مطالب باستخدام "سلة العملة" لمواجهة صعود الدولار.. وتوجيهات رئاسية بتيسير الإجراءات النقدية

العدد الورقي

  • 49
الفتح - الدولار

كتب – أحمد عمـر

ما زالت أصداء الأزمة الاقتصادية العالمية تلقي بظلالها على السوق المحلي الذي يعاني من أزمة نقص العملة الدولارية وتداعيات التضخم، وارتفع المعدل السنوي للتضخم العام 14.6% أغسطس، وهو أعلى مستوى له منذ أربع سنوات، مقابل 13.6% في يوليو حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ومؤخرًا، قرر البنك المركزي رفع الاحتياطي الإلزامي للبنوك من 14% إلى 18% والتي تقدر بـ600 مليار جنيه، وسط توقعات بأن تسهم رفع الاحتياطي الإلزامي إلى سحب 150 مليار جنيه لامتصاص السيولة الفائضة وكبح جماح التضخم، كما سبق هذه القرارات تعديل بعض القيود على العملة الأجنبية، لحل أزمة تراكم البضائع ومستلزمات الإنتاج المتراكمة في الموانئ.

إجراءات المركزي شملت قرارات من بينها السماح للشركات باستخدام أرصدتها القائمة بالعملة الأجنبية، وقبول عوائد التصدير من دول الجوار لتنفيذ عمليات الاستيراد، واستثناء المكونات المستوردة للسلع الإلكترونية محلية الصنع من قرار العمل بالاعتمادات المستندية، إضافة إلى استخدام تحويلات بالعملات الأجنبية من شركائهم في الخارج في سداد الواردات.

وأولت القيادة السياسية الاهتمام الملحوظ، بالصناعة ودعمها بتسهيل المعوقات التي تقابلها، ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحكومة بتيسير الإجراءات أمام المستثمرين، مؤكدًا على أن الدولة جادة على حل المشكلات التي تعوق الاستثمار والتصدي لها والعمل على حلها، مشددًا على إزالة كافة المعوقات القائمة في مواجهة الاستثمار خلال شهر أو شهرين، بما في ذلك توفير مستلزمات الإنتاج.

وأبدى الرئيس -خلال افتتاح عدد من المشروعات عبر الفيديو كونفرانس- استعداد الحكومة لتشجيع رجال الأعمال من أجل التوسع في إقامة المدارس المهنية لتخريج عمالة ماهرة ومدربة تكون لديها فرص عمل حقيقية؛ تواكب متطلبات سوق العمل والقطاع الخاص الذي يتجاوز 75% من حجم الاقتصاد

أزمة نقص العملة

وحول الوضع الاقتصادي وتأثره بالدولار على الاستيراد والصناعة، قال أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، إن قرارات الحكومة والبنك المركزي أعطت إحساسًا لدى المستثمرين بأن الدولة تقف بجانهم بعيدًا عن الإحباط الذي تعرض له البعض عقب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.

 وأضاف شيحة بأن القرارات الصادرة من وزير المالية بها عنصر إيجابي؛ لكن نجد صعوبة في التنفيذ خاصة عند خروج الشحنة فيحتاج الدفع بالدولار، وهذا الأمر ينطبق على مستلزمات الإنتاج، فضلاً عن أن هناك غرامات تطبق على الشركات المستوردة حال تأخر بضائعها وحاوياتها مكدسة في الموانئ بسبب استخدام الأرضيات، لصالح شركات الشحن، وهي تتبع القطاع الخاص وليست للدولة ولاية عليها.

ولفت بأن الدولة عملت على موضوع تحويل ضبط المهمل بأخذ البضائع وبيعها في مزاد علني، وننتظر وعد الدكتور محمد معيط وزير المالية، بحل هذه الإشكاليات، إسوة بما حققته قرارات خروج السلع بضمان الاعتمادات المستندية.

وشدد عضو شعبة المستوردين على أن السوق ما زال يعاني من أزمة نقص العملة الدولارية، وعلى الدولة أن تتدخل بآليات وأفكار جديدة كأن نتعامل مع الاستيراد بسلة العملات المختلفة، كاليورو الأوروبي، واليوان الصيني، والين الياباني، والروبل الروسي، وكذلك العملات العربية والخليجية من بينها الريال السعودي، والدرهم الإماراتي، والقطري، وغيره لأن نظام السويفت والقطب الأوحد تتحكم فيه أمريكا وتلزم الدول على اتباع سياستها المالية.

ولفت إلى أنه حال العمل بسلة العملات الأخرى والتي تصل نحو 70 مليار دولار ستكون هناك ميزة كبيرة وقد نتفادى من خلالها ما يحدث من تلاعبات وضغوط على العملة الدولارية ويحقق نوعًا من الاستقرار للجنيه مقابل الدولار.

تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية

بينما أرجع الدكتور محمد الجوهري، خبير أسواق المال، تأزم الوضع الاقتصادي إلى نقص الدولار وصعوبة تدبير العملة الأجنبية وتوابع الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في نقص الإمدادات متأثرة بمستلزمات الإنتاج فتعطلت المصانع وتوقفت خطوط الإنتاج عن العمل.

 وأشار إلى أن قرار وقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ العمليات الاستيرادية -مارس الماضي- كان يهدف إلى خفض الدولار مقابل الجنيه؛ لكن ما حدث هو العكس فقد واصل الدولار من ارتفاعاته المدارة وبنسب تكاد تكون ضئيلة على المدى القريب لكنها مؤثرة على المدى البعيد، وتسببت في تعطيل دوران عجلة الإنتاج.

وعزا الجوهري ارتفاعات الأسعار في السلع المنزلية والاستهلاكية وباقي القطاعات الأخرى إلى النقص الشديد في مستلزمات الإنتاج والمواد الخام، مطالبًا بتخفيف قيود الاستيراد تدريجيًا لمواجهة انفلات الأسعار وصعود الدولار الذي يلامس 19.60 جنيهًا في السوق الرسمي وأكثر من عشرين جنيهًا خارج البنوك.

إجراءات حمائية

وحذر من أن نقص العملة الدولارية قد يدفعها إلى مزيد من الارتفاعات، ما يحتاج إلى إجراءات عاجلة مثلما فعلت بعض الدول من بينها اليابان والصين بحماية عملتهما الين التي تراجعت بقيمة 24% خلال عام، بينما فقد اليوان الصيني أكثر 3.7% من قيمته الشرائية خلال شهر واحد، كذلك تدرس لندن حماية الجنيه الإسترليني بعدما انخفض 5% لأول مرة منذ عقدين من الزمان، وسبقته الليرة التركية التي تراجعت لأدنى مستوى لها على الإطلاق خلال العام الجاري لترتفع خسائرها إلى أكثر من 28%، إلى أن أزمة عملة قد يتعرض لها العالم بسبب سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بزيادة أسعار الفائدة التي تنتج تشوهات وتتسبب في انحرافات مالية بداعي علاج التضخم.

وتخوف الجوهري من أن تراجع الملف الاقتصادي قد يشعر البعض بالقلق من سياسة المالية بالتوسع في الاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي، ما يضع الخزانة العامة بين مطرقة أزمة ديون متفاقمة ومعدلات الفائدة التي وصلت إلى أرقام قياسية، وهو ما يتطلب إعادة النظر بشأن الاقتراض الذي أصبح أكثر كلفة ومع تزايد ارتفاع أسعار الفائدة حول العالم يجدر بنا مراجعة كيفية تأثير هذه الزيادة على أموالنا، وبما ينصحنا الخبراء بشأن استراتيجيات الادخار والإنفاق والاستثمار بشكل أفضل للأموال في ظل معدلات الفائدة المرتفعة.