى ومغفرة الذنوب، وليس التهافت على مثل هذه الملهيات التي تضر الإنسان في دينه ودنياه.