أزمة السودان تتفاقم.. ومصر تستضيف قمة دول الجوار لتخفيف حدة الصراع

خبراء: خطوة جيدة في سبيل حل الأزمة.. والمشهد معقد على أغلب المستويات

  • 30
الفتح - أرشيفية

في ظل تصاعد الأوضاع في السودان وزيادة حدة الصراع المسلح بين طرفي المكون العسكري السوداني، استضافت مصر أمس الخميس "قمة دول الجوار" كمحاولة لتخفيف حدة الصراع وحل الأزمة سلميًا، في ظل عدة مبادرات عربية وإقليمية ودولية لم يكتب لها النجاح حتى الآن.

وتتفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية والإنسانية داخل السودان، مع استمرار موجات تدفق اللاجئين إلى دول الجوار وعلى رأسهم مصر التي استضافت منذ بدء الأزمة وحتى الآن نحو 300 ألف وافد، علاوة على وجود أكثر من 5 ملايين سوداني بها قبل اندلاع الصراع المسلح.

في هذا الصدد، قال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الإفريقية، وممثل الجامعة العربية الأسبق بالسودان، ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، إن المشهد السوداني الحالي يشكل دافعًا قويًّا لدول الجوار كي تتحرك لعقد مثل القمة المصرية يوم الخميس بسبب تداعياتها السلبية على المنطقة كلها.

وأضاف حليمة لـ "الفتح" أن الأوضاع السياسية السودانية متأزمة، والأوضاع الاقتصادية متدهورة، والأوضاع الإنسانية مأساوية، وهناك حرب دائرة في مختلف الأنحاء ليست قاصرة فقط على الخرطوم وإنما امتدت لتشمل مناطق أخرى لا سيما دارفور، وإن كانت طبيعة الصراع تختلف في دارفور والولايات الطرفية الأخرى عما يحدث بالخرطوم، وربما ما يحدث في دارفور بحكم أنه ذو طابع إثني.

وأردف أن انفصال دارفور مستبعد حاليًّا رغم ما يعانيه؛ فأمن السودان وسلامة ووحدة أراضيه مهم جدًّا بالنسبة للسودان ودول الجوار أيضًا، وكذلك أمن منطقة البحر الأحمر، وما يحدث في السودان له بعد تاريخي منذ أيام البشير.

ولفت السفير إلى أن المبادرات التي طُرحت وتعطلت كانت تركز فقط على عملية وقف الحرب وربما شيء من المعالجة للأوضاع الإنسانية، ومع كل أسف لم تحقق أي منها نتائج إيجابية، وربما يعود ذلك إلى أن وقف الحرب يتطلب أولًا فك الاشتباك، وخروج قوات الدعم السريع من العاصمة وعودة الجيش إلى ثكناته، ويكون هناك مراقبون لمتابعة وقف إطلاق النار، وهذا ما لم يحدث؛ وبالتالي لم يكن هناك التزام بوقف إطلاق النار.

ونوه بأنه لا بد بالتزامن مع ذلك من التحرك على المسار السياسي؛ وبذلك يكون هناك نوع من الإلزام لطرفي الصراع على وقف الحرب، وربما تكون قمة دول الجوار بقيادة مصر فرصة لمشاركة القطاع المدني بكامله وليس جزء منه؛ بمعنى أن الاتفاق الإطاري كان قاصرًا على قوى الحرية والتغيير وهي لا تمثل المكون المدني كله، علاوة على أن مفاوضات الاتفاق الإطاري معيبة في كثير من الأمور، ولو شارك المكون المدني بكامل طوائفه ربما يكون هناك حراك أفضل ونوع من الضغط على طرفي الصراع لوقف تلك الحرب؛ خاصة إذا كانت هناك رؤية جيدة لحل ودمج قوات الدعم السريع، والمحافظة على الجيش السوداني كمؤسسة عسكرية مع بعض الإصلاحات والتحديثات.

وتابع أن تلك الأحداث لها تأثيرات مباشرة على دول الجوار سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا لا سينا مع تدفق اللاجئين، ويؤثر أيضًا في أمن منطقة البحر الأحمر والاتحاد الإفريقي ومنطقة الساحل، وهناك مخاطر جسيمة تهدد أمن واستقرار المنطقة عامة.

أما الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة في الشؤون السودانية ومديرة البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وعضو المجلس المصري للشؤون الإفريقية، فترى أن المشهد السوداني معقد وهناك تصعيد عسكري صعب، وتدخل الأطراف الخارجية من أجل تسوية الأزمة يبدو غير مؤثر حتى هذه اللحظة، والأمل معقود على تحجيم الصراع العسكري أولًا خلال هذه الفترة.

وأضافت "الطويل " لـ "الفتح" أن قمة الخميس التي تستضيفها مصر هي مبادرة مصرية جيدة تحاول بها القاهرة نقل الصراع إلى عتبة جديدة هي الحوار السياسي بشروط محددة، لكن هناك مصالح وتدخلات وتناقضات لذلك فإن الضغط الخارجي المباشر على طرفي الصراع يبدو حساسًا جدًّا؛ وهذا ما أدى لعدم نجاح المبادرات المختلفة خلال الفترة القريبة، ومن الصعب توقع نجاح أي من المبادرات خلال الفترة المقبلة، ونحن نترقب مخرجات قمة الخميس، وكذلك مخرجات الاتفاق الإطاري التي من المنتظر أن تدعم عقد قمة أو تفاعل بين المكون المدني والاتحاد الإفريقي وبعض الدول الأخرى.

وأردفت أنه بخصوص "فاجنر" فالاستخبارات الأمريكية تشير لوجود تحالف بينها وبين قوات الدعم السريع، وهناك كلام عن وجود مشروع لـ "فاجنر" عابر للسودان يرتبط بالتوافقات العسكرية وأنها تدعم حميدتي.

وتابعت أنه بخصوص دارفور، فقد حدث اجتماع في العاصمة نجامينا التشادية بين قيادات حركات دارفور المتنازعة لتهدئة الموقف والتشاور بينهم وهذه خطوة جيدة، لكن من المحتمل أنه على مستوى آخر ربما تحدث ترتيبات منفصلة تغير المشهد. مؤكدة أن الوضع هناك تحول بالفعل إلى حرب أهلية شاملة؛ فما يحدث فيها وفي شمال كردفان نوعًا من أنواع الحرب الأهلية فتدخل القبائل بجانب دعوة حاكم إقليم دارفور لحمل السلاح دفاعًا عن الممتلكات كل ذلك يؤكد أنها حرب أهلية.

وأشارت الخبيرة في الشأن السوداني إلى عدم إمكانية توقع زمن انتهاء الصراع؛ فعمطياته قائمة حتى الآن، لكنه صراع مؤثر جدًّا على الأمن القومي المصري من الناحية الاقتصادية في ظل الضغوطات الاقتصادية الحالية وتدفق اللاجئين، وكذلك الناحية الأمنية والأمن المائي.