متخصصون يحذرون من دراما رمضان .. خطر داهم يفسد عقيدة المسلم وأخلاقه

  • 40
الفتح - أرشيفية

متحدث الدعوة السلفية: الإمام الشافعي من أعظم أئمة الإسلام.. وتشويهه يخدم أجندات معادية للأمة


في أجواء إيمانية يواصل المسلمون في شتى بقاع الأرض إحياء شهر رمضان بالعبادة والتدبر وغير ذلك من أعمال صالحة، ليعتق الله رقابهم من النار، وليكون رمضان فرصة للتوبة الصادقة، ومغفرة الذنوب، يتسابق أصحاب الحملات المغرضة من صناع الدراما لبثّ سمومهم في شهر رمضان الكريم، وإفساد عقول الملايين من المسلمين، وتزييف الحقائق، وتبديل العقائد من خلال مجموعة من المسلسلات والبرامج الرمضانية، التي تسيئ لمجتمعاتنا العربية والإسلامية، ومن أبرز هذه الأعمال الدرامية المسلسل الذي يناقش حياة الإمام الشافعي رحمه الله، وهو مسلسل مليء بالأخطاء العلمية والتاريخية والعقدية.

وغرّد الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بتغريدات عديدة لانتقاد هذا المسلسل، وما ورد فيه من مغالطات بحقّ الإمام الشافعي رحمه الله، ومن أبرزها ظهور الشافعي في دور المتعلّم من رهبان النصارى، مما يضيع عقيدة الولاء والبراء وغيرها من العقائد الصحيحة التي حافظ عليها الشافعي طيلة حياته.

من جانبه يقول الشيخ عادل نصر، المتحدث باسم الدعوة السلفية، إن ما تقوم به الدراما في مجتمعاتنا عامة، وفي شهر رمضان خاصة، هو دور هادم وكارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث يسعى القائمون عليها بكل قوة إلى هدم قيم الأمة الدينية والأخلاقية على السواء، وخير مثال على ذلك ما يحدث في المسلسل الذي يذاع الآن عن الإمام الشافعي رحمه الله، بدلا من إبراز جوانب العظمة في حياة الإمام الشافعي وشخصه، وما أكثرها، إذا بهم يفترون الكذب، ويعرضون مشاهد لا تمت للحقيقة ولا إلى الإمام الشافعي بصلة، كزعمهم أن الإمام كان يتواصل مع الرهبان ليتعلم منهم، وهذا محض كذب وافتراء.

وتساءل نصر في تصريح لـ "الفتح"، كيف يصح هذا؟، والإمام رحمه الله من أعظم أئمة الإسلام وأشدهم حرصًا على اتباع نصوص الوحيين، كتابًا وسنة، ونبذ ما خالفهما، وكتبه وآثاره العلمية شاهدة على ذلك، شاهدة على التمسك بما أنزل الله، وعلى إحياء الدين كما ورد على لسان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وعلى التمسك بالعقيدة الصحيحة، والولاء والبراء، وعدم مشابهة المشركين، والاكتفاء بما أنزل الله عملًا بقول الله "اتبعوا ما أنزل إليكم" والبراءة من كل ما يخالف دين الله سبحانه وتعالى، ولكن للأسف فإن القائمين على هذه الدراما يخدّمون على أجندات معادية تسعى لهدم ثوابت الأمة العقدية، وتذويب الفوارق بينها وبين أمم لا خلاق لها، تبديلا للدين، وتشويها للرموز، وسعيا في نشر ما يتكتل العالم وراءه الآن، بما يسمى الدين الإبراهيمي تارة، وكذبوا، فقد قال الله: "ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا"، وقال سبحانه: "إن الدين عند الله الإسلام"، وما يسمى تارة أخرى بوحدة الأديان وزمالة الأديان، وغيرها من دعوات هدامة مصادمة لدين الله عز وجل، وباطلة شكلًا وموضوعًا.

وتابع: لذلك أهيب بالقائمين على الأمر أن يمنعوا فورًا هذه الدراما، حرصًا على هوية الأمة وثوابتها، وإعمالا لمرجعية الشريعة في الدستور، كما أنني أهيب بالأمة مقاطعة هذه المسلسلات المليئة بالكذب المفضوح، والتلفيق الصريح، وأن يحذروا مما يعرض ويدسّ فيها، مما يراد به هدم ثوابتنا وتبديل عقائدنا وغير ذلك مما يسعى إليه من تربوا على موائد أعداء الأمة، سائلًا الله أن يقي أمتنا كيد الكائدين، وأن يحفظ علينا ديننا وقيمنا، اللهم آمين.

وفي نفس الصدد، يقول الدكتور زين العابدين كامل، الأكاديمي المتخصص في التاريخ الإسلامي، لا شك أن شهر رمضان المبارك يتميز عن شهور بقية العام ببعض الفضائل من الناحية الدينية والروحية، وذلك لكونه شهر الصيام والقيام والقرآن، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، فيتقرب فيه المسلمون إلى ربهم بعد عام من اللهو والانشغال والبعد عن بعض العبادات التي ربما يتكاسل عنها كثير من المسلمين طوال العام، كالصيام وقراءة القرآن وقيام الليل، وقد خصه الله تعالى بليلة القدر المباركة.

وأضاف كامل لـ "الفتح" أنه وللأسف الشديد صار في السنوات الأخيرة من أهم الشهور من الناحية الترفيهية، وهذا بالنسبة لشركات الإنتاج الفني وأكثر القنوات الفضائية التي تتسابق على كسب أكبر فئة من المشاهدين بهدف التربح المادي، وهي تقدم من أجل ذلك بعض الأعمال الهابطة؛ ويتجاهلون من أجل ذلك حرمة شهر رمضان المبارك، مما يؤثر على كثير من طبقات المجتمع، لاسيما النساء والشباب، علمًا بأن نسبة الشباب تقرب من 60% من تعداد السكان، وهي نسبة كبيرة مهددة بالضياع في ظل اتجاه الدراما إلى العنف والتمييز، واستخدام الألفاظ الخارجة، والإباحية والمشاهد المسيئة، بل وتدعو الدراما إلى طمس الهوية، ولذا فإن مخاطر الدراما تفوق مخاطر المخدرات، حيث إنها تؤدي إلى زيادة نسبة العنف وتعدد أشكال الجريمة وارتفاع نسب الطلاق، وزيادة معدلات الخيانة الزوجية، وغير ذلك من السلبيات.

وأكد: لذا فأنا أنصح عامة المسلمين أن يعتزلوا مشاهدة الأعمال الدرامية من المسلسلات وغيرها خلال شهر رمضان المبارك، وأن يحددوا أهدافهم وأن يسعوا إلى تحقيقها خلال شهر رمضان، الهدف الأول: "تحصيل التقوى": فهي الغاية الكبرى والهدف الأسمى مِن مشروعية الصوم، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)، والتقوى هي: "أن تعمل بطاعة الله على نورٍ مِن الله، ترجو ثواب الله، وأن تجتنب معصية الله على نورٍ مِن الله تخاف عقاب الله". وقيل هي: "الخوف مِن الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل".

وتابع: الهدف الثاني: "الفوز بالمغفرة": قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، وقال: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، وقال أيضًا: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، وأما الهدف الثالث: "الفوز بالعتق مِن النيران": قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) (رواه الترمذي والنسائي، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ) (رواه أحمد وابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح)، والهدف الرابع: "التخلص مِن الأقوال والأفعال والعادات السيئة": عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دعائه: (اللَّهُمَّ اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ، فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ) (رواه مسلم).

وفي نفس السياق، انتقد الدكتور محمد جاد الزغبي، عضو اتحاد كتاب مصر، الفساد الأخلاقي والديني الذي يظهر في دراما شهر رمضان، مضيفًا: لو أردنا أن نصف الدراما المصرية في آخر عشرين عامًا بوصف جامع فليس هناك وصف مناسب إلا أنها أصبحت (دراما اللامعقول)!، حيث تجاوزت الدراما جميع القواعد الدينية والأخلاقية.

وأوضح الزغبي لـ "الفتح"، أنه لا يتحدث عن مجمل أوضاع الإنتاج الدرامي والسينمائي، بل تعالوا نحاكمه بأدوات الدراما نفسها وقواعد المجال نفسه، ففي العهد القريب عندما قررت الدولة المصرية، استخدام الإعلام الإذاعي والتلفزيوني بشكل جاد ليكون دفعة معنوية لإذكاء الحركة الوطنية، تم تكليف البعض بتطوير العمل الإعلامي المصري، ومن ثمّ تأسست إثر ذلك إذاعة الشرق الأوسط وإذاعة القرآن الكريم، وها نحن نرى أثر إذاعة القرآن الكريم إلى يومنا هذا في الأجيال والشباب وغيرهم، وإن كان هناك بعض التحفظات بلا شك، لأنه عمل إنساني تشوبه الشوائب.

وتابع،: إننا مع بداية القرن الجديد فوجئنا بظهور القطاع الخاص بشكل أكثر توسعًا في الإنتاج الدرامي، وبالتالي انسحب البساط نهائيًا من إنتاج الدولة المصرية في جانب الدراما التاريخية وغيرها، لتحل محله الدراما السورية والتركية والمصرية الخاصة، التي بلغت أقصي انتشارها وشهرتها بسبب الأعمال التاريخية تحديدا.

وحذر الزغبي من مشاهدة الأعمال الدرامية الحالية، مضيفًا: هذه الأعمال تذهب بدين الإنسان وعقله وأخلاقه، لا سيما وأننا نرى الأخطاء التاريخية والدينية بأعيننا، وما مسلسل الشافعي عنا ببعيد، وهو مسلسل مليء بهذه الأخطاء، ومن أبرزها ضياع عقيدة الرجل في الظاهر، وعدم إتقانه لقراءة القرآن الكريم، وعدم تمسكه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، بالإضافة إلى لجوئه للسحرة والرهبان، وهو ما كان الشافعي رحمه الله يحذر منه طيلة حياته، مما يؤكد ضلال هذه الدراما، وفسادها.