وظيفة العمر

شيماء عبد الحميد

  • 16


ونحن على مشارف النهاية وعلى وشك أن نُوَدِّعَ الشهر الفضيل لا تنفك ألسنتنا عن اللهج بالدعاء بالمغفرة بقبول العمل، والواقع أن التوبة وطلب المغفرة هما وظيفة العمر للمسلم، يبقى عمره يرجو توبة صادقة، يموت بعدها، حتى كان الدعاء اللهم ارزقني قبل الموت توبة.

توبة واحدة صادقة تطيح بسنوات المعاصي كلها وصحائفها السوداء، توبة واحدة وقبول وغفران تكتب النهاية السعيدة لحياة المؤمن، نظل طوال أعمارنا نبحث عنها ونلهج بها حتى بعد الصالحات من الأعمال نسأل الله أن يغفر لنا تقصيرنا.

والله تعالى يقول : (وَتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). قال السعدي: لأن المؤمن يدعوه إيمانه إلى التوبة ثم علق على ذلك الفلاح، فقال: (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة، وهي الرجوع مما يكرهه الله، ظاهرًا وباطنًا، إلى: ما يحبه ظاهرًا وباطنًا، ودل هذا أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة، لأن الله خاطب المؤمنين جميعًا، وفيه الحث على الإخلاص بالتوبة في قوله: (وَتُوبُوا إِلَى الله) أي: لا لمقصد غير وجهه، من سلامة من آفات الدنيا، أو رياء وسمعة، أو نحو ذلك من المقاصد الفاسدة.

وحتى سيد الخلق -صلّى الله عليه وسلم- الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يكثر من التوبة والاستغفار، ثم يقول (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة). رواه مسلم، قوله: "ليغان"، الغين: الغيم، والمراد ما يغشاه من السهو الذي لا يسلم منه البشر، بأبي هو وأمي، وهذا وهو سيد الخلق وأعبد الناس وخليل الرحمن يقول هذا ويفعل هذا! فكيف بنا بعيوبنا وذنوبنا!

فحاجتنا إلى التوبة ماسة، بل إن ضرورتنا إليها مُلِحَّة؛ فنحن نذنب كثيرًا، ونفرط في جنب الله ليلًا ونهارًا؛ فنحتاج إلى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين الذنوب.

 إن التوبة وظيفة العمر، وبداية العبد ونهايته، وأول منازل العبودية، وأوسطها، وآخرها، ثم إن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون؛ فالعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات، والحسن البصري يقول: (أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم وأينما كنتم فإنّكم لا تدرون متى تنزل المغفرة)

فلتكن الطاعة التي نخرج بها من الشهر الكريم وهو على وشك الرحيل كثرة الاستغفار ولزوم التوبة والرجوع إلى الله تعالى، ونرجو أن يشملنا فضل الله تعالى فيتوب علينا ويجعلنا من المقبولين.. آمين