الحامل والمرضع إذا أفطرتا هل تجزئ الفدية أم يلزم القضاء؟.. تعرف على الحكم الشرعي

  • 38
الفتح - فتاوى

سائل يسأل: امرأة فاتها صيام شهر رمضان نتيجة الحمل والولادة هل لها كفارة؟

وأجاب عن هذا السؤال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، -في فتوى له عبر موقع "صوت السلف"- قائلاً: فالمرأة إذا كان فطرها بسبب الحمل والولادة فعليها فدية، ويمكنها أن تطعم مكان كل يوم مسكينًا (700 جم أرز).


إلا إن أفطرت بسبب النفاس -وكذلك الحيض- فإنها تقضي إجماعا.


وعن الحامل والمرضع جاءت عدة أسئلة:

في رمضان الماضي زوجتي كانت حاملاً في شهرها الخامس فأفطرت رمضان كله وأطعمت 30 مسكينًا، وهي الآن ترضع ولا تستطيع القضاء قبل حلول رمضان المقبل؛ لأنها جربت وصامت يومًا فقلَّ لبنها جدًّا علمًا بأن الطفلة عمرها 6 أشهر، ولا تزال تعتمد على لبن أمها ولم تطعم الطعام، فما الحل؟ وماذا تفعل في رمضان المقبل؟

وأجاب "برهامي": فيجوز للمرضع الفدية كالحامل، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) (البقرة:184)، قَالَ: كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، ثُمَّ نُسِخَتْ وَأُثْبِتَ أَنَّهُمَا إِذَا لَمْ يُطِيقَا الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا، وَكان ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى: أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لا تُطِيقُهُ فَعَلَيْكِ الْفِدَاءُ، ولاَ قَضَاءَ عَلَيْكِ" (رواه البيهقي والبزار، وصححه الألباني).

وعن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: "تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ" (أخرجه الشافعي ومن طريقه البيهقي، ورواه مالك بلاغًا).

وفي الحديث: (إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلاةِ، وَعَنِ الحَامِلِ أَوِ المُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ) (رواه أحمد والترمذي والنسائي، وحسنه الألباني).

وعما إذا أفطرت بسبب الحمل ثم توفيت فهل يجزئ الإطعام عنها أم يلزم القضاء؟


أختي كانت حاملاً في شهر رمضان الماضي، فنصحها الطبيب بأن تفطر حتى لا تضر بنفسها وجنينها، فأفطرت خمسة عشر يومًا، ثم وضعت بعد عيد الفطر مباشرة، ثم توفيت بعد الوضع بأسبوع فماذا عليها؟ هل علينا القضاء عنها أم تجزئ الكفارة فقط؟

وأجاب "برهامي": فعليكم أن تخرجوا من تركتها عن كل يوم أفطرته إطعام مسكين (ربع صاع 700 جم أرز)؛ لقوله -تعالى-: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) (البقرة:184)، وللحديث: (إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلاةِ، وَعَنِ الحَامِلِ أَوِ المُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ) [رواه أحمد والترمذي والنسائي، وحسنه الألباني].


وحول فطر الحامل والمرضع، وردت بعض الأسئلة:

 الأصل أن الحامل والمرضع بمنزلة المريض والمسافر فيجب عليهما بحكم الشرع القضاء لا الفدية، وليس الحامل والمرضع بمنزلة الشيخ الكبير العاجز عن الصيام. فأين الدليل في الشرع على أنهما لا تصومان فالمسافر وضع عنه الصوم فيفطر ويقضي وكذا القياس الصحيح في الحبلى التي وضع عنها الصوم فتفطر وتقضي أيضًا؟

وأجاب "برهامي": الاستدلال هو بالآية: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:184). قال ابن عباس: "ليست بمنسوخة".



كيف نجعل أقوال بعض الصحابة مقدمة على الأدلة العامة للكتاب والسنة القاضية بلزوم العبادة على كل المسلمين -ومنهم الحامل والمرضع- ولا يصح تخصيص هذه الأدلة بهذه الأقوال المخالفة لأدلة الشرع -وإن كانت عن الصحابة الكرام-؛ فكيف وأكثر العلماء على خلاف ذلك؟ ومع ذلك فقد ورد عن ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما- تقييد ذلك الفطر بالمشقة والخوف فيكون هذا الإطلاق مرادًا به: سواء خافت على نفسها أو على ولدها لا غير.

وأجاب "برهامي": لا نجعل أقوال الصحابة مقدمة على الكتاب والسنة، بل هي مفسرة للكتاب والسنة، ثم القياس على المريض فيه نظر، بل هما داخلتان في عموم الآية: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ).

وكان ابن عباس يقوم لأم ولد له حبلى: "أنتِ بمنزلة الذي لا يطيقه فعليك الفداء ولا قضاء عليك" (أخرجه الطبري والدارقطني وصححه، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم).

وعن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: "تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينًا مدًا من حنطة" (أخرجه الشافعي ومن طريقه البيهقي ورواه مالك بلاغًا).

وفي الحديث: (إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلاةِ، وَعَنِ الحَامِلِ أَوِ المُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ) (رواه أحمد والترمذي والنسائي، وحسنه الألباني).