عاجل

الإسراء والمعراج في ميزان الشرع.. داعية إسلامي يفصل الحكم الشرعي بشأن الاحتفال بها

  • 47
الفتح - رحلة الإسراء والمعراج

انتشرت في الآونة الأخيرة منشورات وفتاوى بل وتصميمات تهاني برحلة الإسراء والمعراج، وأحاديث حول فضائل العبادة في يوم وليلة الإسراء والمعراج منها أحاديث ضعيفة وأخرى مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل للإسراء والمعراج فضل؟ وهل العبادة فيها لها أجر مضاعف؟.


تاريخ حادثة الإسراء والمعراج

قال الداعية الإسلامي سعيد محمود: كانت حادثة الإسراء والمعراج بعد السَّنة العاشرة مِن البعثة أو في زمنٍ متأخرٍ مِن المرحلة المكية، مستشهدا بقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "لم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها، بل النقول منقطعة مختلفة، ليس فيها ما يقطع به" كما جاء في زاد المعاد، مشيرًا إلى أن الحادثة مكافأة ربانية على ما لاقاه الحبيب -صلى الله عليه وسلم- مِن آلام وأحزان "بعد تكذيب أكثر مِن عشر سنين - بعد حصار جائر دام ثلاث سنوات في شعب أبي طالب - بعد فقد الحميم بوفاة أبي طالب، والوزير والمعين بوفاة خديجة رضي الله عنها - بعد خيبة الأمل في ثقيف وما ناله مِن سفهائها".

حِكَم من حادثة الإسراء والمعراج 

 أشار سعيد محمود إلى بعض الحكم من الإسراء والمعراج، ومنها: رؤية الرسل الآيات العظام على قدرة الله تملأ قلوبهم ثقة وتوكلًا إذا واجهوا المكذبين إذ قال -تعالى-: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (النجم:18)، وقال في إبراهيم -عليه السلام-: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (الأنعام:75)، وقال في موسى -عليه السلام-: (قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى . فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى . قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى . وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى . لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى) (طه:19-23)، موضحًا أن من حكمة الإسراء والمعراج انتقال القيادة الروحية إلى أمة الخيرية، وذكرت حادثة الإسراء في سورة الإسراء في آية واحدة، ثم ركزت الآيات على جرائم بني إسرائيل، إشارة إلى أن اليهود الذين ملأوا الأرض بالغدر والخيانة والإثم والعدوان سيعزلون عن قيادة الأمة الإنسانية ، وأن الله سينقل هذا المركز إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وأمته: قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة:143).

شريعة الإسلام مهيمنة على كل الشرائع

أوضح "محمود" أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أصبح إمام القبلتين، وسيد العالمين، وشريعته مهيمنة على كل الشرائع؛ فعلى أتباع الأنبياء السابقين أن يتابعوا هذا النبي كما فعل أنبياؤهم: "صلاته -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء خلفه في بيت المقدس"، مشيرًا إلى أن يهود العصر يحاولون إعادة تاريخهم فليحذر المسلمون بعد حرب 48 ودخول اليهود إلى القدس وقف زعيمهم بن جوريون بالقرب مِن المسجد الأقصى يخطب في جنوده قائلًا: "لقد استولينا على القدس، ونحن في طريقنا إلى يثرب!".

ضرورة تحرير المسجد الأقصي 

 أوضح "محمود" أن ارتباط الأقصى بالمسجد الأعظم عند المسلمين: قال -تعالى-: (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (الإسراء:1)، الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين: عن أبي ذر -رضي الله عنه- : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: (المَسْجِدُ الحَرَامُ) قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (المَسْجِدُ الأَقْصَى). قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ سَنَةً) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى) (متفق عليه).

وأكد أنه على المسلمين أن يعملوا على تحريره مِن أيدي الكفر الغاصبة كما فعل أسلافهم: "النبي يمهد بمعركة تبوك وبعث أسامة - أبو بكر يكمل المسير ويسير أربعة جيوش - عمر بن الخطاب يحرره سنة 16 هجرية - ولما عاد الصليبيون واحتلوه نحو قرن، قام المسلمون بقيادة صلاح الدين بتحريره؛ فمَن لليهود الذين احتلوه بعد سقوط الخلافة العثمانية؟!".

بدعة الاحتفال بالإسراء والمعراج 

حذر الداعية الإسلامي سعيد محمود مِن بدعة الاحتفال بالإسراء والمعراج حيث أن الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج في شهر رجب، مردود مِن وجهين:

الأول: أنه لم يثبت شيء في تعيين السَّنة والشهر؛ فكيف باليوم؟!

الثاني: لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه -رضي الله عنهم- ولا عن التابعين -رضي الله عنهم- أنهم احتفلوا بذلك، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ) (متفق عليه).

وأكد الداعية الإسلامي على وجوب التحذير مِن شر البدعة، وبيان أن صاحب البدعة أشر مِن صاحب المعصية؛ لأن الثاني يعلم أنه عاصٍ، والأول يظن أنه متعبد: روي عن كثيرٍ مِن السلف: "البدعة أحب إلى الشيطان مِن المعصية!"، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم" (أخرجه الدارمي في سننه).