بعد موافقة "النواب".. تغليظ العقوبات وحده ليس كافيًا.. "التربية " تبحث عن مكانها في مواجهة التحرش والتنمر

خبراء: دور الدعاة والمسجد والحجاب مهم.. والمشكلات الجذرية يجب حلها أولًا

  • 30
الفتح - لا للتحرش أرشيفية

وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات؛ لتشديد عقوبات جرائم التحرش والتنمر، التي ظهرت في الفترة الأخيرة، لكن خبراء حذروا من أن ذلك ليس كافيًا ويجب حل المشكلات من جذورها متسائلين عن دور التربية في ذلك.

ويتناول مشروع القانون حالات ارتكاب هذه الجرائم في أماكن العمل أو في وسائل النقل أو بمشاركة عدة أفراد، وذلك استنادًا إلى خطورة هذه الجرائم على المجتمع وتأثيراتها النفسية والاجتماعية على المتضرر وعائلته.

ومن جهته وصف الشيخ عادل نصر، المتحدث باسم الدعوة السلفية، الظاهرتين بأنهما "إجراميتين" وغريبتين عن مجتمعنا الإسلامي، لافتًا إلى تفشيهما في مجتمعاتنا بعد أن انسلخ كثير ممن وقع فيهما من قيمنا وأخلاقنا الإسلامية، هذه القيم والأخلاق التي تميز المجتمع المسلم بها عبر تاريخه ولذلك عُرف بالنقاء والصفاء.

وأكد أن عودة مجتمعنا المسلم إلى قيمه ونقائه وخصائصه العظيمة وذلك بالتخلص من هذه الظواهر الدخيلة عليه لا يقف على تغليظ العقوبة فهو وحده لن يحقق المقصود الذي نسعى إليه جميعًا.

وقال "نصر" -في تصريحات خاصة لـ "الفتح"-: لابد أن تصحب تغليظ العقوبة أمور أخرى، ومنها: الأمور التربوية التي تخص التربية والتعليم بتربية النشء على الفضائل وترك الرذائل، وتربية شبابنا على النخوة والرجولة وأخلاق الإسلام، وكذلك غرس التعاليم الدينية التي تجعل الإنسان يدع ما يُغضب الله عز وجل وما يشين ابتغاء مرضاة الله بوازع من داخله يدفعه إلى التخلق بالأخلاق الحميدة والبعد عن الرذائل، لا لكون عقوبة دنيوية تطارده أو تنتظره، وإنما خوف من الله عز وجل كما كان حال أمتنا عبر تاريخها المجيد.

وأضاف: وكذلك لابد من توعية عامة ودعوة بأهمية الحجاب الشرعي، وأن تخرج المسلمة من بيتها محجبة بعيدة عن كل ما يثير الغرائز ويثير الشباب؛ وكذلك التربية على تعاليم الإسلام التي تمنع من احتقار المسلم وغير المسلم وتحضه على الاحترام والأدب، منوهًا بأن هذا لن يتم إلا بتضافر الجهود التربوية والدعوية، وكذلك الإعلامية بأن يؤدي الإعلام دوره البناء لا الهدام، والبعد عن المسلسلات الهابطة والأفلام الماجنة وغير ذلك مما أفسد أخلاق المجتمع وكان سببًا في تفشي الرذيلة وساعد على الانحراف؛ فلابد للإعلام من تأدية الرسالة المنوطة به في البناء لا الهدم.

وأشار المتحدث باسم الدعوة السلفية إلى أهمية دور الدعاة، وأن يعود المسجد إلى وظيفته ودوره في صناعة الشخصية المسلمة القويمة، وكذلك لابد أن يصحب هذا السعي في منع المواقع الإباحية التي تدمر أخلاق الشباب وتهيج الغرائز ويترتب عليها ما نراه من الجرائم، ولابد أن يكون للدولة موقف في هذا الشأن وعقوبات أيضًا في هذا الباب وغير ذلك مما ينبغي أن نسير فيه من محاور متعددة ومتضافرة ومتعاونة؛ للوصول إلى المقصود.

وبدوره، يرى الدكتور أحمد حمدي، عضو مجلس النواب عن حزب النور، أن كلمة إيحاءات التي تضمنها القانون كلمة فضفاضة وغير محددة، كما أنه يُخشى من المكايدة من خلال استغلال أي نوع من أنواع الخلاف والخصومة في الادعاء بأن فلان تحرش بفلانة أو قام بإيحاءات مع سهولة الإتيان بالشهود الزور لإثبات هذا الادعاء، منوهًا بأن هناك كثيرًا من الظواهر لا يكون الحل فيها بتغليظ العقوبة؛ لأن أحيانًا يميل القاضي إلى البراءة عندما تكون العقوبة مبالغًا فيها.

وأكد "حمدي" -في تصريحات خاصة لـ "الفتح"- أن هناك كثيرًا من الظواهر لا يكون الحد منها أو القضاء عليها بتغليظ العقوبة فقط؛ ولكن لابد من البحث عن الأسباب الجذرية والعمل على حلها، مشيرًا إلى أن جذور مشكلة التحرش ترجع إلى مشكلة أخلاقية في المجتمع كله، وهذه المشكلة فيها مسئولية فردية وأسرية، ومسئولية في التعليم والإعلام والثقافة والأوقاف، ومسئولية كبيرة أمام أجهزة الدولة والوزارات المعنية، وكذلك مشكلة أخلاقيات المجتمع، ومشاكل المواقع الإباحية وإشعالها للشهوات والغرائر.

وأوضح "نائب النور" أن من المشاكل أيضًا عدم مراقبة البيت للأبناء، بالإضافة إلى التغريب الذي تأثر به كثير من النساء من حيث طبيعة الملابس الضيقة والتي تؤدي إلى كشف العورات وإبراز المفاتن وتتسبب في لفت أنظار الرجال فهي قضية شائكة ومتشابكة، قائلًا: طبعًا ليس معنى ذلك أننا نبرر للمتحرش ما يفعله، ولكن نجرم ما يفعله ونغلظ عليه وفي نفس الوقت لابد أن نقول لمن تتسبب في جزء من المشكلة "انتهي عن ذلك ولا تكوني سببًا في إثارة الغرائز والفتن، خاصة مع كثرة الاختلاط الذي يحدث في الجامعات والمواصلات والنوادي والشواطئ".