ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

رحاب حجازى

  • 40

شرع الله لنا أمة الإسلام من الأعياد ما يفرحنا ويدخل السرور على قلوبنا، ويشبعها باكتفاء، وأعيادنا نحن أهل الإسلام عيدان عيد الفطر، وعيد الأضحى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كان لكم يومانِ تلعبونَ فيهما، وقدْ أبدَلَكم اللهُ بهما خيرًا منهما: يومَ الفطرِ، ويومَ الأضحَى)، أولهما وهو عيد الفطر يأتي بعد انتهاء شهر رمضان المبارك مباشرة وهو يوم الفطر نفسه، الموافق أول يوم من شوال، جعله الله عيدًا لإتمام المسلم فريضة الصيام، شكرًا لله وفرحًا بنعمته فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه ".

وها قد أتى العيد بينما تمر الأمة بأحداث جسام واعتلت الهموم والآلام ملامح الوجوه، وتأثرت القلوب حزنًا، وقد نسمع البعض تطفو أحزانه فوق بهجة العيد فيمتنع عن إظهار الفرحة أو يمنع أولاده عنها أو يلوم من يظهر فرحته بعذر أنه لا يستطيع أن يفرح في ظل الظروف الحالية.

وهنا لنا وقفة وتذكرة أن الأعياد شعيرة من شعائر الله عز وجل جعل فيها شعائر دينية ظاهرة كصلاة العيد والخطبة، وتجمع المسلمين على الطاعة؛ لذلك إظهار الفرح بقدوم العيد من تعظيم شعائر الله، إظهار الفرح والسرور في العيد سنة في الإسلام، وهو مما شرعه الله تعالى لعباده، لذلك فقد كان من أعمال القلوب أن تعظم هذه الشعائر وتظهر الفرح بها لقوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).

ومن مظاهر الاحتفال بيوم العيد في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في إظهار السرور في هذا اليوم وتأكيده، بالغناء والضرب بالدف واللعب واللهو المباح، وأكد أن هذا من شعائر هذا الدين.

وقد أَذِنَ أيضًا لبعض الأحباش باللعب بالحراب والدَّرَق في المسجد في يوم عيد، وقد رُوي أن عمر رضي الله عنه أراد أن يمنعهم من هذا اللعب، وذلك برميهم بالحجارة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَعْهم يا عمر، حتى تَعلمَ اليهود أن في ديننا فسحةً، وأني بُعثت بحنيفية سمحة".

وهذا يدل على الابتهاج في أيام العيدين، بكل الوسائل المباحة من لعب ولبس جديد وصلة أرحام وتوسعة على الأهل والولد، بل إن الشرع زاد في الحرص على الفرح أثناء العيد حتى إنه نهى عن زيارة القبور حتى لا تتعكر هذه الفرحة ولا شيء يغلب بهجة القلب يوم العيد، فجلب الأحزان على القلب ليس من الدين وإنما الترويح عنها والتخفيف.

وأيضًا في مشاركة الأطفال فرحة العيد لمحة تربوية إيمانية فهي تحمي قلوبهم من التأثر والتقليد بالأعياد البدعية وتربي بداخلهم الانتماء لهذا الدين.

فالحمد لله على التمام وعلى البلوغ، مهما كنت مشغول البال أو مهموم أو مبتلى أو تواجه من ضغوط أفرح بعيد الله أعاده الله علينا وعليكم باليمن واليسر والبركات.

وكل عام وأنتم بخير.