عاجل

أشواك على طريق الورد "7" .. سلسلة

  • 634
أرشيفية


لم يقف الأمر عند ذلك فحسب، بل كانت تطلب مني المديرة بعض الكتب في حرمة الغناء أو عن الحجاب، وكنت أحيانا أزودها بالشرائط، فتجرأت مرة واقترحت عليها أن نقيم مكتبة في الدار تحوي شرائط وكتب تفيد البنات، يقرأ منها الجميع، لتعم الفائدة، الغريب أنها رحبت جدًا بالفكرة ووافقت، فقد حدثتها محفظتي أنها لابد أن تكثر من الحسنات والصدقات؛ ليغفر الله لها ما فات.

طبعًا الشرائط عندي مصفوفة في غرفتي، والكتب ما أكثرها، الآن لن أسمع وحدي، ولن أقرأ وحدي، فقد أتى دور جديد، أقمت مكتبة رائعة من كتب وشرائط تحت رعاية المشرفين والمديرة، وكان الجميع يستعير منها، يسمع ويعيدها، وكل من لديه شرائط أو كتب كان يتبرع بها للمكتبة.
كنت أتمنى أن يكون هذا عملي فقط دون أشياء مزعجة تنغص عليّ متعتي، أصحابى تعلقوا بمحفظتي، وانجذبوا لسماع الشرائط، منهن استجابت سريعًا، ومنهن اكتفت بحفظ القرآن، وعادت الأمور أفضل بكثير مما كانت، والدي كان يتابع مع المديرة كل فترة، وتحسن الوضع كثيرًا بعد تغيرها، فوالدي يتأثر جدًا بكلام المحيطين، والأمر لا يخلو طبعًا من المناوشات معه؛ بسبب رغبتي في ارتداء النقاب، ورفضي لحضور حفلات الأقارب، وعدم رغبتي في مشاهدة المسلسلات معهم، وأشياء كثيرة بالتأكيد تعلمونها.
توفيت مديرة الدار( مدام ص)، في نفس العام الذي تخرجت فيه، وقد زرتها قبل وفاتها بقليل، وكانت تطلب مني الدعاء، وألا أنساها، توفيت تاركة أثرًا وبصمة جميلة في حياتي وعند أصحابي، لا أذكرها إلا بخير، اللهم ارفعها درجات واغفر لها وارحمها، وهذه نهاية قصتي.
أخواتي لم أعانِ في التزامي بقدر ما عانى آخرون غيري، الله يعلمهم، فقد قابلني في المسجد أمثلة للمعاناة لا أنساها، منهن من كانت عارضة أزياء، صورها على غلاف المجلات، لا أراها إلا باكية حزينة ندمًا.
ومنهن من كانت تمثل في مسرحيات ماجنة، كانت معروفة في ذلك الوقت، تعاني من مطاردات أهل الفسق وبيئة غير صالحة للالتزام في بيتها، تتمنى أن تكون خادمة في بيت الله على أن تعود بيتها، ومنهن من كانت تُضرب، ومنهن من كانت تُزوج غصبًا اعتراضًا، فلا تظنوا بي الظنون، وخذوا العبرة من تدابير الله للأمور، فقد أراد الله فرجًا بعد شدة، فصبر جميل، وأسال الله أن يجعلنا على الطريق المستقيم.
هذا الطريق الذي أسميته في قصتي "طريق الورد"، لن ترى عينيك فيه إلا خيرًا وجمالًا، ولكن فاعلم أن تحت قدميك قد تقابل أشواك تؤلمك، تدميك، فتقف باكيًا أحيانا، متعسرًا كثيرًا، ولكن عينيك تخبر قلبك ألا تعود للوراء، عينيك تخبر عقلك سيذهب الألم فلتتقدم، ليس بقوة منك ولا بجهدك تواصل السير، ولكن الله –عزوجل- يجعلك تبصر النور على الطريق، ويلقي السكينة في قلبك كلما أنهكتك الأشواك.
أسال الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يردنا إليه ردًا جميلًا.